حاور موقع بكرا بروفيسور أسعد غانم - المحاضر في قسم العلوم السياسية، حول تبعات الحرب بين غزة واسرائيل، وقال خلال حديثه مع موقع بكرا:
"حركة “السلام الآن” وهي الأكثر شعبية بين الحركات خارج البرلمان ونشطت في ثمانينات القرن الماضي، اختفت تماما من المشهد، بعض الجمعيات والحركات الصغيرة اختفت، وبعضها ينشط بشكل محدود، لكنه مهم للغاية، وأعني مثلا “بتسيلم” التي ترفع صوتا واضحا ضد التصعيد الأخير وهي التي نشرت قبل ثلاث سنوات تقريرا يفيد بتحول إسرائيل إلى نظام آبرتهايد، داخل وخارج الخط الأخضر أو نشاط حركة “نقف معا” (عومديم ياحد) اليهودية- العربية ضد الاحتلال والتضيييق وملاحقة الفلسطينيين. لكن التعبير الأقوى لضمور معسكر السلام الإسرائيلي هو تراجع الدعم الشعبي لأحزاب كانت تشكل حتى قبل سنوات عمودا فقريا مركزيا لمعسكر السلام، وأعني تحديدا حزب العمل الذي مثل قطاعا واسعا من “مؤيدي التسوية” منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم، وحزب ميرتس اليساري الذي شكل رافدا مهما وصوتا مهما في دعم مساعي التسوية مع الفلسطينيين".
وأضاف: "من المهم القول إجمالا إن حالة تراجع معسكر السلام في إسرائيل هي الوجه الآخر لصعود اليمين في إسرائيل، وبالتالي فلا يمكن تحليل هذا التراجع بغير الإشارة إلى عوامل ازدياد قوة اليمين، وفي الحالتين فإننا نتحدث عن أسباب ديموغرافية، واجتماعية في جوهرها تقع تغييرات ديموغرافية حسبها تراجع في نسبة اليهود الغربيين والأشكناز في المجتمع الإسرائيلي، وهم كانوا عمادة دعم أحزاب “معسكر السلام”، ولكن الأمر يرتبط بعدم وضوح الرؤيا لمستقبل إسرائيل والصراع مع الفلسطينيين لدى هذه الأحزاب، وعدم وجود قيادات فعالة لديها، وكما تراجعت العملية السلمية برمتها وتعميق عدم ثقة الإسرائيلي المتوسط بأية تسوية ممكنة مع الفلسطينيين".
معسكر السلام غير قادر فكريا في ظل هذه الأزمة على أن يبرر توجهه ويعتبر توجهات اليمين
وتابع: "معسكر السلام غير قادر فكريا في ظل هذه الأزمة على أن يبرر توجهه ويعتبر توجهات اليمين هي من قادت لهذه الحالة، بل يقوم بجلد نفسه بدلا من نقد اليمين وفكره وطريقه".
واختتم: "أستطيع الجزم بأن هذه الحالة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل، وتفيد بأن ما تبقى من هوامش “معسكر السلام” حتى مساء السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحول إلى جزء من إجماع وطني شامل يتطلع إلى الانتقام، مهما كان الثمن الإنساني الذي يدفعه الغزيون خصوصا، وعموم الفلسطينيين إجمالا. وهذه حالة تستحق التمعن، خلال المواجهة الحالية في غزة وتفاقم الوضع الإنساني والقتل والتدمير في غزة، وبالتأكيد فإن الأمر سيمتد لسنوات قادمة، من الصعب توقع تغييرها، والعودة ولو تدريجيا إلى وضع إسرائيلي يسمح بإعادة نقاش جدي حول إنهاء الاحتلال والتسوية السياسية، مما يتطلب تفكيرا فلسطينيا جديا في هذا الواقع الذي تطور خلال عقود وتفاقم في الأسابيع الأخيرة.
[email protected]
أضف تعليق