اليوم الثلاثاء هو يوم التوعية بالتوحد. ووفقًا للأبحاث والمعطيات فقد تضاعف عدد الأطفال الذين تم تشخيصهم على طيف التوحد في إسرائيل في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك أساسا إلى الوعي المتزايد بالتشخيص في سن مبكرة. من ناحية أخرى، يعاني جهاز الصحة في إسرائيل من نقص كبير في المهنيين، وتنشأ فجوة متزايدة بين الحاجة إلى الخدمات وتقديمها في هذا المجال.

وفي حديث لموقع بكرا مع رأفت عياشي، عامل اجتماعي ومدير مهني في مؤسسة بيت المحبة طمرة، وسابقا عمل لمدة أحد عشر عامًا كمختص ومستشار في مجال التوحد وكمركز قطري للمجتمع العربي في جمعية الوت قال:

"بداية وحتى نتحدث عن طيف التوحد يجب أن نفهم التعريف الدقيق للحالة، طيف التوحد هو حالة وليس مرض، والذي يتمحور حول نقطتين أساسيتين;

الأولى هي صعوبة في مجال التفاعل والتواصل الاجتماعي مع الآخر، بحيث نحن كأشخاص خُلقنا نعرف التواصل مع الغير بموضوع التفاعل التلقائي، حسب أوضاع وظروف اجتماعية وبيئية مختلفة، قاعدة التفاعل هي قاعدة مفهومة ضمنا وتلقائية لسنا بحاجة لتعلُمها، كما وأن بعض أنماط التفاعل يمكن اكتسابها مع الوقت، ككيفية التصرف الصحيح بظرف معين.

التحدي والصعوبة بهذا السياق عند اشخاص مع المصابين بطيف التوحد أن قاعدة التفاعل الاجتماعي الطبيعية غير مفهومة ضمنًا، وبالتالي يستصعبون التعامل مع المجتمع الخارجي بشكل طبيعي ومقبول، بالاضافة الى أن اكتساب مهارات خاصة بهذا السياق يكون ببعض الاحيان مستعصي بالنسبة لهم، لذلك موضوع التفاعل الاجتماعي بالنسبة لنا بديهي، أمّا بالنسبة لشخص مع توحد فهو غير بديهي ويتطلب منا أن نعلمه بطرق مختلفة حتى نوصله للمرحلة التي تساعده على التواصل مع المجتمع على قدر الامكان بشكل صحيح.

ويجب الانتباه مع كل هذا انه من الصعب التأمل وتوقع تفاعل وتواصل اجتماعي بمستوى معين حتى بعد التدريب.

المجال الثاني هو السلوك، يتميز حسب الحالة، إمّا التوحد الكلاسيكي أو التوحد الصعب (ذوي الأداء المنخفض)، وفي هذه الحالة يمكن أن نرى حركات جسمانية، مثل حركات تكرارية، رفرفة اليدين، عدم تواصل بصري، تأتأة، السير على أطراف الأصابع، صعوبة في التكلم، الدوران حول النفس، مشاكل بموضوع الضبط الحسي والانتقائية بالأكل، منها اختيار طعام معين وترك طعام آخر.

مهم أن نذكر هناك فرق بمستويات الأداء لدى الأشخاص المشخصين بطيف التوحد، حيث أن بعضهم لديهم أداء ذهني عالي الذي يميزهم بما يختلف عن المستويات الصعبة، حيث لديهم ميزات وقدرات عالية والتي يمكن أن تكون أعلى من الأشخاص العاديين، كالقدرات الحسابية، قدرات ذاكرة، قدرات رسم، قدرات تركيز بازل بشكل عالي وقدرات اكتساب لغات مختلفة بشكل مميز

ومن المهم أن نعرف ونفهم طرق التشخيص:

لكي نشخص ولد مع توحد في الدولة يجب أن يكون هناك إعتراف، الأول تشخيص طبي والثاني هو التشخيص النفسي، كلا التشخيصين يكونان من قبل مختصين، ممكن عمل التشخيص بشكل شخصي (على الحساب الخاص) او عن طريق صندوق المرضى.

بعد التشخيص هناك عدة حقوق كبيرة وواسعة لهذه الفئة، من المؤسسات المختلفة، كالوزارات، بالأخص وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى الدعم المادي من قبل التأمين الوطني. وبالتالي تشخيص ساري المفعول يساعد الأهل بشق طريق ناجعة للحصول على خطة مهنية شمولية من أجل الابن المشخص مما يزيد من احتمال تحسين جودة الحياة للابن المشخص.

من المهم أن نذكر أن أهمية الرصد المبكر، أي أن نحاول أن نرصد الحالة بجيل أبكر للولد، بسبب أن التدخل العلاجي بجيل أصغر سيعطي نتائج أفضل.

أهم النصائح التي أريد تقديمها للأهل من خلال خبرتي في المجال

أولًا، الاهتمام بكل موضوع المتابعة مع مراكز الام والطفل، لانه ممكن ان يرصدوا حالات بجيل صغير. الأجيال المعتادة للرصد المبكر هي بين سنتين حتى ثلاثة سنوات، وهناك حالات ترصد باجيال اصغر لذلك ينصح بالاهتمام بكل متابعة مع مراكز الام والطفل ليقوموا بالمراقبة المهنية.
وبعدها عند اطباء الاطفال والعائلة، يجب أن يكون هناك انتباه لمؤشرات أولية.

هناك بعض الفجوات التي يمكن أن تواجهنا وتسبب لنا بخسارة الرصد المبكر، كآراء الناس من حولنا، حيث أن بعض الأهالي يرون بعض المؤشرات والتفسير من قبل الناس يكون انه عادي. لذا فنصيحتي في حال كان لدينا شك يجب أن نتوجه لمختصين دون الاهتمام بآراء الناس وملاحقة الاستفسار عن الحال حتى الاطمئنان، لأن المعرفة هي المفتاح لتحسين ظروف الولد وعدم ظلمه، لأن بعض الأولاد إذا كبرت بدون تشخيص ستتفاقم حالتها بسبب عدم أخذها للعناية الخاصة وعندها كل موضوع التشخيص والعلاجات وتلقي الحقوق سيكون اصعب.

بعض الأهالي لديهم خوف من التوجه لتلقي تشخيص وهذا تردد طبيعي مفهوم، ولكن الفائدة مقابل ثمن بهذا السياق هي أنه ينصح بالتوجه لتلقي تشخيص بدون تردد.

السبب في ارتفاع نسب التشخيص لطيف التوحد في السنوات الاخيرة يعود لعدة عوامل

أولًا، المعرفة والوعي بالمجال، سواءً للجمهور العام أو للمختصين والمهنيين.

ثانيًا، طرق التشخيص الجديدة حسب معايير DSM 5 (كتاب عالمي يشمل معايير لتشخيص حالات مختلفة منها حالة التوحد)، هذه الطرق وسعت نطاق استقطاب الحالات.

ثالثًا، لا بد أن أذكر أن الأبحاث المختلفة تتحدث عن تأثيرات جينية وبيئية مختلفة، بالإضافة إلى أن عدة أبحاث تطرقت لعدة أمور والتي تعتبر تقديرات بحثية منها: وضع الجنين أثناء الحمل، سيرورة الحمل والولادة، التدخين وشرب الكحول أثناء الحمل.

رابعًا، هناك آراء مهنية تقول انه بسبب استعمال الشاشات المختلفة والتي تقلل فرص التفاعل الاجتماعي الوجاهي وبالتالي يمكن أن تؤدي لتفاقم الحالة، (ليست سبب اساسي ادى الى التوحد وإنما هي معزز لحالة التوحد في حال تم استعمالها بشكل مبالغ فيه).

إمكانيات وخدمات لمشخصي طيف التوحد:

خدمات من 0- 3 سنوات - والتي هي حضانات علاجية
3-6 سنوات- روضات اتصالية
6 سنوات حتى 20 سنة - مدارس متخصصة بطيف التوحد
21 سنة فما فوق - برامج تشغيلية وبرامج دمج في المجتمع

من الجدير بالذكر أن بعض الأولاد المشخصين حسب مستواهم الأدائي يمكنهم الاندماج بالأطر التربوية العادية والأطر التشغيلية العادية
وحول العلاجات التي تقدّم للمصابين بطيف التوحد قال عياشي: بعض العلاجات تعطى للمشخص عن طريق المدارس وبعضها من صناديق المرضى أو على حساب الاهل الشخصي، ومن المهم ان نعرف ان هناك عدد كبير من العلاجات منها، علاجات طبية، علاجات شبه طبية، علاجات مكملة، علاجات سلوكية وغيرها.

لا شك أن هناك نقص كبير وعام بالمختصين بشكل عام، وخاصة في مجتمعنا العربي. لا شك أن نقص المختصين يؤثر على إمكانية التشخيص المبكر وبعدها على امكانية تلقي العلاجات بوقت سريع ومناسب

المستقبل الى اين؟

مع السنوات هناك تقدم في الأبحاث و كلما تقدمنا في الأبحاث لرصد الجينات المسؤولة عن التوحد كلما زاد الاحتمال لرصد الحالة أثناء الحمل، لذلك هنالك أمل.

يجب علينا كمجتمع ملاءمة أنفسنا وبيئتنا وبذل الجهد لايجاد نقطة التوازن بينهما وبين احتياج وخصائص الأشخاص مع توحد، من جهة يعتادوننا ومن جهة ملاءمة أنفسنا لاحتياجاتهم.

هناك اسئلة تشغل بال الأهالي حول مستقبل الولد المشخص بالتوحد عند الكبر وهي:

هل يمكن أن يندمج بسوق العمل؟ نعم، حسب قدراته الخاص
هل يمكن أن يندمج في التعليم الأكاديمي؟ نعم، حسب قدراته الخاصة
هل يمكن أن يصل لوضع بناء أسرة؟ نعم، ولكن ليس كل الأشخاص الذين مع توحد يمكنهم أن يصلوا لهذه المرحلة بسبب اختلاف القدرات والميزات.

وبالنهاية الاحتواء، التعزيز والدعم هي المفاتيح لتحسين جودة الحياة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]