نظمت العيادة المتنقلة التابعة لمنظمة أطباء لحقوق الإنسان، بالتعاون مع نقابة الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين الفلسطينية، يومًا دراسيًا شاملًا وورشة عمل تخصصية لبحث الأثار النفسية العميقة التي تخلفها الحروب وفرض الحصار الشامل على الضفة الغربية. ركزت الفعالية على استكشاف التأثيرات النفسية طويلة الأمد لهذه الظروف القاسية، بالإضافة إلى تقديم استراتيجيات فعّالة للمواجهة والعلاج وتخفيف الصدمات النفسية. شارك في هذا الحدث نحو 70 مختصًا من مجالات الصحة النفسية والاجتماعية، يمثلون نقابات ومؤسسات مجتمع مدني مختلفة.
أوضح الدكتور صلاح حاج يحيى، مدير العيادة المتنقلة في منظمة أطباء لحقوق الإنسان، أن استمرار تنظيم هذه الأيام الدراسية والنشاطات في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة يعكس أهمية تعزيز الصحة النفسية في وقت يشهد تصعيدًا كبيرًا منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر. وأشاد الدكتور حاج يحيى بالشراكة الطويلة والمثمرة مع الدكتور محمود سعيد، والدكتور سلام عابد، والدكتور مازن أبو عيطة، والتي تهدف إلى تزويد الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين بأدوات حديثة للتعامل مع الصدمات النفسية التي يعاني منها الأطفال، خصوصًا في ظل الاقتحامات الليلية المتكررة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي لاعتقال المشتبه بهم، وخاصة في مخيمات نور شمس وطولكرم. كما أشار إلى تفاقم اعتداءات المستوطنين التي ازدادت وتيرتها بسبب الحرب، مما يضيف ضغوطًا نفسية إضافية على الأطفال وسكان تلك المناطق.
ركز اليوم الدراسي وورشة العمل التخصصية على "الآثار النفسية للحرب وطرق المواجهة" لدى الفئات الأكثر تأثرًا بالحروب والحصار، وتم تسليط الضوء على التأثيرات النفسية العميقة التي تتركها الحروب على الأطفال، بما في ذلك القلق المستمر، واضطرابات النوم، وصعوبات التعلم. كما تم مناقشة التأثيرات على كبار السن، الذين يعانون من تدهور في صحتهم النفسية والجسدية نتيجة الشعور بالعزلة والخوف. وركز المنظمون على تطوير استراتيجيات نفسية واجتماعية تساعد في تقديم الدعم المناسب لهذه الفئات، بهدف التخفيف من وطأة الصدمات النفسية وتعزيز قدرتهم على التكيف مع الظروف الصعبة.
كما تم التركيز بشكل خاص على التأثيرات النفسية للحرب والحصار على النساء والفتيات، حيث تواجه هذه الفئة تحديات نفسية واجتماعية معقدة. تعاني النساء غالبًا من ضغوط نفسية متزايدة نتيجة لتحملهن مسؤوليات إضافية خلال الأزمات، مثل رعاية الأطفال والمسنين في ظل غياب الأمان والاستقرار. تعاني الفتيات أيضًا من اضطرابات نفسية تشمل القلق والخوف المستمرين، بالإضافة إلى مخاطر زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي. وتشمل التأثيرات أيضًا تراجعًا في فرص التعليم والتطوير الشخصي، مما يعمق من آثار الصدمة النفسية ويزيد من التحديات التي تواجههن في بناء مستقبل آمن ومستقر.
أشار الدكتور صلاح حاج يحيى إلى أن الطواقم الطبية، بما في ذلك الأطباء والمسعفون، يعانون من صدمات نفسية شديدة نتيجة الظروف القاسية التي يواجهونها خلال عملهم، وذلك بعد مقتل سائق سيارة إسعاف إثر استهداف مباشر، مما ترك أثرًا بالغًا على زملائه من الطواقم الطبية. وأوضح أن هذه الطواقم تتعرض بشكل مستمر للتنكيل والإهانة من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل الإغلاقات المتكررة والحواجز النقالة وغير المعلنة التي تعرقل نقل المرضى والجرحى خلال المواجهات. وأضاف الدكتور حاج يحيى أنه سيتم تنظيم يوم دراسي وورش عمل متخصصة للمسعفين في منطقة نابلس شمال الضفة الغربية، بهدف تقديم الدعم النفسي والمهني لهم، وتعزيز قدرتهم على التعامل مع الصدمات والتحديات التي يواجهونها في الميدان.
[email protected]
أضف تعليق