لم يعد لدينا متسع من الألم على مشاهد القتل والموت المنتشر في كل مكان، لم نعد قادرين على كل ذلك.. تلك الأم التي نزحت مع أولادها الخمسة وفي كل خطوة تحاول أن تحميهم من أشعة الشمس بحجابها المهترء من التعب، وما إن وصلت مكان نزوح جديد وموت آخر قصف الأطفال.. وكأنهم على موعد مع الموت المنتظر.
لم نعد نتخيل أن كل هذا يحدث في الواقع. كابوسٌ أم ماماذا.. ماذا يا الله .. أترانا نصبر على ما لم نستطع عليه صبرا.. لم نعد صابرين بل نحن ننتظر موعدنا مع الموت بصاروخ أو بالجوع أو من الألم على حياة لم ولن يعتادها بشر.
ماذا تحمل يا فتى على ظهر الدراجة الهوائية؟.. أحمل جثة عمي .. لقد استطعت أن انتشل بعضا من عظامه وأبحث الان على مكان للدفن.. لا يوجد هنا مكان لدفن الأموات.. لا يوجد هنا مكان إلا للألم .. لا يوجد هنا إلا الموت الذي يتجول بيننا ينتقي ما أراد وما شاء من أرواحنا التي أصبحت أرقاما للعالم الذي تحول إلى متفرج ومؤيد ومصفق للمجرم في أكبر قاعة إدعت السلام..ذلك السلام الذي ولد ميتا في مهده.
جثث في كل مكان.. كومة من البشر الميتين... نعم هم كومة من الموت فوق بعضهم البعض. يتسابق الأقارب على البكاء أم على الترعف على بقايا من لحم متفحم أم حفنة من الشعر الأسود.. أم من ابتسامة رسمت على شفاه طفلة كانت تلعب أمام خيمة النزوح.
اعتدنا المشهد.. لا.. لا أحد فينا يعتاد الموت.. لا أحد فينا يعتاد الألم.. لا احد فينا يعتاد الوداع في كل يوم.. فكم من الجثث تريدون.. كم من الدماء تريدون.. كم من الألم.. كم من العذاب والآهات.. كم من الصراخ، والأطفان.. كم طفل وشيخ وامرأة تريدون..
كم من الوقت ستبقى الأم واقفة على ركام منزلها المدمر تنتظر أطفالها يخرجون من تحت الركام.. كم من الوقت يستطيع أب أن يصدق بأن من ينتظرهم خلف الركام ماتو ولم يبقى أحد.. كم من الوقت نحتاج ان نستوعب ولو قليلا بان الذي حدث ويحدث هو حقيقة.. كم من الوقت نحتاج لأن نعتاد الغياب..
[email protected]
أضف تعليق