الدكتور جواد هندي يتحدث لـ"بكرا" عن التهاب المريء اليوزيني

يعتبر مرض EoE أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل حساسيّة أخرى مثل التهاب الأنف، الرّبو، الأكزيما أو حساسيّة الطعام. ويظهر لدى الأشخاص من مختلف الأعمار والخلفيّات العرقيّة، ويَكثر عادة بين الأولاد والرجال، وقد تم تحديد ميل وراثي للمرض في بعض عائلات المرضى.
ضمن فعاليّات جمعيّة نيسان لصحّة الجهاز الهضمي، الكبد والتغذية التي تهدف إلى نشر المعرفة ورفع الوعي حول موضوع التهاب المريء اليوزيني، قمنا بعمل هذا اللقاء مع الدكتور جواد هندي (طبيب مختصّ بأمراض الجهاز الهضمي في مستشفى روتشيلد في حيفا، وباحث في علم المناعة بكليّة الطّب في معهد التخنيون) لفهم هذا المرض بشكل أفضل.

ما هو التهاب المريء اليوزيني (EoE)؟
التهاب المريء اليوزيني "Eosinophilic Esophagitis" (EoE) هو مرض حساسية مزمن يتميّز بتلف وظيفة المريء، مصحوبًا بزيادة في عدد اليوزينيات في أنسجة المريء. وهو مرض جديد نسبيًا، وفي العقدين الأخيرين حدثت زيادة في عدد الأطفال والبالغين الذين تم تشخيص إصابتهم به. يبدو أن هذه الزيادة لا تعكس فقط زيادة في معدلات تشخيص المرض، والتي تنتج عن زيادة الوعي، ولكن أيضًا بسبب الزيادة الفعلية في انتشاره. في السنوات الأخيرة، يقدِّم الأطبّاء المزيد من المعلومات العلمية التي توجِّه طرق علاج المرض، والتي عادة ما تستمر لفترة طويلة وتتميز أحيانًا بالتناوب بفترات بين التّفاقم والهدوء.

ما هي اليوزينيات؟
اليوزينيات هي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تُعد جزءًا مهمًا من جهاز المناعة. لها دور مركزي في حماية الجسم من أنواع معينة من العدوى، خاصة تلك التي تسبِّبها الطفيليات. من الشائع حدوث زيادة في عدد اليوزينيات في الدم، ويمكن أن تكون ناجمة عن أسباب مختلفة، بما في ذلك فرط الحساسية أو الحساسية تجاه الغذاء والعوامل البيئية، الالتهابات، الرّبو، التهاب الجلد التأتبي أو ما يعرف بـ "ربو الجلد Atopic Dermatitis"، الاضطرابات الأولية في الجهاز الهضمي المتعلِّقة باليوزينيات، سرطان الدم وغيرها من المشاكل. إذا كان مستوى اليوزينيات في الجسم أعلى من الطبيعي دون سبب معروف، فقد يكون اضطراب اليوزينيات. وعادةً ما تُعرَّف اضطرابات اليوزينيات وفقًا للعضو المصاب، على سبيل المثال، يتميز التهاب المريء اليوزيني بتكاثر اليوزينيات في المريء.

ما هي أعراض التهاب المريء اليوزيني EOE
أعراض المرض ليست ثابتة لدى كافة المرضى. من تحليل النتائج لأكثر من 400 طفل في إسرائيل وأوروبا تم تشخيصهم بـ EoE ، وجد أن هناك اختلافًا في الأعراض التي يشكو منها المرضى عندما يأتون إلى طبيب أخصائي أمراض الجهاز الهضمي. في حين أن مشاكل النمو والتطور ورفض الأكل والقيء أكثر شيوعًا عند الأطفال، فإن الشكاوى الأكثر شيوعًا عند البالغين هي صعوبات البلع، الألم أثناء نزول الطعام من الفم إلى المعدة وانحشار الطعام في المريء.

هناك أعراض شائعة لالتهاب المريء اليوزيني وتشمل صعوبة البلع، انحشار الطعام في المريء، استفراغ وغثيان، فشل في النمو، ألم في الجزء العلوي من البطن أو ألم في الصدرو ضعف الشهية أو رفض الأكل.

كيف بالإمكان تشخيص المرض؟
على الرغم من المحاولات المتعدِّدة لإيجاد طرق تشخيصيّة غير اجتياحيّة للجسد، فإن الطريقة الوحيدة حاليًا لتشخيص ومراقبة نشاط التهاب المريء اليوزيني هي أخذ عيِّنات من الأنسجة الدقيقة في المريء أثناء التنظير الداخلي المعوي.
في هذا الاختبار، الذي يتم إجراؤه تحت التّخدير الكامل أو التّخدير الموضعيّ (عند الأطفال عادةً تحت التخدير الكامل)، يُدخل الطبيب أنبوبا به كاميرا بصريّة (منظار داخلي) عبر الفم ويفحص المريء والمعدة والإثني عشر (بداية الأمعاء الدقيقة) ويأخذ عيِّنات الأنسجة من مناطق عدّة. في بعض الحالات، يكتشف الطبيب المشكلة خلال الفحص، لكن المظهر وحده لا يكفي لتشخيص المرض أو لتحديد ما إذا كان نشطًا أم في حالة هدوء. في حوالي أكثر من ثلث الحالات، تبدو الأعضاء سليمة على الرغم من الوجود النّشِط للمرض، لذلك من المهم جدًا أخذ عيِّنات الأنسجة وتقديمها للفحص.
ترجع الحاجة إلى عدّة عيِّنات إلى حقيقة أن المرض ليس موحّدًا في المريء وإنما منتشر بشكل بقع متعددة وفقط بمساعدة عدة عيِّنات يمكن تشخيص المرض النشط أو استبعاده على وجه اليقين.

ما هي طرق علاج التهاب المريء (EoE)؟
ينقسم علاج التهاب المريء اليوزيني إلى 3 مجموعات رئيسية:
- علاج غذائي بمتابعة حثيثة.
-علاج مثبّطات قنوات الهيدروجين (مثبِّطات مضخة البروتون- PPI ).
- العلاج الدوائي بالستيروئيدات و/أو الأدوية المضادّة لإفراز الحمض والعلاجات البيولوجية الحديثة للحالات الأصعب.
القرار بشأن نوع العلاج هو قرار مشترك لكل من الطبيب والمريض، وتتمثّل الإعتبارات في اتِّخاذ القرار بشأن طريقة العلاج في إرادة المريض وقدرته على الامتثال للعلاج ونوع الأعراض التي يعاني منها أثناء المرض النشط.

حدِّثنا عن النقاط الأساسية للعلاج الغذائي وطرق المتابعة.
تتحسّن حالة العديد من مرضى EoE بعد العلاجات الغذائية (وخصّيصا فئة الأطفال). عادة ما يتم تحديد القيود الغذائيّة وفقًا لمسبِّبات الحساسيّة الشائعة بين السّكان. بعد تحسّن أعراض المرض وانخفاض عدد اليوزينيات في المريء، يتم تحرير القيود الغذائيّة بصورة تدريجية يحدِّدها الطبيب وبمرافقة أخصائي تغذية. من المهم أن نعرف بأن التهاب المريء اليوزيني (EoE) يتطلب علاجًا مستمرًا، بالإضافة الى ذلك، يحتاج المُعالَجين إلى مناظير داخلية إضافية لتقييم تأثير الأدوية على المريء. ويعمل الأطباء والعلماء على تطوير طرق جديدة للمراقبة والتشخيص، بالإضافة إلى تطوير عقاقير جديدة لعلاج المرض.

هل هناك آثار جانبية لهذا المرض؟
من الآثار الجانبية لهذا المرض عندما يكون نشطًا وغير معالج لسنوات ظهور التضيّقات على طول المريء.
في البداية، تكون هذه التضيّقات ناتجة عن الالتهاب وتختفي بالعلاج المناسب، ولكن بمرور السنين يمكن أن تصاب بالتّليّف. في هذه الحالات، حتى عندما يتم التّحكّم في الالتهاب بالأدوية أو العلاج الغذائي، فإن القيود لن تختفي ومن الضروري توسيع المريء عن طريق بالون يتم ادخاله عن طريق فحص المنظار العلوي. في معظم المرضى من الضروري تكرار العملية أكثر من مرة. سيقدم الطبيب شرحًا شاملاً للإجراء عند الضرورة. يجب التنويه الى أن مشاكل تليّف المريء نادرة الحدوث في الطفولة، ولكن تزداد وتيرتها حسب عدد سنوات المرض غير المعالج, ومن هنا أهمية التّشخيص والعلاج المُبكِّر.

ما التّغييرات الحياتيّة الأساسيّة المُرافقة لتشخيص المرض؟
ضرورة المتابعة ومراجعة الطّبيب المعالِج هي أهم جزء من مسيرة معالجة هذا المرض المزمن، إذ أنه، وفي بعض الحالات غير النادرة. قد يتحسّن وضع المريض الصِّحّي، مما قد يؤدي إلى نزوحه عن العلاج وتوقف المتابعة لدى الطبيب، وهذا ما قد يسبِّب الى استمرار الالتهاب بشكل خفيّ حتى يقوم بتلف المريء تدريجيا، إلى أن يزداد وضعه سوءا ومن ثم رجوع عوارض المرض بشكل أصعب مما كان عليه في البداية.

نصيحتك للمشخصين، لأبناء عائلاتهم والمجتمع عامّة؟
عدم تأجيل الاستشارة الطبّيّة الأوّليّة في كل ما يتعلق بالعوارض التي ذكرتها، خصّيصا عسر البلع، فمعظم الحالات تتطلّب إكمال الاجراءات والفحوصات الطّبيّة، وغالبا ما تنتج عن مشكلة أو مرض في المريء، لا سيّما ال EoE الذي، وكما ذكرت، يتزايد انتشاره وتشخيصه في الآونة الأخيرة، ولدينا اليوم الخبرة الكافية لمعالجته مقارنة مع السنين السابقة.