بقلم هادي زاهر
كانَ هُناك شخص جشع يَمْلك طُموحات عَريضة كما اسماه! بَرّر ذلك بأنّ الله سبحانه وَتَعالى قد أوصى لَهُ بامتلاكِ هذا المكان لِذلِكْ أَخَذَ يُبالِغ في الاعتداءِ على كُلّ مَنْ حّوْله وَلَمْ يراعِ الْقِيَمْ الإنسانيّة في عدوانهِ، وكان لَديه قطّ يؤنسه وقت فراغه فَوَجَدَ مِنَ الْمناسب أن يُغَنّجَهُ وَلا سيما وأنّ هذا الْقِطّ كانَ يُساعدهُ في مهمّاتهِ حيث يَقوم بالمواءِ بِصَوْتٍ عالٍ وَعِنْدَما يَقْتَرِبُ أحد الجيران مِنْ مَكانِ سكناه فَيَلْفِت انتباهه لِذلك قدَّم لَهُ كُلّ ما لذّ وطاب، هذا في حين أنّه كانَ يَعْتَبِرَهُ مُجَرّد حيوان وَضيع لَيْسَ إلّا، بالرّغمِ مِن اسْتِلطافه لأنّه كانَ يَلْوي ذنبه ذليلًا وَيساعدهُ مُطيعًا وخاصّة عندما كانَ يَتَسلّل في أحشاءِ اللّيل إلى دار جيرانه لِسرقةِ ما لديهم مِن لُحومٍ وَأغذية مُختلفة، وَهكذا وَجَدَ في القطّ رُكنًا مِن أرْكانهِ يَعتَمِدَهُ في الكثيرِ مِنْ مَهَمّاتهِ الصّعبة، وَجَدَ فيه فِلتة قَدْ لا تتكرّر لدى القطط، وطبعًا كان يَفْهَم رغباته دون الإشارة إلى ذلك، وَمِنْ شدّة ما كان سَعيدًا به وَجَدَ مِنَ الْمُناسب أن يُطلق عليه اسمًا يليقُ بخدمتهِ، وَبَعْد تفكيرٍ طَويلٍ وَسرد أسماء البشر، قرّر أن يطلقَ عليه اسم ” يوسف”، يوسف اسمًا لَهُ دلالة كبيرة تليق بهذا القطّ الأليف حتّى النّخاع، وكان قد أُصيبَ القطّ تحت الأرزة
أثناء تطوّعه في أداءِ مُهِمّة الاعتداء على الجيران الّذين يسكنون في بلادِ الأرزِ وَالجمال، كانت الإصابة بالغة ممّا اقتضى علاجه لفترة، وبعد أن تمّت معافاته أخذ صاحبه يرسله إلى أماكن قريبة وأحيانًا بعيدة لمهمّات تبرّر طَمَعه وَعدوانه اللا محدود على الجيرانِ وشاهد صاحبه بأنّ قطّهُ يَنجح نجاحًا باهرًا خاصّة ضدّ أبناء جلدته فاحتضنه بشدّةٍ وقرّر تقديم الدّعم المعنويّ فوفّر له الكثير من العطاءات منها أنّه طلب من إدارة معهد مقام على أراضٍ منهوبة أن توفّر له شهادة فخريّة وجائزة أخرى على اسم أحد القادة السّابقين لقومهِ، سُرَّ القطّ بهذه الأوسمة وضاعف في خدمة سيّده، كان يدلق نفسه بمناسبة وغير مناسبة أمام أقدام سيّده يلعقها كما يلعق ذنبه، وكم كان هذا القطّ نزرًا لا سيما عندما كان يسير بين أقدام أقرباء سيّده، يمسد ظهره بها، يَطمح في أن يُمسد على ظهره أحد الحضور ولكن قام أحد هؤلاء بالدّوس على ذنبه وركله وهو يقول له “نحن لا نحترم من يخدمنا خسيسًا بل نقرف منه!!”وعندها لم يجد الرّدّ المناسب على الإهانة والتّحقير الّذي صُعِقَ به ففغر فاه ليبثّ الجراثيم في الفضاء وهو يرفع صوت مواءه حتّى سُمع نباحًا، وهكذا وقع القطّ في دوّامة من الحيرة الأليمة، هل يتوقف عن خدمة صاحبه ويهاجر؟!
وبعد حوار طويل مع ذاته قرّر أن يبقى مع صاحبه يخدمه ما دام يغدق عليه الطّعام واستمرّ بالنّباح الشّديد على كلّ من يقترب من سيّده.
[email protected]
أضف تعليق