آلاف المرضى في البلاد ينتظرون ضمن قائمة الانتظار القطرية لزراعة أعضاء حيوية لإنقاذ حياتهم، وقسم منهم يموت للأسف خلال سنوات الانتظار الطويل لوصول العضو المنشود. سنوات الانتظار الطويلة، مصحوبة بمعاناة صعبة الوصف، للمريض ولعائلته ولأحبائه. كما ويحتاج الأمر أحيانًا إلى الحظ، بسبب اعتبارات تحديد من هم بأمسِّ الحاجة لاستقبال عضو وصل نتيجة حالة وفاة طارئة من متبرع.

حول هذا الموضوع تحدثنا مع د. عبد خلايلة، أخصائي جراحة الكبد والبنكرياس، ومسؤول وحدة زراعة الأعضاء في مستشفى هداسا عين كارم.

بدايةً، ما هي مبادئ تخصيص الأعضاء؟

هناك قائمة منتظرين قطرية واحدة تابعة للمركز الوطني لزراعة الأعضاء التابع لوزارة الصحة، وتشمل معطيات محوْسبة، يتم تحديثها باستمرار للمنتظرين للزراعة، لكل مريض مواطن في البلاد وفقاً لتوصية طبيبة. إزاء كل عضو هناك منظومة معايير للتخصيص، يتم تحديدها وفقًا للمرَكبات المطلوبة للملاءَمة بين المتبرع والمتبرَع له (مثل نوعية الدم الوزن والطول)، وحسب مرَكبات العضو نفسه من ناحية الأهلية المناعية (مدى الحاجة إلى ملاءمة نسيجية) وحسب احتمال منح جودة حياة وإنقاذ حياة (معطيات سن، مدة الانتظار، نتائج فحوصات دم وما شابه) ومعايير أخرى سأتطرق لها لاحقًا. عند وصول عضو من متبرِّع، صادقت عائلته على التبرع في أحد مستشفيات البلاد، تنقل معطياته إلى المركز الوطني لزراعة الاعضاء وتخزن في المنظومة المحوْسَبة. تفحص المنظومة بشكل تقاطعي معطيات المتبرع، مع معطيات المنتظرين وتبحث عن المرضى الأكثر ملاءمة للزراعة. منظومة تخصيص الأعضاء تعمل بصورة متساوية وشفافة. إعطاء أفضلية الدور للزراعة، حسب خطة الأفضلية تستند إلى قانون زراعة الأعضاء 2008بند 9(ب) (4). ويشمل نقاط استحقاق وفق المعايير الطبية المختلفة.

في حالة وجود مريضين أو أكثر من قبل الحاسوب بنفس قدر الاستحقاق للحصول على العضو، يتوجه المركز الوطني لزراعة الأعضاء إلى مستشارين مهنيين لإجراء نقاش طبي واتخاذ قرار بهذا الخصوص. في حالة عدم اتخاذ القرار يواصل المركز مشاوراته مع اختصاصيين آخرين يتمّ تعيينهم لهذا الغرض، لا صلة لهم بالمستشفيات المفروض أن تجرى فيها الزراعات. وأحيانا يشارك رئيس لجنة التوجيه في اتخاذ القرار وأحيانًا المدير العام لوزارة الصحة.

هل هناك اختلاف في معايير التخصيص ونوع الأعضاء؟

طبعًا، لأن ذلك يؤثر بشكل مباشر على سلامة المريض ووضعه الصحي، فمثلا: تخصيص القلب يتم حسب ملاءمة نوع الدم ووزن الجسم بين المتبرع والمتبرَع له وحسب الأقدمية في قائمة الانتظار القطرية لزراعة الأعضاء. كذلك تؤخذ بالحسبان خطورة مرض المرشحين للزراعة. قائمة المنتظرين تقسم وفقًا لخطورة وشدة حالة المرض ولا تتعلق بجيل المريض لمرضى القلب بينما معايير زراعة الكلى مختلفة بسبب غياب العجالة أو خطر الحياة بشكل عام.

عند وجود قلب للزراعة، تخزن معطيات نوع دم المتبرِّع، ومقاييس جسده، يفرز الحاسوب قائمة المنتظرين الملائمين من ناحية مقاييس جسدهم وفحص أقدمية المتسجل ضمن قائمة الانتظار القطرية. أقدمية أكبر تمنح افضلية وإذا كان موقعًا على بطاقة آدي يُمنح نقاطًا إضافية وهناك معايير أخرى مفصّلة على موقع المركز الوطني لزراعة الأعضاء ووزارة الصحة.

العجالة الطبيّة لزرع القلب مثلا، هي الاعتبار الأول عند اتخاذ قرار التخصيص لزراعة قلب، لذلك فان التبرع بالقلب يُقترح أولاً على المنتظرين من الوضع الصعب. الاعتبار الثاني الذي يفحص هو نوع الدم. حيث يُقترح القلب أولاً لأصحاب نوعية دم مماثلة، وفي حالة عدم وجود منتظر مستعجل بنوعية دم مماثلة تفحص إمكانية زراعة القلب في جسد مريض مستعجل آخر. في حالة وجود مرشحين أو أكثر ملائمين لنفس تبرع القلب، يناقش أطباء القلب الذين يعالجون المرضى، مَن هو المنتظر الأشد حاجة للقلب. في حالة عدم التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، يقرر طبيب قلب خارجي بعد سماع الأطراف وبعد زيارة المرضى والاطلاع على حالتهم. الطبيب الخارجي تابع للمركز الوطني لزراعة الأعضاء ولا صلة له بالمستشفيات التي تتمّ فيها زراعات القلب من أجل ضمان الموضوعية والشفافية في تخصيص الأعضاء.

ماذا عن تخصيص الكبد?

هناك طريقتان لتخصيص زراعة الكبد: البالغين والأولاد.

يستند تخصيص الكبد للبالغين إلى صيغة حسابية تم تطويرها من قبل أحد مراكز الزراعات المهمة في الولايات المتحدة الأمريكية-هذه الطريقة تم تبنيها على يد المنظمة الأميركية لتوزيع الأعضاء (UNOS) لاحقًا على يد غالبية الدول الغربية بما فيها بلادنا. هناك عدد من المعادلات والطرق المحوسَبة والطبية لتحديد درجة خطورة مرض الكبد واحتمالات العيش بدون زراعة. منها طريقةMELD وهي عبارة عن معادلة تأخذ بالحسبان أربعة معايير طبية مركبة تعكس أداء الكبد وأداء الجسم بشكل عام. وهناك معادلات إضافية تتطرق إلى أمراض مثل أورام الكبد وأمراض أخرى تمنح أفضلية للمريض في قائمة الانتظار القطرية، وهناك معادلات إضافية تتطرق للمرضى بحالة صعبة مثل فشل الكبد الحاد والخطير.

أما بالنسبة لتخصيص كبد لدى الأولاد فتقسم إلى قسمين: أولاد حتى سن 18 يسجلون في قائمة خاصة للأولاد ويدّرجون حسب خطورة المرض، هذه القائمة تُفرّق بين أولاد حتى سن 12 سنة وأخرى فوق سن 12سنة: أولاد حتى سن12 تُحسب خطورة المرض حسب طريقة التخصيص للأطفال PELD Score - PELD = Pediatric End-Stage Liver Disease وهي معادلة حسابية تستند إلى نفس مبادئ طريقة التخصيص للبالغين، لكنها تأخذ بالحسبان معايير إضافية. لكل مجموعة توجد قائمة منفصلة للحالات المستعجلة والخاصة، مثلا الذين يعانون من مرض كبد خطير، حسب معايير محدّدة، أو يعالجون سريريًّا بحالة خطيرة.

كيف تمّ إيجاد كبد لشاب من قضاء الناصرة خلال ثلاثة أيام فقط؟

قبل عدة أشهر أشهر وصل مريض من إحدى القرى في منطقة الناصرة وكان قاصرًا وناسب المعايير الإضافية المتعلقة لتخصيص كبد مثل الخطورة والجيل والملاءمة الطبية للعضو المتبرع وأجريت له العملية الطارئة للزراعة خلال ثلاثة أيام فقط! وبنجاح تمّ إنقاذ حياته. هذه حالة خاصة تكللت بإنقاذ حياة لكني أتذكر أنني لا أستطيع إنقاذ حياة عشرات المرضى الذين يموتون كل عام خلال الانتظار في قائمة الانتظار القطرية، بسبب عدم وصول أعضاء لمتبرعين. وهنا أريد ان استغل هذا المنبر والتوجه إلى الجمهور بضرورة التكاتف الاجتماعي وضرورة تشجيع التبرع بالأعضاء والتوقيع على بطاقة "آدي" التي تُعتبر وصية روحانية يسمح من خلالها الإنسان الموقِّع على التبرع بأعضائه بعد وفاته بعد موافقة عائلته. كما وأن التوقيع على البطاقة يمنح أفضلية للموقع إذا احتاج هو أو أحد أفراد عائلته لزراعة أعضاء مستقبلا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]