أسئلة عديدة تراودني منذ سنوات كإبنة النقب: كيف نسينا كل العادات التي تربينا عليها من أجدادنا؟ أين الجود وتطييب الخاطر والعزم عندما تحدث مشكلة عنف في احدى القرى؟ ولما تناسينا بأن المشاكل لن تتفاقم لو تحلينا بالصبر والهدوء؟
انتهى عام 2023 مع أكبر عدد من ضحايا العنف والجريمة في المجتمع العربي منذ قيام الدولة. 244 ضحية تركت ورائها أم ثاكل وزوجة أرملة وأطفال أيتام. 12% من الضحايا، أي ما يعادل 28 قتيل كانوا من النقب. وهذا الرقم لا يمكن استيعابه ولا يمكن تصّور الى أين وصلنا والى أين سنصل.
منذ بداية العام الحالي 2024، شهدنا أكثر من 127 ضحية من المجتمع العربي، 13 ضحايا منهم من النقب ومرة ثانية نطرح السؤال: ما هو الحل؟
أطلقنا في جمعية "مبادرات إبراهيم" بالتعاون مع قسم التمويلات في التأمين الوطني، خلال الفترة الأخيرة حملة توعية تحت عنوان "بنحلها بدون عنف" والتي تهدف إلى تفعيل الدور الجماهيري من أجل تفادي تفشي ظاهرة العنف الخطيرة التي تضرب مجتمعنا من الوريد الى الوريد تحت شعار "مستقبل شبابنا وعائلاتهم أهم من ضياعه بسبب كبرياء لحظة ونسيان حق الجيرة، نحّكم العقل، وبالصلح والخير، كل الخلافات بتنحل".
سعّت الحملة إلى تعزيز ثقافة التسامح ومكافحة العنف بجميع أشكاله، من خلال مقاطع الفيديو، والصور، والمنشورات التوعوية، واللافتات، لتشجيع الحوار المفتوح والتفاهم بين أفراد المجتمع الواحد، وايماناً بأنه يمكن تحقيق التغيير الإيجابي من خلال التواصل الفعّال.
كمشاركة في هذه الحملة، لم أتوقع النجاح الكبير الذي حققته، حيث أنه في الأسبوع الأول من انطلاقها، تجاوز عدد المشاهدات المائتي ألف وذلك يبرز استجابة الجمهور لرسالتها، ويعزز إيماننا بأن التواصل على كافة أشكاله يمكن أن تكون منبرًا فعّالًا لتبادل الأفكار وتعزيز القيم الإنسانية الأساسية التي نحن بأمس الحاجة اليها خصوصا في هذه الظروف الأمنية شديدة التعقيد التي نعيشها.
من الجدير ذكره أن ظاهرة العنف في النقب تختلف جذريا عن قريناتها في المثلث والساحل والجليل بشأن خصوصية تفشي الظاهرة التي تعتمد في احدى أوجه حلولها للقضاء العشائري ومشاكل الاسرة والعائلة وهي تحديات يمكن احتواؤها داخل العشيرة او القبيلة الواحد، ولكن تفشي ظاهرة العنف في كل أماكن تواجدها تستخدم نفس وسائل الجريمة وعليه فإنه لا خصوصية للعنف مهما كان فالبندقية المهربة او تلك غير المرخصة عندما توجه فوهتها صوب رجل او امرأة أو شاب في عمر الورد أو طفل لم يبلغ الجيل القانونية بعد فان الدم، هو نفس الدم، ويجب العمل بكل الوسائل لوقف هذا النزيف الخطير الذي ان بقي بلا تحرك مجتمعي فان روابطنا الاجتماعية التي نعتز بها ستتفكك، ولن نقبل بحدوث ذلك أبدا.
[email protected]
أضف تعليق