أمام مبنى محكمة الصلح في تل أبيب، تظاهر العشرات من أهالي يافا، الأحد، وقبلها في الأسبوع الماضي، وبينهم عائلة المُسعف يعقوب طوخي، الذي قُتل برصاص شرطي (ليس خلال خدمته) قبل نحو أسبوعين، يوم الجمعة قبل الماضي تحديدًا، في يافا، حيث طالبوا بإنزال أشد العقوبات على القاتل، وقد قررت المحكمة تمديد اعتقاله لـ5 أيام .
وحد يافا
"هذه المشاركة الواسعة في المظاهرة، هي رسالة بأن ما حصل مع يعقوب ممكن أن يحصل مع أي انسان من يافا أو من غير يافا، وأن التساهل مع القاتل سيجعل تكرار الأمر سهل، وأن انزال حكم مستحق عليه سيمثل العدالة التي ننتظرها" يقول جلال طوخي، مدير مدرسة في يافا، وهو ابن عم يعقوب، ويضيف: "صحيح أن يعقوب لم يقتل على خلفية سياسية، وأن القاتل أطلق النار عليه وهو لا يعرف هويته أصلًا فقد كان يلبس الخوذة، ولكن القاتل يمثل نفسية مجرمة، تتعامل بسهولة مع الضغط على الزناد، وهذا ما يجب عدم السكوت عنه، يعقوب بموته وحّد يافا ولم يفرقها، فقد شاهدنا كيف شارك المئات من المسعفين العرب واليهود في الجنازة، يعقوب بعمله كمسعف كان يوحد كل الديانات والقوميات، وبطموحه وتعلمه المحاماة وعمله في السفارة الأمريكية كان مثالًا للأب والشاب النشيط والذي نصبو بأن يصبح كل شبابنا مثله"
مقتل يعقوب أثار حالة من الغضب غيب مسبوقة في يافا "يعقوب خرج لإنقاذ حياة الناس، وأراد أن يركب دراجته بجانب بيته قبل أن يأتي هذا الشرطي وبدأ بالصراخ عليه بسبب خلاف بسيط في الطريق وعندما احتد الجدال بينهما نزل من مركبته وضرب يعقوب بشدة قبل أن يطلق عليه 11 رصاصة، وأول رواية للشرطة كانت أن القاتل كان متأثرًا بالكحول، بعد ذلك قالوا أن يعقوب حاول طعنه، رغم أن هذه كلها أكاذيب" يقول رئيس حزب التجمع، النائب السابق سامي أبو شحادة، وهو من سكان يافا، ويضيف:" قد يكون القاتل قد جرح بشكل طفيف من خوذة يعقوب أثناء ضربه، لكن الشرطة تبنت قصته ولم تستدع أي من الموجودين حتى لسماع روايتهم عما حصل، يعقوب كان انسانًا مسالمًا، لدرجة أنه كان يعمل بالسفارة الأمريكية، هل تفهم كم من الفحوصات الأمنية مر قبل عمله هناك؟ وكان مسعفًا ومتطوعًا في أعمال خيرية وقُتل امام كل الناس، ولهذا الغضب في يافا كان شديدًا".
هوية القاتل "مستعرب"
وحول كون القاتل عربيًا من يافا، يقول أبو شحادة "هوية القاتل غير مهمة، المهم هو هويته كشرطي، فهو تصرف كشرطي حرس حدود، بل كمستعرب، وهنالك من يقول أنه يخدم في وحدة المستعربين أصلًا، كيف جر يعقوب وقتله بـ11 رصاصة، وبعد ذلك لبس القناع على وجهه واستمر بتهديد الناس، هذه مشاهد نراها في الضفة الغربية بين المستعربين، والشرطة عندما وصلت تعامل معه كمستعرب، لم تأخذ منه سلاحه حتى ولم تطلب منه انزال السلاح الذي استمر بالتهديد فيه".
"ما حصل كان في سياق أوسع من مجرد جريمة قتل" تقول الناشطة يارا غرابلي من يافا "الجريمة هي ضمن الإبادة المستمرة لشعبنا، وهي استمرار لما يحصل في غزة، نفس الروح ونفس النفس، وأهل يافا معظمهم لديهم أقارب في غزة، لذلك شعروا بأن الجريمة هي استمرار للابادة، استمرار للاستقواء العسكري، وكون الشرطي عربي هذا لا يغير شيئا، بل ربما يزيد من خطورة الأمر، فالمؤسسة معنية بأن يقوم الجنود العربي وعناصر الشرطة العرب بجرائم ضد أبناء شعبهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى الشعور في يافا بأن قتل الشرطة لـ3 شبان في السنوات الأخيرة، وكل هذه السياسات والتضييقات تأتي ضمن المحاولات لافراغ يافا من أهلها".
القاضية تسمع "بدعم" القاتل!
خلال جلسة التمديد الأولى، الأسبوع الماضي، سمحت القاضية بإدخال رسالتي دعم للقاتل وبمقابلته رجل دين، مما استفز عائلة الضحية وكل المشاركين في المظاهرة، وبينهم ان النائب أحمد الطيبي (الجبهة – العربية للتغيير) والذي علق:"أي نوع قرار هذا، هل كنت لتسمحي بادخال شيخ لمتهم مسلم في قضية أخرى؟، أو بإدخال "رسائل دعم"، وأي دعم؟ دعم لقاتل قتل ضحيته بدم بارد؟ قرارك يمسّ بعائلة الشهيد، كان واضحًا من اقوال محامي الدفاع عن المجرم أن القاتل قد كان شريكا بقتل فلسطينيين بالماضي ولذلك كان من السهل عليه أن يقتل مجددًا، ومرة اخرى الشهيد يعقوب، يافا بنسيجها الاجتماعي المتماسك لا تنظر لهذه الجريمة من بعد طائفي وإنما شرطي مستعرب مجرم قتل انسانًا عربيًا هو الشهيد يعقوب طوخي".
مستمرًا في حديثه حول كيفية تأثير هذه الجريمة على العلاقات بين أهل يافا والشرطة ومؤسسات الدولة، يقول أبو شحادة "في السنوات الأخيرة قتلت الشرطة 3 شبان من يافا، ومنذ بداية سنوات الألفين قتلت نحو 100 عربي، الأمر متعلق بسياسية أمنية ولا يتعلق حتى بهوية وزير الشرطة بن غفير وأفكاره العنصرية، رغم أني لا أقلل من خطورته، لكن الأمر بدأ قبله بكثير، وهذا ليس ادعائي أنا، بل رئيس لجنة أور، القاضي ثيودور أور هو من قال ذلك، أن الشرطة تتعامل مع المواطنين العرب بمنظور أمني، ولو أن يعقوب لم يكن عربيًا لما كان قتله سهلًا بهذه الطريقة، ولكن الأمر لا يقتصر على الشرطة فحسب، فلو أن المقتول هو مسعف يهودي وأبن لابنتين، لرأينا تعامل الاعلام مختلف، وتعامل كل المؤسسات في الدولة مختلف، وحتى بيان السفارة الأمريكية كان سيكون مختلفًا لو أن الضحية يهودي والقاتل عربي، رغم أن يعقوب كان يعمل في السفارة، فهنالك استسهال لقتل العرب وهنالك تمييز بين دم ودم".
أيار 2021
يافا كانت واحدة من المدن التي شهدت احتجاجات وموجهات في أيار 2021، يقول أبو شحادة: "في كل مكان تتواجد في النواة التوراتية، كان هنالك أحداث، فهم جلبوا العنف، وهم مستمرين بمحاولة الاستفزاز، ومؤخرًا دخل على الخط ما يسمى فرق الأمنية "الكوننوت"، أحد أصدقائي أوصل ابنه للروضة فوجد أحد أعضاء النواة التوراتية جاء ليوصل ابنه للروضة وهو يحمل الـإم 16، كيف سيرى الأطفال هذا الأمر؟، لذلك فإن العلاقة بين أهل يافا اليهود والعرب لا تتأثر، لكن العلاقة مع المتطرفين تبقى دائمًا بحالة استنفار، والعلاقة مع الشرطة كذلك، فهي تتميز بفقدان تام للثقة، أهل يافا لا يتوجهون للشرطة غالبًا لا في حالات سرقة بيوتهم ولا في اعتداءات ولا في شيء".
"أحداث أيار 2021 في يافا، بدأت قبل باقي المدن، في حي العجمي حيث كانت هنالك مواجهات واستفزازات، لأن يافا مدينة مستهدفة" تقول يارا غرابلي، وتضيف:" وبعد السابع من أكتوبر كما في كل مكان، بدأنا نرى فرق الاستنفار هذه والاستفزازات، لكن الناس في يافا كما في معظم المجتمع العربي، حافظوا على نوع من الهدوء والحكمة، ربما بسبب الخوف وهذا ما لم يشعل الأمور أكثر، والآن ما نقوم به أننا ننشط كردة فعل، يعني نشاطات وفعاليات كردة فعل على ما حصل مع يعقوب، ونأمل أن نطور من نشاطنا، لأن حماية وجودنا في مدينتنا أمر أساسي أمام كم هائل من التهديدات".
كافة مؤسسات الدولة ..
الأمر لا يقتصر فقط على الشرطة كما يقول أبو شحادة "كل المواطنين العرب في الداخل يتعاملون مع ماحش كمؤسسة لا علاقة لها بالمصداقية بسبب تاريخها المظلم مع الجماهير العربية في عدة قضايا، ومنذ السابع من اكتوبر حتى المحاكم اصبحت تتعامل كمؤسسة عسكرية بلا أي مصداقية، لا تحترم القانون ولا ابسط حقوق الانسان لذلك ترى كل ععملية التعذيب لالاف السرى بالسجون والمعتقلاتً والمحاكم موافقة، هنالك اعتداء على المواطن العربي في كل مكان، والمحكمة تعطي شرعية لذلك".
[email protected]
أضف تعليق