في أواخر العام الماضي وبداية 2023 كانت تقييمات أغلب الخبراء الاقتصاديين لأداء الاقتصاد العالمي في هذا العام سلبية، وساد مناخ عام من التوقعات المتشائمة، وهيمنت نظرة سوداوية بشكل كبير على الجميع، بل إن تقديرات كبريات المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية بشأن الركود المقبل باتت شبه قاطعة.
الآن ومع اقتراب العام من نهايته تبدو الصورة مختلفة إلى حد كبير، فلا يمكن القطع بالقول إن أجواء ربيعية متفائلة تسود بين الخبراء الاقتصاديين وكبار المصرفيين، ولكن على الأقل فإن حدة القلق من وقوع الاقتصاد الدولي في فخ الركود قد تراجعت بشكل كبير.
بالطبع لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني مشكلات جمة إلى الحد الذي يدفع الخبراء إلى وصف الوضع الحالي بـ"الأزمات المتعددة" وهو وضع لا يعد فريدا من نوعه، إذ سبق أن عانى الاقتصاد الدولي أزمات متعددة في وقت واحد كما حدث في أعقاب الحرب العالمية الأولى، لكن تلك المرة تختلف مظاهر تلك الأزمات وحدتها، كما أن طبيعتها المتناقضة تجعل من الصعب إيجاد حل أو علاج ناجع لها جميعا في الوقت ذاته، بل إنه في كثير من الأحيان قد يؤدي حل أزمة من الأزمات إلى تفاقم أزمات أخرى.
لكن منبع التفاؤل الحالي أن بعض الاقتصادات الكبرى بدأ يتنفس الصعداء، ولم يثبت قدرته على الصمود فقط، بل الأهم أنه نجح في الهروب من هوة الركود، وكان وقوعه في تلك الهوة كفيلا بأن يجعله يأخذ معه عديدا من الاقتصادات الأخرى وربما الاقتصاد الدولي بأكمله إلى تلك الهوة السحيقة. لذلك تتزايد أعداد الخبراء الذين يدعون إلى أهمية القيام بعملية إصلاح هيكلي عام في السياسات الاقتصادية العالمية للحد من عدم اليقين الراهن، وفي الوقت ذاته بناء منصات للثقة والتعاون الدولي، على أن ترتكز السياسات الجديدة على تعزيز الاستثمار لتحقيق التنمية.
نمو الإقتصاد العالمي: 2.3%
من المتوقع أن يبلغ متوسط نمو الاقتصاد العالمي هذا العام 2.3% أي أقل بنسبة 1% عما كان عليه الوضع قبل جائحة كورونا، وسيكون النمو في 85% من بلدان العالم أبطأ هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ومن بين المحركات الثلاثة للاقتصاد العالمي (الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين)، فإن الاقتصاد الأمريكي هو الذي يحقق نموا قويا، بينما الصين وأوروبا تواجهان أوقاتا صعبة، إذ إن النمو في منطقة اليورو متوقف بينما تبدو الصين متعثرة، وحتى الآن فإن التوقعات تشير إلى أنه بنهاية عام 2024 سيظل الناس فيما يقرب من 30% من الاقتصادات النامية أكثر فقرا مما كانوا عليه قبل جائحة كورونا.
في خضم تلك الضغوط يحذر عدد من الخبراء المصرفيين بأن يؤدي انصباب الاهتمام الدولي على التحديات الاقتصادية إلى غض الطرف عن الأزمات المالية التي يواجهها العالم.
[email protected]
أضف تعليق