لكل قصة زمان ومكان وأبطال وحبكة درامية ، وقصة اليوم تراجيدية ، المكان فيها المقبرة والزمان أولى ساعات تنسم الحرية وبطلا القصة كريم يونس وأُمه الحاجة صبحية ، والنهاية لا منطقية ولكنها تُترك للحكمة الألهية ......
لم تكن اللحظات الأولى بعد الإفراج عن المناضل كريم يونس لها مثيل في كل بقاع المعمورة ، لحظات تشوبها غصة ولوعة وفرحة منقوصة في ظل غياب الأوفياء الأنقياء ، شركاء الدرب في دنيا الفناء ، ومنهم أُمه صاحبة القلب الصابر و الحنون ، وفي حياتها قد وطأت قدماها كل السجون ، باتت رمزاً للإنتظار ، وعلم في عالم الشجون ، أنها الأم الفلسطينية القابضة على الجمر عقود طويلة ، التى احتارت لغة الضاد في وصفها ، وتسابقت الفصائل الفلسطينية في الوطن والشتات في نعيها ، وما هى الا نموذجاً استثنائياً في التحدي والتضحية ، وقد مَلَ الصبر من صبرها ، الحاجة صبحية يونس والدة عميد الأسرى الفلسطينين إختارت أن ترى ابنها من السماء بعد أن نال حريته وإن لم يكن ذلك إختيارها ......
وكانت الوجهة الأولى للمناضل الفلسطيني كريم يونس صوب المقبرة لزيارة قبر والدته ، ذلك هو اللقاء الأول المنتظر ، قبر إحتوى أغلى الناس وقلب منفطر ، قلب موجوع رافقه طيلة فترة الأسر .... وجاء اليوم ليرد كريم الزيارة لأمه ولكن ليس فى بيت الطفولة والعائلة كما كان يَحلُم ، فالأُمنيات عادة ما تندثر .....
ومابين بوابة معتقل هداريم و بوابة المقبرة أحلام باتت مدمرة ، وأضحى كريم غير قادر على التعبير بالكلمات أو التصريح بأقل العبارات ، فالصورة تتكلم عن نفسها ،صورة بألف صورة، خرج يتيماً فاقداً والديه ، لا أحد منهم ينتظره ، وقد فارقوا الحياة بعد صراع طويل ومرير مع الزمن ......
وغادرت الحاجة صبحية جسداً لكنها بقيت روحاً تُنير بيت كل أسير فلسطيني ، تنثر عبيرها في أرجاء المكان والزمان وكل ما يحيط ولدها البكر من بعد حرمان ..... والتي انتظرته شوقاً على مدى ٣٩ عام ونصف ، ولكن كان للقدر كلمة أخرى ، وصعدت الروح الطاهرة الى بارئها في الخميس الأول والخامس من مايو ٢٠٢٢، فيما أفرج عن كريم في الخميس الأول والخامس من يناير ٢٠٢٣ ،اختلفت التواريخ وتشابهت الأيام ، تلك هى عجائب الأرقام ، ولكل خميس منهما قصة وحكاية ، رواية بدايتها وجع ، و القهر هو النهاية ...
ويستمر الألم الفلسطيني .. .
[email protected]
أضف تعليق