زَمن "الأسد" قد وَلّى وأندحر، فَخرَّ فاراً من حصنهِ خوفاً من مُحاسبتهُ، جراءَ تنكيلهِ بمَن نُصِّبَ عليهم ملكاً! فهَل يَكون رحيل الطاغيةِ، رمزاً لتحرير الوطن؟ بهِ يُطوَى فصلُ الظلم والتعذيب والتهجير المستمر لمجازر إنسانية تُفتعل، بأرضٍ سُبيَت حُرماتها، ودُحضَت أعرافها، وأستُنكِرت دياناتُها، وأستوطنت مُعاناتها قلوب شعبِها، وتَشتتَ أهلُها بين زنازين الظُلم وسطَ ظلامٍ دامِس أغدَقٕ عيونهُم عن رؤية المَفَر. جراءَ نظامٍ مجرمٍ تعَددت وسائِلهُ وأساليبهُ الغَبراء، للإبقاءِ على كُرسي التّملُّك. فقد شَهِدت سوريا ماضٍ يحملُ طابعاً دكتاتورياً، طُبِقَ بِحزمٍ لمدةِ رُبع قرن على يد بشار الأسد الذي توارث الحكم من والدهُ، حافظ الأسد الذي قاد عام 1963 انقلاباً داخلياً لحزب البعث على السُّلطة تحت مُسمى الإصلاح الاشتراكي، ونصَّب رئيساً لسوريا على مدار 30 عاماً، ليُخلفهُ بشار للرئاسة. الذي واجهت حكومتهُ في مارس 2011 تحدياً لسلطتها، بإندلاع احتجاجات مؤيدة للديمقراطية، فاستُخدِمَ العنف على يد الشرطة والجيش وقوات عسكرية لقمع المظاهرات والميلشيات المعارضة، حتى توسَّع الصراع لحرب أهلية أو بتسميتها الأصح حملة قمعية، نظراً لافتقاره الأمان والاستقرار المُعدم لفئات سوريا بأجمعها. ووِفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن أكثر من 157 ألف شخص قَبعوا في مراكز الإعتقال أو أختفوا قَسراً منذ عام 2011. كما وتشير المعطيات إلى أهوال دكتاتورية الأسد الذي قتلَ نصف مليون سوري، إضافةً إلى نازحين ولاجئين.
كانت الثورة إنبثاقاً وانبعاثاً من ماضٍ ذَلَّ، ونظامُ حُكمٍ مُستَبد. فما كان لشعبٍ عانى الأَمرَّين إلا أن قاومَ لِتَصفيةِ حساباتٍ سياسية وإنسانية، بعدَ صَحوةٍ لِتحقيق الأمان الذي سُلِبَ بوحشية، كَنهجٍ مُشرَّع الذي دَعى لهُ الحُكم الغابِر. فإنَ إطلاق منهج التَفرقة الذي عاصرتهُ سوريا عبرَ أكثرَ من عقدين، تَسببَ في تَشتيت مواطنيها جراء أنشطة واضطرابات سياسية، تَمثَّلت في تعداد الفصائل الهشة المؤيدة والمعارضة للنظام بَدلاً مِن وِحدَتها. فأنغَمست أرض الشام في بؤرةِ الطائفات، بِغيةً من الأسد المُجرم بِمَأمنهِ على الكُرسي. وأستولَت بِعَصرهِ العقيدة الشيعية زِمام الأمور في سوريا، وتحوَلت أرضُها إلى مَشاعٍ للفسادِ المُحدِق لِكُل من يُعارض الدستور.
فكانَ اليومُ الثامن من ديسمبر، إعلانُ كلمة الحَق التي تجسَّدت بسقوط الأسد وحاشيتهِ نحو الهاوية، كأقل عقوبة للإنتقام. في أعقاب معركة أثبتت سيطرة المعارضة المسلَّحة على بلادها في سبيل تحرير مصير شعبها، ورغبةً لبناء عدالة سوريا المُنتَهكة، التي دُمرت حضارتها تَعسُفاً حتى آلَت إلى احتضارها، على أمل العُثور على نهاية للألم المُتعفِّن لعقود، ولجُثث هزيلة حُرِمت من حفظ كرامتها في السجون، وزُجَّت في معتقلات نكَّلت بقسوة لا تعرف الرحمة والإنسانية، خشيةَ الإطاحةِ بنِظام أسد الغاب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]