تثير الحروب هلعًأ في قلوب المواطنين والسكان حول العالم، وذلك بسبب الآثار والدمارات الكارثية التي تخلفها، ومع انتهاء الحرب تنفتح أبواب جحيم آخر يعيشه الناجون من الموت بسبب الجروح العميقة في نفوسهم وأجسادهم وأرواحهم التي لا يمكن التخلص منها بسهولة.
وذكرت مجلة الصحة العقلية والنفسية الأميركية أن 22%من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الصراعات المسلحة يعانون من الاكتئاب والقلق و"اضطراب ما بعد الصدمة"، وأن نحو 9% من سكان البلدان التي تشهد صراعات عنيفة يعانون من اضطرابات صحية عقلية ونفسية شديدة.
وحول التأثيرات النفسية للحروب على المواطنين، تحدث موقع بكرا مع المختص بعلاج الصدمات النفسية، د. أمجد موسى والذي قال بدوره: "التأثيرات النفسية بشكل عام للحرب، بشكل أولي هي بلبلة فكرية، مشاعر خوف، قلق وارتباك، تصرفات حذرة، شلل تصرفاتي، تصرفات فيها حدية، وبخصوص الجانب الاجتماعي نرى عزلة ووحدة، وهذ يؤدي الى سماع اخبار اكثر".
"حدث طارئ متدحرج"
وأضاف: " المصطلح الذي استعمله في علم النفس هو حدث طارئ متدحرج، والتي يكون فيها حتلنات متواصلة ومعلومات مختلفة باوقات متقاربة، وأمّا الحرب المتدحرجة الموجودة حاليًا، من الممكن ان يكون هناك اكثر ردود فعل، مثل تضارب بالمشاعر بسبب الحقائق المختلفة والمعلومات الكثيرة، كالفخر، الخوف، الخذلان، البلبلة والاضطراب الشعوري".
تناقضات فكرية
وأكمل د. موسى حديثه قائلًا: "الافكار فيها عدم وضوح، كل جزئية توصلنا لسيناريوهات فكرية مختلفة، هناك تناقضات فكرية كبيرة، وهذا ينجم عنه صراع فكري، وهذا قد يوصلنا لمرحلة فسيولوجية صعبة كأوجاع رأس، وأوجاع جسدية مختلفة، أوجاع في البطن وتعرق بشكل كبير، بالاضافة الى احمرار في مناطق بالوجه لدى بعض الأشخاص، ولمن يمر بكل هذه العوارض مرة واحدة فان ذلك قد يؤدي الى مشاكل جلدية او اضطراب في التنفس".
اضطراب ما بعد الصدمة
وحول اضطراب ما بعد الصدمة وعوارضه قال: "اضطراب ما بعد الصدمة، هو بشكل عام يكون فيه شعور بعدم القدرة وعدم الحيلة على المواجهة، بحيث يشعر الانسان ان كيانه وجسمه مهددان، ويتولد لديه ما يشبه التداخل الشعوري الصعب، وتغلغل فكري دون أن يتحدث عن الموضوع، مثلا، بعد نهاية الحرب قد نرى الاشخاص من حولنا ينتفضون ويرتابون دون سابق نذار، او أن تأتي فكرة برأسه انه يسمع أصوات قصف وقنابل، وأن الحرب قائمة، وكل هذه قد تكون ردود فعل لاضطراب ما بعد الصدمة".
وحول الابحاث التي اجريت على الشعوب التي تعرضت لحروبات سابقًا قال: "في بحث اجريته لفحص تأثيرات الحروب واضطراب ما بعد الصدمة، وجدت انه في عام 1921 كان هناك بحث، يفحص نسبة الاشخاص في غزة الذي يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، والتي في حينها كانت 50% من أبناء الشعب في غزة، واعتقد أن النسبة اليوم أعلى بكثير، وهذا يدل على ان الحرب وتبعياتها لها ردود فعل آنية، ولها ردود فعل متاخرة أكثر".
ماذا نفعل في هذه المرحلة؟
وعدّد د. أمجد موسى عدة نقاط من أجل تجنب وعلاج الاضطرابات النفسية التي قد تصيب الانسان في حالات الحرب قائلًا: "اولًا، الحماية الجسدية، أي انه حتى لو تواجدنا تحت القصف يجب ان نتواجد في منطقة محمية، في غزة نرى هذا اقل لان كل المناطق معرضة للقصف، ولكن يجب البحث عن أكثر منطقة محمية والاختباء فيها".
وأضاف: "ثانيًا، تجنب سماع الاخبار بشكل متواصل، من كثرة الاخبار التي نتلاقاها سنحاول ان نعيد السيطرة، والتي تعتبر سيطرة وهمية في هذه الحالة، نريد ان نسمع اخبار للسيطرة على الحدث او على النفس وهذا يؤدي الى ارهاق فكري، اخفاق فكري، يجب الحد من الوقت الذي نسمع فيه الاخبار وعدم الشعور بتأنيب الضمير، بالاضافة الى اننا يجب ان ننتبه للمحتوى الذي نراه في مواقع التواصل الاجتماعي، كالصور والفيديوهات التي تنشر، لكي لا نصل للوهم والفتور او الهيجان العاطفي".
التعبير ضمن حدود المعقول
وأكمل: "ثالثًا، الحفاظ قدر الامكان على الحقائق التي اعرفها والتي تساعدني على التعبير عن مشاعري ضمن المعقول، لكي لا اؤذي الطرف الاخر حتى لا اتعرض للمساءلة القانونية".
واضاف: "رابعًا، التواصل مع نفسي، ما الذي يساعدني ويقويني، من الممكن التوجه للأسرة وسؤالهم عن ماذا يساعد، من الممكن تغيير الجو عن طريق فعاليات مختلفة برفقة الابناء، كالخروج في حدزد المنزل او مشاهدة برامج ترفيهية او فعاليات ترفيهية؟، والتي من شأنها المساعدة على تخطي الأزمة، ومن المهم دائمًا التحدث بصورة ايجابية في البيت، مثل سنتخطى هذه الأزمة معًا، او اي فعاليات تساعد في التعبير عن المشاعر".
وانهى د. موسى حديثه قائلًا: "في النهاية اقول انه اذا قمنا ببث كلمات ايجابية كأهل، كمربيين او حتى مختصين التي من الممكن ان تساعد، من الممكن ان تساعد فعلًا".
[email protected]
أضف تعليق