كشفت وثائق جديدة عن ممارسة شركة Meta، المالكة لمنصات فيسبوك وإنستغرام وواتساب، تمييزًا في مراقبة المحتوى العربي مقارنةً بالعبري. حيث أظهرت الوثائق أن Meta لا تمتلك نفس عمليات المراقبة والتدقيق في المحتوى العبري مقارنةً بالمحتوى العربي. وقد أكّد موظف في الشركة أن سياسات Meta تميز بين نوعي المحتوى. في الشهر الماضي، وثّق مركز متخصص أكثر من 130 حالة انتهاك للمحتوى الفلسطيني، منها 93 حالة تمثلت في حذف الحسابات والصفحات بشكل كامل. وأشار التقرير إلى أن معدلات المراقبة الاستباقية للمحتوى العربي المحتمل انتهاكه كانت أعلى بكثير من معدلات المراقبة الاستباقية للمحتوى العبري. كما أن منصات Meta كانت على رأس الشركات التي تمارس رقابة على الأصوات والسردية الفلسطينية رغم التحسينات التي تعهّدت الشركة بتنفيذها. وقد تباينت مواقف شبكات التواصل الاجتماعي إزاء حرب غزة وتطبيق سياساتها على المحتوى المتداول بشأنها، حيث اتفقت جميعها على حظر بعض المنصات. توصي الدراسة بالاستمرار في الحملات الرقمية للكشف عن انتهاكات Meta للمحتوى الفلسطيني والمطالبة بتطبيق سياسات تضمن العدالة الرقمية.

التقرير ليس مفاجئ

وفي حديث لموقع بكرا مع الريادي التكنولوجي والاجتماعي ومختص تطوير أعمال الحداثة والتنمية الاقتصادية، هانس شقور قال: "لا اعتقد ان التقرير مفاجىء، فهذه ليست المرة الاولى التي يتضح بها ان بعض منصات التواصل والتخاطب لا تتبع ولا تطبق سياسة واضحة او شفافة او نزيهة او منصفة تجاه المحتوى المتداول على منصاتها، خاصة عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير عن الرأي بمواضيع وشؤون شائكة ومثيرة للجدل، كالنزاعات والحروب والقلاقل السياسية".

الخوارزميات والعنصر البشري

وأضاف: "بتقديري، عدم الإنصاف في مراقبة المحتوى الرقمي ينجم عن عدة عوامل مرتبطة غالباً ببعضها البعض، منها السياسات ومنها الخوارزميات التي تعتمدها الشركات، بالاضافة الى العنصر البشري الذي يدير الأمور، ففي كثير من الأحيان، تتبنى المنصات سياسات محددة تُترجم إلى خوارزميات رقابية، وهذه الخوارزميات قد تحمل جوانب غير موضوعية إذا لم تُصمم بشكل جيد يتماشى مع السياقات الثقافية واللغوية المختلفة. المبادئ المتضمنة في الخوارزميات قد تكون غير متوازنة، مما يؤدي إلى نتائج متحيزة، أو قد تلعب القرارات الشخصية لموظفي المراقبة دورًا في التحيز، خاصة عند عدم توفر التدريب المناسب ووجود تفاوت في فهم الثقافات والسياقات المختلفة، خاصة وأننا نتحدث عن منصات "امريكية" تدار من قبل أشخاص قد يفتقدون الى انفتاح موضوعي على ثقافات ومجتمعات غريبة عنهم، أو الى المهارات المطلوبة للتعامل مع إشكاليات معقدة بشكل منصف، فهؤلاء الموظفين قد يتخذون قرارات موضوعية او متحيزة بناءً على فهمهم الخاص أو تفسيرهم للسياسات المتبعة، او تحيزهم الفطري التلقائي لطرف دون الآخر".

وأكمل: "من ناحية أخرى، قد يكون للتفاعل المعقد بين القرارات الخوارزمية الالية وقرارات الموظفين المهنية الأثر على الإنصاف الرقمي، وطالما أن الانصاف غير ممنهج بسياسات واضحة وآليات تحسين ورقابة متواصلة، فقد نشهد الكثير من حالات عدم الإنصاف تجاه محتوى محدد، سياسياً او ثقافياً او زمنياً او جغرافياً، خاصة بمواقف من أزمات ونزاعات وحروب، وهذا على ما يبدو محور التقرير المذكور وما ورد فيه".

الالتزام بالشفافية

وأنهى شقور حديثه قائلًا: "لذلك، من الضروري أن تلتزم شركات وسائل التواصل الاجتماعي بالشفافية والعدالة في سياساتها المتعلقة بمراقبة المحتوى. التمييز في الرقابة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية، ويؤثر سلبًا على حرية التعبير والثقة في هذه المنصات. من ناحية اخرى، على الطرف الذي يشعر متضرراً المحاولة للتأثير وتحسين سياسات الشركات لضمان العدالة الرقمية، والتحسين لن يحدث بمجرد نشر تقرير يحرج الشركات، انما يتطلب عملاً ممنهجاً واشراك المجتمع المحلي وخبراء ومؤثرين بمجالات متعددة، تقنياً ومهنياً، منها تدريب البشر ومنها تدريب الالة، لجعل الشركات تحسن تعاملها بموضوعية مع كل أنواع المحتوى بغض النظر عن اللغة أو الخلفية الثقافية".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]