أظهرت نتائج تجربة سريرية دولية متعددة المراكز كشف عنها أخصائي في مستشفى كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، أن عقار سيماغلوتيد أدى إلى خفض احتمالية وقوع أحداث رئيسية مرتبطة بالأمراض القلبية الوعائية بنسبة 20% لدى الراشدين من ذوي الوزن الزائد أو المصابين بالسمنة من غير المصابين بالسكري والذين تم تشخيص إصابتهم مسبقاً بأمراض قلبية وعائية.
ويتم وصف سيماغلوتيد بصورة أساسية للراشدين المصابين بالسكري من النوع الثاني، كما أنه مُعتمد للاستخدام في إدارة الوزن لدى الراشدين من ذوي الوزن الزائد أو المصابين بالسمنة، وممن يعانون من حالة صحية واحدة أخرى على الأقل. وتمكّن المرضى الذين تم علاجهم بعقار سيماغلوتيد من تخفيف وزنهم وسطياً بنحو 9.4%، إلى جانب تحقيقهم لتحسن في عوامل الخطر الأخرى مثل الأمراض القلبية الوعائية.
وتم عرض نتائج تجربة "سيليكت – سيماغلوتيد وآثاره على الأمراض القلبية الوعائية لدى المرضى من ذوي الوزن الزائد أو المصابين بالسمنة من غير المصابين بالسكري" (SELECT – Semaglutide and Cardiovascular Outcomes in Patients with Overweight or Obesity Who Do Not Have Diabetes) خلال جلسة علمية عقدت مؤخراً ضمن إطار فعاليات الجلسة العلمية 2023 لجمعية القلب الأمريكية، وتم نشرها في "مجلة نيو إنغلاند للطب" (New England Journal of Medicine).
وحصل المرضى الذين يعانون من أمراض قلبية وعائية والوزن الزائد أو السمنة من غير المصابين بالسكري، خلال التجربة على حقن أسبوعية من عقار سيماغلوتيد بجرعة 2.4 ميليجرام. وكانت هذه الجرعة أكثر فعالية من جرعة العلاج الوهمي في التقليل من مسببات الأمراض القلبية الوعائية، والنوبات القلبية غير القاتلة، والسكتات الدماغية غير القاتلة وذلك خلال فترة متابعة وسطية امتدت لـ40 أسبوعاً.
وقال الدكتور مايكل لينكوف، المؤلف الرئيسي في تجربة "سيليكت"، ونائب رئيس الأبحاث في قسم طب القلب والأوعية الدموية في مستشفى كليفلاند كلينك: "من المعلوم أن الوزن الزائد والسمنة يزيدان من مخاطر إصابة الأشخاص بالأمراض القلبية الوعائية. وعلى الرغم من أن خفض مخاطر الأمراض القلبية الوعائية يتم عبر ممارسات علاجية معيارية تشمل خفض الكوليسترول المرتفع وخفض ضغط الدم وإدارة السكري، إلا أن مبدأ معالجة السمنة من أجل تقليل مضاعفات الأمراض القلبية الوعائية لم يحظ بالاهتمام اللازم مسبقاً بسبب غياب الأدلة المتعلقة بقدرة تغييرات أسلوب الحياة أو التدخلات الدوائية لعلاج الوزن الزائد أو السمنة، على تحسين النتائج القلبية الوعائية. يعد هذا الاكتشاف أول تدخل دوائي مخصص لمعالجة الوزن الزائد أو السمنة يستطيع وبشكل ملموس خفض مخاطر الأمراض القلبية الوعائية".
وتشير التقديرات إلى احتمالية إصابة أكثر من نصف سكان العالم بالوزن الزائد أو السمنة بحلول عام 2035. وشكّل ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI) السبب الرئيسي لوفاة أكثر من 4 ملايين شخص حول العالم في عام 2015، وكان أكثر من ثلثي حالات الوفاة ناتجاً عن الأمراض القلبية الوعائية.
ويعد سيماغلوتيد عقار ناهض لمستقبل الببتيد المشابه للغلوكاجون (GLP-1) وتم اعتماده سابقاً، وبدأ مؤخراً وصفه لعلاج الراشدين المصابين بالسكري من النوع الثاني، كما حصل في عام 2021 على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لإدارة الارتفاع المزمن للوزن في الراشدين الذين يعانون من السمنة أو الوزن الزائد والمصابين بمرض واحد على الأقل مرتبط بالوزن. وعلى الرغم من ارتباط نتائج عقار سيماغلوتيد في ما يخص خفض الوزن بتثبيط الشهية بصورة رئيسية، إلا أنه يتمتع بخصائص أخرى قد تقلل من مخاطر الأمراض القلبية الوعائية ومن ضمنها تحسين مستويات سكر الدم، وخفض ضغط الدم، وخفض مستويات الكوليسترول، وتقليل الالتهابات، إلى جانب فوائده الأخرى على عضلة القلب والأوعية الدموية.
منهجية التجربة
امتدت تجربة "سيليكت" خلال الفترة من أكتوبر 2018 ولغاية يونيو 2023، وقام الباحثون خلالها بإدراج مرضى تبلغ أعمارهم 45 عاماً فما فوق ممن يعانون مسبقاً من أمراض قلبية وعائية ولديهم مؤشر كتلة جسم يبلغ 27 وأكثر، لكنهم غير مصابين بالسكري. وشملت التجربة أكثر من 17,000 مريض من 41 دولة ممن تعرضوا سابقاً لنوبة قلبية و/أو سكتة دماغية و/أو يعانون من أمراض شرايين محيطية، وجرت متابعتهم لفترة 40 شهراً بعد اختيارهم عشوائياً لتلقي حقنة أسبوعية من عقار سيماغلوتيد عيار 2.4 ميليجرام أو من علاج وهمي.
وبالإضافة إلى أخذ عقار سيماغلوتيد أو العلاج الوهمي خلال التجربة، فقد حصل المشاركون على علاج قياسي لأمراض القلب والشرايين شمل أدوية معالجة الكوليسترول، وعلاجات منع التخثر، وحاصرات بيتا، وغير ذلك.
وتم خلال التجربة تسجيل حالات الوفاة بسبب أحداث قلبية وعائية، أو تسجيل نوبات قلبية غير قاتلة، أو سكتات دماغية غير قاتلة في 6.5% من المرضى الذي تمت معالجتهم بعقار سيماغلوتيد مقارنة بـ8.0% من المرضى الذين تلقوا العلاج الوهمي، ما يشير إلى انخفاض المخاطر النسبية بنسبة 20% لدى المرضى الذين تم علاجهم بعقار سيماغلوتيد. وتجدر الإشارة إلى أن نسب انخفاض المخاطر كانت متماثلة في الرجال والنساء، وبين الأفراد من الأعراق المختلفة والفئات العمرية ومستويات خط الأساس لوزن الجسم.
ولم يتم تسجيل أي آثار سلبية على سلامة المشاركين في التجربة الذين حصلوا على عقار سيماغلوتيد. وكانت نسبة المرضى الذين توقفوا عن أخذ عقار سيماغلوتيد (16.6%) أعلى مقارنة بالمرضى الذين حصلوا على العلاج الوهمي (8.2%)، وذلك بسبب الأعراض المرتبطة بالجهاز الهضمي مثل الغثيان والإسهال. ولا تعد هذه الأعراض غير شائعة لهذا النوع من الأدوية، وخاصة عند البدء بتلقي العلاج أو زيادة الجرعة. كما تم تسجيل ارتفاع طفيف في اضطرابات المرارة لدى المجموعة التي حصلت على عقار سيماغلوتيد مقارنة بمجموعة العلاج الوهمي (2.8% مقارنة بـ2.3% على التوالي)، الأمر الذي تم توثيقه في دراسات سابقة أخرى على عقاقير متعلقة بالببتيد المشابه للغلوكاجون (GLP). والأهم من ذلك، لم يرتبط استخدام عقار سيماغلوتيد بمخاطر أعلى للإصابة باضطرابات شديدة في الجهاز الهضمي، أو التهاب البنكرياس، أو اضطرابات نفسية، أو أضرار بالكلى.
وأضاف الدكتور لينكوف: "من المعروف على نطاق واسع بأن السمنة والوزن الزائد يعتبران في واقع الأمر من الأمراض الاستقلابية، إلا أن الوسائل العلاجية الفعالة لهما كانت محدودة إلى الآن. وتؤكد الدراسة الحالية التي تم إجراؤها على عقار سيماغلوتيد فعالية هذا الأسلوب الجديد الذي يتيح خفض المخاطر الزائدة للسمنة والمرتبطة بالمضاعفات القلبية الوعائية المهمة والتي قد تسبب الوفاة".
ويعد إدراج الأفراد الذين يعانون مسبقاً من أمراض قلبية وعائية فقط في التجربة من أبرز القيود التي اتسمت بها، لذلك لم تتم دراسة آثار عقار سيماغلوتيد على الأحداث الرئيسية للأمراض القلبية الوعائية في الأفراد من ذوي الوزن الزائد أو الذين يعانون من السمنة ولكن من غير المصابين بأمراض قلبية وعائية.
[email protected]
أضف تعليق