حول ظاهرة العنف وتبعاتها النفسية، قال المختص النفسي محمد عارف القريناوي:
تتصاعد ظاهرة العنف في مجتمعنا العربي بوتيرة مقلقة ومخيفة، متغلغلة في نسيج حياتنا اليومية بشكل غير مسبوق. هذا التصاعد المروع جعل من السلاح لغة التخاطب الأساسية بين أفراد المجتمع، مما أدى إلى تآكل الشعور بالأمان وانتشار الخوف بين الناس على أنفسهم وعائلاتهم ومجتمعهم ككل.
لقد وصلنا إلى مرحلة خطيرة حيث أصبح القتل وسفك الدماء أمراً شبه اعتيادي، وكأننا فقدنا حسنا الإنساني والأخلاقي. هذا التحول المأساوي يتناقض بشكل صارخ مع القيم الإسلامية والعربية التي تدعو إلى الرحمة والتسامح والتعايش. بدلاً من أن نكون "خير أمة أخرجت للناس" كما وصفنا القرآن الكريم، أصبحنا نعكس صورة مشوهة لهذه الآية الكريمة.
إن غياب الأخلاق وضعف سيادة القانون في مجتمعنا قد أدى إلى تفاقم هذه المشكلة. أصبحنا نشهد حوادث قتل وعنف لأسباب تافهة وغير مبررة، متجاهلين كل القيم الدينية والإنسانية والعادات والتقاليد العربية الأصيلة التي تحث على التسامح والتآخي.
من المهم أن ندرك أن حمل السلاح ليس مظهراً من مظاهر القوة ، بل هو في الحقيقة دليل على الضعف والجبن. مجتمعنا لم يعد يحتمل المزيد من الفواجع والجنازات اليومية. لقد امتلأت مقابرنا بالشباب الذين قضوا نحبهم قبل الأوان، وازدحمت مستشفياتنا بالمصابين والمعاقين نتيجة لهذا العنف الأعمى.
إن الوقت قد حان لنقف جميعاً بحزم ونطلق صرخة مدوية ضد هذه الجرائم الخطيرة. محاربة هذه الظاهرة هي واجب أخلاقي وديني وإنساني يقع على عاتق كل فرد في المجتمع. علينا جميعاً مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام مجتمعنا العربي للتصدي لهذه الآفة التي لا ترحم، والتي تهدد بتدمير نسيجنا الاجتماعي وقيمنا الأساسية.
يجب علينا العمل معاً على عدة مستويات لمواجهة هذه الظاهرة:
1. تعزيز دور التربية والتعليم في غرس القيم الأخلاقية والإنسانية.
2. تفعيل دور المؤسسات الدينية في نشر ثقافة التسامح والسلام.
3. تقوية سيادة القانون وتطبيقه بشكل عادل وحازم على الجميع.
4. تعزيز البرامج الاجتماعية التي تستهدف الشباب وتوفر لهم فرص العمل والتطور.
5. تشجيع الحوار المجتمعي وحل النزاعات بالطرق السلمية.
6. تكثيف حملات التوعية حول مخاطر العنف وحمل السلاح.
إن مستقبل مجتمعنا العربي يعتمد على قدرتنا على مواجهة هذه التحديات بحكمة وإصرار. علينا أن نعمل معاً لبناء مجتمع يسوده الأمن والسلام، ويحترم فيه كل فرد كرامة الآخر وحقه في الحياة. فالقادم قد يكون أعظم إذا لم نتحرك الآن بجدية وحزم لوقف هذا النزيف المستمر في نسيجنا الاجتماعي.
[email protected]
أضف تعليق