في أحد أكبر إنجازات حركة المقاطعة (BDS)، أسهمت الحركة في تراجع شركة صناعة الرقائق الأمريكية العملاقة "إنتل" عن بناء مصنع جديد بقيمة 25 مليار دولار، وفقًا لمصادر إعلامية مالية إسرائيلية، مما أثار تكهنات بأن المصنع "معرض لخطر الإلغاء". والاستثمار الجديد كان سيوسّع مصنع "إنتل" القائم في كريات غات، وهي مستعمرة إسرائيلية أُقيمت على أنقاض قرية عراق المنشية الفلسطينية التي تعرض سكانها للتطهير العرقي، وتبعد نحو 25 كيلومترًا عن قطاع غزة. لكن لا تزال شركة "إنتل" متواطئة في رفد الميزانية الحربية الإسرائيلية وبالتالي دعم ماكينة الإبادة الجماعية المستمرة ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر، لذا فلنصعّد حملة #قاطعوا_إنتل حتى تنهي تواطؤها بشكل كامل في منظومة الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي الإبادي.
يتزامن هذا الخبر مع مؤشرات مستمرة على تراجع صادم في الاقتصاد الإسرائيلي، فبعد أن شن العدو الإسرائيلي الإبادي عدوانه على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انكمش اقتصاده بنسبة هائلة بلغت 20% في الربع الأخير من العام الماضي. وفي 9 فبراير 2024، خفّضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل، لأول مرة في تاريخها، وغيرت توقعات تصنيفها إلى "سلبية". وبعد إعلانها الأول بأيام، خفضت موديز تصنيفات الودائع لأكبر خمسة بنوك إسرائيلية. و"أخرج المستثمرون الأجانب أكثر من [9 مليار دولار] من سوق الأوراق المالية في إسرائيل"، بالإضافة لسحب ما يقرب من 4 مليارات دولار من السندات الحكومية الإسرائيلية. ويؤكد أحد كبار المصرفيين الإسرائيليين: "نحن نشعر بالفعل بالمقاطعة الاقتصادية، وقد أصبحنا منبوذين في بعض البلدان".
أتت تلك الصفعات الاقتصادية في أعقاب انتكاسات اقتصادية كبيرة لإسرائيل طوال عام 2023، فعلى سبيل المثال، انخفض الاستثمار الدولي في قطاع التكنولوجيا الفائقة(high-tech)، الذي لطالما كان مزدهراً، بنسبة 74% في عام 2023. ومع إدراك المستثمرين للوضع الاقتصادي المتدهور والمخاطر العالية للاستثمار في الاقتصاد الإسرائيلي، نقلت بعض الشركات الإسرائيلية والأمريكية الكبرى عملياتها إلى خارج دولة الاحتلال والأبارتهايد وخفضت استثماراتها فيها. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت شركة "تاور"، وهي شركة إسرائيلية لصناعة الرقائق، والتي حاولت شركة إنتل الاستحواذ عليها سابقاً، أنها "لن تبني مصنعاً جديداً للرقائق في إسرائيل"، واختارت الاستثمار في الهند بدلاً من ذلك.
ويعود قرار "إنتل" جزئياً إلى فقدان الثقة المتزايد في الاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك بين قادة الأعمال الإسرائيليين. لكن انسحاب شركة الرقائق العملاقة ليس مجرد حلقة في سلسلة التدهور الاقتصادي الإسرائيلي فحسب، بل من المتوقع أن يوجه "ضربة قاسية" إلى "اقتصاد إسرائيل المتضرر بالفعل". ففي عام 2022، شكلت صادرات "إنتل إسرائيل" 1.75% من إجمالي الناتج المحلي الإسرائيلي.
سعت حملة #قاطعوا_إنتل التي أطلقتها حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) وحلفاؤها في الولايات المتحدة، بما في ذلك الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكيون في بورتلاند (Portland DSA)، إلى إلغاء هذا الاستثمار الضخم في "إنتل"، والذي تم الإعلان عنه في ديسمبر 2023، وسط الإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي.
ومن الواضح أن استثمار إنتل في "منطقة نزاع عسكري" هو استثمار أيديولوجي بحت وغير مسؤول، عدا عن كونه غير قانوني وغير أخلاقي، فمصنعها الذي كان من المقرر تشييده بالقرب من غزة كان سيواجه مخاطر أمنية ومالية عالية. ويبدو أن هذه الجزئية بالذات من نداء حملة مقاطعة "إنتل" قد أثارت حفيظة مستثمري الشركة - وفقًا لمطلعين من داخل "إنتل"، فالآن تدّعي "إنتل" "الإدارة المسؤولة لرأس المال" لتفسير تحولها الجذري.
وقد أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية أن عدداً من كبار مسؤولي شركة "إنتل إسرائيل" انتقلوا إلى ولاية أوهايو، في إطار البرنامج الأمريكي لتشجيع إنشاء مصانع الرقائق في البلاد. وكانت حركة المقاطعة BDS قد أشارت إلى المفارقة المتمثلة في أن شركة إنتل تدفع الوظائف بعيداً عن بلدها الأم في الولايات المتحدة إلى نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي.
وترتبط التكنولوجيا الفائقة في دولة الاستعمار-الاستيطاني الإسرائيلية إلى حد كبير بـ "المعرفة التي تخرج من الوحدات التكنولوجية العسكرية"، وتوثق "هيئة الابتكار الإسرائيلية" اتجاهين يؤثران على شركات التكنولوجيا: 1) مشكلة كبيرة في القدرة على جمع الأموال و 2) أغلب عمليات التوظيف كانت للعاملين في الخارج. ونظراً لأهميتها المركزية، فإن المشاكل التي تواجهها صناعة التكنولوجيا الفائقة تسبب مشاكل للاقتصاد الإسرائيلي بأكمله.
بينما تظهر دراسة قانونية نشرت مؤخرا أن الشركات، مثل "إنتل"، تخاطر بالتواطؤ في الإبادة الجماعية الإسرائيلية حتى من خلال الاستمرار في العمل كالمعتاد ودفع الضرائب لدولة قررت محكمة العدل الدولية أنها قد ترتكب جرائم إبادة جماعية، بين جرائم دولية أخرى.
وفي ظل تهالك الاقتصاد الإسرائيلي، فإن الاستثمار فيه ليس فقط أمراً غير أخلاقي وغير قانوني، بل هو أيضاً غير مسؤول من الناحية المالية. وعلى الرغم من الإنحياز الصهيوني المتعصب لرئيس "إنتل" التنفيذي للاستثمار في منظومة الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، فإن الشركة نفسها بدأت تواجه هذه الحقيقة. ومع ذلك، فهي لا تزال أكبر مستثمر في الاقتصاد الإبادي الإسرائيلي، مما يعني أن حملتنا #قاطعوا_إنتل #BoycottIntel ستستمر.
أمامنا اليوم فرصة مثالية لتعميق مأزق العدوّ الإسرائيلي وفضح جرائمه المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني! فلنصعّد حملات مقاطعة إسرائيل ومناهضة التطبيع معها في كل المجالات، حتى إنهاء الإبادة الجماعية وحتى ينال الشعب الفلسطيني التحرر وتقرير المصير وعودة اللاجئين وحتى تحرير شعوب المنطقة العربية من براثن هذا العدوّ المشترك لنا جميعاً.
[email protected]
أضف تعليق