هل تجب الفدية على مَن تأخَّر في قضاء ما أفطره مِن رمضان حتى دخل رمضان آخر؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
هل تجب الفدية على من تأخر في قضاء ما أفطره من رمضان؟
وقالت: المستحب لِمَن أفطر في رمضان لعذرٍ مِن مرضٍ أو نحوه أن يُبادر بقضاء ما عليه من صيامٍ حال القدرة عليه، فإن أخَّر القضاء بعذرٍ أو بغير عذرٍ حتى أدركه رمضان آخر لَزِمَهُ القضاء بَعدَهُ ولا فدية عليه، وهو مرويٌّ عن بعض الصحابة كالإمام علي وابن مسعود رضي الله عنهما، وجماعةٍ من التابعين؛ منهم: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وهو مذهب الحنفية، والمُزَني من الشافعية، ووجهٌ محتمَلٌ اختاره شمس الدين ابن مفلح من الحنابلة، ومذهب الظاهرية.
وقد بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن من أعظم نفحات الله وكرمه علينا أن منحنا شهراً يحمل عبق الجنة وريحها، شهراً فيه ليلة خير من ألف شهر، شهراً اختصه سبحانه بفضائل وبركات لا توجد في غيره من الشهور، ليكون محلا للسبق ونيل أعلى الدرجات، وتدارك الفائت من الأعمال والأوقات، ومن الفضائل التي اختص الله -عز وجل- بها شهر رمضان: إنزال القرآن الكريم فيه، وهو المعجزة الخالدة الدالة على نبوته ﷺ على مر الزمان، الجامعة للقوانين المنظمة للكون، الصالحة للتطبيق في كل زمان ومكان، فكان حرياً بأن يشرف به الزمان الذي ميزه الله وخصه بإنزاله فيه.
وكما اختار الله تعالى هذا الشهر لإنزال القرآن فيه اختاره أيضاً لإنزال غيره من الكتب المقدسة السابقة عليه، فقد قال النبي ﷺ : «أُنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأُنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأُنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان» (رواه أحمد)، قال الحافظ ابن حجر: «يحتمل أن تكون ليلة القدر في تلك السنة كانت تلك الليلة فأنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا، ثم أنزل في اليوم الرابع والعشرين إلى الأرض أول سورة العلق» (فتح الباري).
وتابع: فضل شهر رمضان بين سائر الشهور كفضل سيدنا يوسف -عليه السلام- بين إخوته، فكما كان يوسف أحب الأولاد إلى يعقوب -عليه السلام- كذلك رمضان أحب الشهور إلى علام الغيوب، وإن كان في يوسف من الحلم والعفو ما غمر به جفاء إخوته فقال: (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ). فكذلك شهر رمضان فيه من الرأفة والبركات والنعم والخيرات والعتق من النيران والغفران ما يربو على بقية شهور العام.
ونظراً لما اختص الله -تعالى- به هذا الشهر الجليل من الكرامات والبركات والنفحات وتنزل الرحمات وكثرة التجليات، فقد حث فيه على فعل كثير من المستحبات، التي يتأكد فعلها في رمضان، ويعظم أجرها فيه أكثر مما لو أديت في غيره، ومن أعظم الأعمال التي يثاب عليها المسلم في رمضان "الصدقة"، فهي عظيمة البركة على صاحبها وعلى كل من يساهم فيها بوجه ما، فيعمهم الثواب والخير وإن قلت أياديهم فيها، فالتوسعة على الفقراء في رمضان مطلوبة، إذ لما كثرت العطايا الربانية والمنن الإلهية، وازداد سطوع الأنوار القرآنية في هذا الشهر، عظم الباعث على الجود، لذا « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ » «رواه البخاري»، والريح المرسلة خيرها بلا حدود يعم القريب والبعيد ، فلا يقتصر على فرد دون فرد أو جماعة دون جماعة، وهذا كان خلق النبي ﷺ يعطى عطاء من لا يخشى الفقر.
وكذلك المؤمن الذي يقتدي بالنبي ﷺ في رمضان يزهد في الدنيا، ويرغب في الآخرة ويرق للضعفاء، ويجود بما في يده ويطلق لها العنان في الإنفاق، فقد سئل النبي ﷺ: أي الصدقة أفضل؟ قال: «صدقة في رمضان» «رواه الترمذي).
[email protected]
أضف تعليق