"لا يرغب أي إنسان أن يشاهد ابنه يعاني كل يوم وكل ساعة، بينما يعلم بأن هناك دواء ممكن أن يساعده، ينقذ حياته، وهذا الدواء على بعد خطوة منه، وما يمنع الدواء عنه هو إجراءات بيروقراطية!" هذا ما قالته مديرة جمعية نيسان رينا زعبي في حديث معها، وأضافت: "إن عائلات المرضى تعاني مرتين: المرة الأولى بسبب كون المرض نادرًا، الأعراض الصعبة التي يتحمّلونها وصعوبة التشخيص، والمرة الثانية، لوجود دواء ولكنه غير مشمول في سلة الخدمات الصّحّيّة وثمنه باهظ جدا!"
هذا هو حال أهالي الأطفال الذين يعانون من المرض الكبدي النادر المسمى PFICوفي هذا السياق شاركت الأسبوع الماضي جمعية نيسان ممثّلة بمديرتها التنفيذية المهندسة رينا زعبي وعضو لجنة المراقبة في الجمعية السيدة وداد أشقر- ممرّضة مختصّة بطب العائلة، برفقة والدين وابنهما المشخّص بمرض PFIC والذي يبلغ من العمر سنة ونصف- في اجتماع حزب القائمة العربيّة الموحّدة، حيث افتتح اللّقاء عضو الكنيست الدّكتور ياسر حجيرات وقال "في العام الماضي حاولنا جاهدين إيصال صرخة معاناة أهالي الأطفال مرضى PFIC، هذه العائلات تحاول الحصول على المساعدة في إقتناء دواء الذي ينقذ حياة أبنائهم! التّحدّي الكبير في مثل هذه الحالات النّادرة هو الثّمن الباهظ جدا للعلاج الوحيد! وأضاف د. حجيرات "للأسف لم يسمع صراخي ولم يتم إدراج الدّواء في سلّة الأدوية العام الماضي! اليوم تناضل العائلات مرّة أخرى من أجل الدواء الذي سينقذ حياة أطفالهم، آملين أن تُسمع صرختنا هذا العام ويتم إدراج الدّواء في السّلة".
تم عرض أهداف ونشاطات الجمعية ونضالها في إدخال الأدوية المنقذة للحياة على أعضاء الكنيست اللذين أعربوا عن دعمهم وسعيهم لتخفيف معاناة الأهل الى جانب الجمعية من أجل علاج أبنائهم.
وقد رأى أعضاء الكنيست معاناة الطفل الذي يخدش باستمرار، معاناة يعشيها الطفل مع عائلته منذ الولادة...
شارك باللقاء كل من أعضاء الكنيست: د. منصور عباس، د. ياسر حجيرات، ايمان خطيب، وليد طه، وليد الهواشلة.
وفي الجلسة العامة للكنيست التي عُقدت في نفس اليوم، طالب مجدّدا عضو الكنيست د. حجيرات إدراج الدواء لمرضى PFIC من ضمن سلّة الأدوية للعام 2024من قبل وزارة الصحة.
لفهم ما تعاني منه عائلات الأطفال المرضى بال PFIC إليكم هذه الشهادة التي كتبتها إحدى الأمهات، بعنوان "قصّتنا مع مرض الـ "PFIC :
أنا وزوجي أبناء خالات، رزقنا بثمانية أبناء، سبعة منهم معافين وأحدهم فقط يبلغ من العمر 6 سنوات ويعاني من مرض PFIC، تشخّصت حالته بهذا المرض PFIC (الركود الصفراوي العائلي التقدمي داخل الكبد) عندما كان يبلغ 4 شهور، وهو مرض كبدي وراثي نادر ومميت، يسبب أضرارًا شديدة ومستمرة للكبد منذ الطفولة ويمنح الطفل 10 سنين كحدّ اقصى.
تشخّصت حالة ابني عن طريق فحص أوّلي بصندوق المرضى كلاليت، وتم تحوليه إلى مشفى هداسا عين كارم، وبعد فحوصات مكثّفة تبيّن أنه يعاني من مرض PFIC، ومكث في المستشفى لمدة أربع شهور وأنا مكثت برفقته.
منذ تشخيص حالة ابني نصحنا الطّبيب المختصّ بأن يخضع لزراعة كبد أو أننا سنخسره، ولكن بسبب جيله الصّغير لم أوافق على ترشيح ابني لعملية زرع كبد.
قبل سنة أخبرنا الطّبيب أن هناك دواء يمكن أن يحسّن ويساعد في حالة ابني، لكن الخبر غير السّار هو أن ثمنه طائل ويتطلّب الكثير من الوقت للحصول عليه من خارج البلاد.
أخبرنا الطبيب أيضًا أن الدّواء يعتبر بديل لعملية الزّراعة، فهو يعالج المسبّب للمرض وسيتوجّب عليه تناوله كافّة حياته، وذلك للحفاظ على كبده من التّلف. مع العلم أن ابني يتناول الآن كميات كبيرة من الدّواء لتهدئة الألم وليس لمعالجة السّبب.
كنتيجة للمرض يعاني ابني من حكّة شديدة متواصلة في جميع أنحاء جسمه، تصل لمرحلة النزيف والندوب، بالإضافة إلى الألم والانزعاج المستمر، صعوبة في النوم والنّوم المتقطّع، التّهيّج، القلق، الاكتئاب وأيضا آلام شديدة في البطن.
كثيرا ما يشعر أنه فتى منبوذ وغير مرغوب به في مدرسته من قِبل الطّلاب والمعلّمين الذين لا يقتربون منه بسبب مظهر بشرته من كثر الحكّة، حيث أصبح جلده ينزف ويخافون من "العدوى" منه. وبالتالي تتم إعادته كل يوم تقريبًا إلى منزله قبل انتهاء الدّوام، ومن المؤسف أن المدرسة طلبت رسالة من الطبيب المعالج بأن مرضه ليس معديا، وجميع الأطفال لا يرغبون في اللّعب معه وبالتالي أصبح منطويا ولا يخرج من المنزل إلّا للعلاج.
بمبادرة من شركة الأدوية وبالترتيب مع جمعية نيسان تم تخصيص الدّواء لابني لفترة محدّدة وبالتالي لاحظنا الفرق في تجاوبه للعلاج، قبل البدء بالعلاج كان طفلي غير مستقل يعتمد على والدته وأفراد أسرته في الرّعاية والمساعدة في الأنشطة اليومية التي لا تتوافق مع عمره (على سبيل المثال: المساعدة في الملابس، الذهاب إلى المرحاض، الأكل والشرب وما إلى ذلك) وينطبق الشيء نفسه على البيئة التعليمية في حال مشاركته بها..
أما بعد تناول العلاج أصبح هناك تحسّن في أعراض المرض، نتائج فحوصاته أفضل، تحسّن في مؤشرات المرض وانخفاض كبير في أعراض الحكّة، وتحسين ساعات النّوم، وبالتالي تقليل التّهيج والتّعب وتحسّنت حالته الصّحّية، أصبح أكثر هدوءا وبمقدوره القيام بأنشطة مستقلّة.
العلاجات المتاحة اليوم هما إما الدواء الذي نطالب بإدراجه ضمن سلّة الأدوية حتى نتمكّن من شرائه! أو الجراحة التي تتضمّن زراعة كبد أو عمليّة جراحيّة تهدف إلى تحفيز الأحماض الصّفراوية من الكبد وإفرازها عبر الجهاز الهضمي، ولكن هذه العلاجات ليست الحلّ الأمثل حيث أن هناك احتماليّة تكرارها من المرض حتى مع الزّرع الجديد.
منذ حصولنا على الدواء ضمن برنامج مساعدة خاص ونحن نعيش مع مشاعر متناقضة- فرحتنا بتحسّن حالة ابننا الصّحّيّة وبالمقابل خوفنا الدائم من انتهاء برنامج المساعدة الخاص بابننا، لذلك نتمنّى أن يُسمع صوتنا وأن يتم إدراج الدواء المنقذ للحياة في سلّة الأدوية حتى نضمن صحّة وسلامة ابننا".
[email protected]
أضف تعليق