ما معنى أن يقتل ستة من أبناء المجتمع العربي في يوم واحد، اليوم الاثنين الثالث من شباط الجاري؟ وما معنى أن يقتل ثلاثة أشخاص من بلدة واحدة كما حصل في أبو سنان الليلة الماضية وثلاثة أشخاص قبل يوم؟ ما معنى أن يحصل هذا الاجرام العلني دون رد فعل أو اجراء ما من قبل المسؤولين عن هذا الملف؟ باستثناء اعلان نقابة الأطباء عن اضراب احتجاجي لمدة ساعتين صباح الغد، لكون القتيل الأخير هو الدكتور قاسم عوض من قرية المزرعة، طبيب الأطفال الذي قتل في عيادة المرضى في قرية كفرياسيف؟
ليس هناك من تبرير أو تعليل سوى أن الضحايا هم من العرب، ودم العربي مباح طالما أنه عربي. أليس الهتاف في الملاعب والشوارع الإسرائيلية "الموت للعرب" مباحا وشرعيا؟ ألا تعتبر الاعتداءات على العرب في المؤسسات والجامعات وأماكن العمل مفهومة ومسموح بها؟ كيف تمر جرائم القتل في المجتمع العربي دون حسيب أو رقيب؟ كيف لا يتم العثور على القاتلين والقبض عليهم، طالما كانوا من العرب؟ كيف لا يتم الكشف عن عشرات بل مئات الجرائم، التي طالت المواطنين العرب؟
لم تعد هناك كلمات تشفي الغليل، أو مظاهرات واضرابات تحقق المستحيل. لقد استنفذ المجتمع العربي وسائله، ولم يعد يملك الأدوات لمحاربة الجريمة في عقر داره. وبات يقف عاجزا، مستسلما أمام هذه المعضلة التي ألمّت به وهو غافل عما يبيّت له من ضربات. وأقصى ما ردده المسؤولون في المجتمع العربي، وكرره من بعدهم معظم المواطنين بأنه تم اجتياز "الخطوط الحمر"، وفي الواقع لم أجد أسخف من هذا التعبير الذي فقد معناه. فالخطوط الحمر قطعت منذ سنوات وليس اليوم فحسب، والاشارات الحمر أضيئت منذ سنوات لكن تجاهلها المسؤولون. لقد طمروا رؤوسهم في الرمال وقالوا "ما زال مجتمعنا بخير". كذبوا الكذبة وصدقوها. رأوا المستقبل وما يحمله من شرور، وأغمضوا عيونهم. سمعوا صافرات الانذار وأصموا آذانهم.
والمسؤولون في الوزارات الحكومية، غضوا الطرف عما يجري في المجتمع العربي، من تجاوزات قانونية وأخلاقية، مستهينين بالأمر طالما يتم في الملعب العربي. قالوا ما لنا ولهم، طالما أن "الفخار يكسر بعضه"، فلنتركهم يعبثون بمصيرهم طالما أن ذلك لا يمس أمننا.
ماذا بقي لنا أن نفعله؟ هل نكتفي بما يردده البعض من شتائم وإطلاق الإهانات الذاتية؟ أم نواصل نشر الأوهام بأننا شعب يستحق الحياة؟ لا هذه تنفعنا ولا تلك. لذا لم يعد هناك من طريق إلا إعلان العصيان المدني حتى تتوقف إباحة الدم العربي.
[email protected]
أضف تعليق