كتب: عبد الباري عطوان
اغتالت قوّات الأمن التّابعة للسّلطة الفِلسطينيّة يوم أمس الأربعاء المُجاهد احمد أبو الفول أحد القادة الميدانيين في “سرايا القدس” الجناح العسكريّ لحركة “الجهاد الإسلامي” بإطلاق النّار على سيّارة كان يستقلّها في مِنطقة طولكرم في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وجاء هذا الاغتِيال تأكيدًا لعمالة قوّات السّلطة للاحتِلال، وتنفيذًا لإملاءاته بتصفية المُجاهدين، في وقتٍ يتعاطف العالم بأسْره، وتثور جامعاته انتصارًا لهم، وتجريمًا للاحتِلال وحرب إبادته.
كتيبتا مخيّم طولكرم ونور شمس قالت في بيانٍ لها “قامت أجهزة العمالة والخيانة باستهداف سيّارة يستقلّها المُجاهد أحمد أبو الفول وإطلاق النّار مُباشرةً عليه واستِشهاده”.
“الرئيس” محمود عبّاس وقبل بضعة أيّام وعد بحِماية الإسرائيليين، وأوفى بالوعد فورًا بارتكاب قوّاته هذه الجريمة سريعًا، ولم يتردّد مُطلقًا في إظهار ولائه لدولة الاحتِلال عندما أعلن أثناء تواجده في الرياض “بأنّه مُلتزمٌ بتحقيقِ الأمن الكامِل لدولة الاحتلال مُقابل حقّ تقرير المصير للشّعب الفِلسطيني”، ونُبَشِّره بأنّ الاحتِلال لن يحظى بالأمن بعد “طُوفان الأقصى”، أمّا الشّعب الفِلسطيني فلن يتمتّع بحقّ تقرير المصير فقط، وإنّما بتحرير كُل أراضيه المُحتلّة، ولكن بتضحياتِ كتائب مُقاومته، وليس باستِسلام وعمالة سُلطته.
***
قوّات أمن السُّلطة أقدمت على هذه العمليّة الخِيانيّة باغتيال المُجاهد أبو الفول في إطار دورها في حماية المُستوطنين واستِكمالًا للهُجوم الذي شنّته قوّات الاحتِلال يوم السبت الماضي على مُخيّم نور شمس في طولكرم، ودمّرته بالكامِل واغتِيال 14 شهيدًا من رجال المُقاومة فيه، علاوةً على عشَرات الإصابات ممّا جعل المُخيّم غير صالح للعيش، تمامًا مثلما حصل في مُدُن ومُخيّمات القطاع الصّامد.
هذه السُّلطة وقوّات أمنها وقيادتها، وحُكومتها، ومُؤسّساتها، أصبحت “وصمة عار”، وعُنوانًا للخِيانة وحِماية للاحتِلال، وتنفيذًا لمُخطّطاته، التي يُنفّذها حاليًّا في الضفّة والقِطاع بإبادة مُعظم أبناء الشّعب الفِلسطيني، إن لم يكن كلّهم، وتهجير من تُكتَب له الحياة (الضفّة) إلى الأردن، أو إلى صحراء سيناء في حالة قطاع غزة.
اتّفاق أوسلو الذي يتباهى “الرئيس” محمود عباس بأنّه الأب الرّوحي له، ومُهندس جميع خطواته، كان العُنوان الأبرز للدّهاء الصّهيوني، وغباء مُنظّمة التحرير، وتحقيق سابقة تاريخيّة بتحويل الثّورة الفِلسطينيّة إلى أداةٍ لخدمة الاحتِلال، وحماية مُستوطنيه، واجتِثاث قوّاتها (أيّ الثّورة) لأيّ حركة مُقاومة، ونشهد أنّ السّلطة “الفِلسطينيّة” أدّت هذا الدّور على أكملِ وجه، وأبلت قوّاتها بلاءً حَسَنًا في هذا الميدان، ونتمنّى أن لا تتكرّر هذه الخديعة الكُبرى مرّةً أُخرى.
ففي الوقت الذي تُدمّر فيه قوات الاحتِلال قطاع غزة، وتقتل أكثر من 34 ألفًا، وتُصيب مئة ألف آخَرين من أبنائه، تقوم قوّات أمن السّلطة الخائنة باغتِيال الشّهيد أبو الفول، في مُحاولةٍ لبَذْر بُذورِ الفتنة الدمويّة في أوساط أبناء الضفّة الغربيّة الشُّرفاء، تمامًا مثلما حاول اللّواء ماجد فرج قائدها إرسال جواسيس إلى قطاع غزة مُتَخفّين كمُوظّفي إغاثة في حافلات المُساعدات الذّاهبة إلى القطاع عبر معبر رفح على الحُدود المَصريّة الفِلسطينيّة.
***
قوّات الأمن الفِلسطينيّة العميلة التي اغتالت العديد من أبطال المُقاومة مِثل المُجاهد أبو الفول، وقبله المُناضل نزار بنات، ستُعامَل من قِبَل الشّعب الفِلسطيني مُعاملة قوّات الاحتِلال، إنْ عاجلاً أو آجلًا، بعد انفِضاحِ عوراتها، وانكِشاف دورها الخِيانيّ، ففي الوقت الذي تفرض فيه أمريكا عُقوبات على 5 وحَدات من قوّات الاحتِلال بتُهمة ارتكاب جرائم حرب ضدّ أبناء الشّعب الفِلسطيني في الضفّة، تقوم هذه القوّات “الفِلسطينيّة” بالمُزايدة على “مُعلّميها” من أمثال بن غفير وسموتريتش الإرهابيين، وإطلاق النّار على أبناء شعبها الذين يُقاومون الاحتِلال ويَثْأرون لشُهداء شعبهم.
هذه السُّلطة ورئيسها، وقوّاتها الأمنيّة وحُكومتها، لا تُمثّل الشّعب الفِلسطيني ولا يحقّ لها الحديث باسمه فمَنْ يُمثّل الشّعب الفِلسطيني هو الذي يعمل لحِمايته والدّفاع عن مشروعه الوطنيّ في التّصدّي للاحتِلال الإسرائيليّ ومُقاومته، من أمثالِ كتائب القسّام، وسرايا القدس والمُجاهدين، وكتائب شُهداء الأقصى الفتحاويّة، وعرين الأسود، وكتائب أبو علي مصطفى، والقائمة تطول.
خِتامًا نقول.. إنّه لو بقيت هُناك ذرّة وطنيّة لدى “الرئيس” عبّاس لحلّ السّلطة، وألغى اتّفاقات أوسلو والتّنسيق الأمنيّ، وأعلن استقالته فورًا.. ولكن…!
[email protected]
أضف تعليق