بقلم غادة عايش خضر 

منذ أكثر من خمسة عشر عام مضت ، تجمعت قلوب كل الفلسطينين حينها على مشاهدة المسلسل التركى الشهير بسنوات الضياع ، ولم يدرك حينها ان كل منهم مشارك رئيسى في سنوات الضياع ذو النسخة الفلسطينية لاحقاً ، مع اختلاف بسيط فى مفردات اللغة ، وعدد سنوات الضياع ، والأدوار المطلوبة والمتباينة لكلٍ منهم ، وكلٍ مدرك طبيعة دورهِ وطرق انجازه على أكمل وجه ، فيما تميز أبطال الضياع الفلسطيني بالإقلاع عن أى حل ينهى الصراع سواء مع الإسرائيلين أو فيما بينهم ، وكتبو ا النهاية المأساوية بأيديهم ، وجمهور اعتاد على الصبر وأختاره نهجاً ، وقيادة إحتالت على الصمت واعتبرته نصراً .....

فيما كانت الساعة التاسعة مساءاً منذ قرابة خمسة عشر عاماً ، بمثابة ناقوس يدق في عالم الحب وشتى أنواعه ، والغدر وأصنافه ، والترابط الإجتماعي والوانه ، ووحد الكل الفلسطينى أينما كان وإن أختلف عنوانه ....

ستون دقيقة لا جدال فيها لا تفكير ، لا حُلم ، لا خَيال بل أمنية متفق عليها ووحدت القلوب بكل ما بها و فيها ......

من شاهد هذا المسلسل الدرامي نبض قلبه وان كان لم يحب في زمن لم يكن به عشق ، وتعلم الوفاء والصدق ، وتحرر من كل قيد وعتق .
تجلت المشاعر تارة وسَكنت تارة أخرى ، ومع مشاهد الإخلاص المثيرة ، والترابط بين الأصدقاء ، والتسامح بين الأحبة الأَجلاء ، وأن الحياة لا تنتهى عند فراق شخص بعينه من بعد عناء ، بل أن الحياة أجمل وما كتبه القدر أروع وإن كنا ذلك نَجّهَل ....
للأمانة مسلسل من الصعب تقديره بل أقل ما يمكن أن يقال عنه وبإختصار أنه وحد القلوب من بعد عطوب .....أما اليوم فهناك فيلم منافس مدته ٥٦ دقيقة فقط لا غير ، للمسلسل التركي الدرامى الإجتماعي سنوات الضياع المكون من ٨٠ حلقة وكل حلقة مدتها ما يقارب ٨٥ دقيقة ، المنافس الأقوى هو فيلم فلسطينى بعنوان كريم حراً ضرب بعرض الحائط سنوات الضياع لأسباب عدة :-
١- بطل الفيلم هو ذاته حقيقة وتمثيلاً
٢- ٥٦ دقيقة وصفت ٤٠ عام مضت داخل مكان واحد الا وهو الأسِر .
٣- قصة عبرت عن قضية رئيسية محورية وجوهرية تاريخية الا وهى الأسرى الفلسطينين داخل معتقلات الفاشية الإسرائيلية .
٤- النهاية لم تكن من اختيار المخرج ولا من اختيار الجمهور بل كانت من قوة وصبر و عزم البطل نفسه .
فيلم كريم حراً حلق في سماء الإعلام العربي والدولي عالياً ، لأنه حقيقة وواقع ، وليس من وحى الخيال أو ابداع كاتب ، كريم مجدداً وحد الفلسطينين للمرة الثانية من بعد سنوات الضياع التركي ....

ربما هناك أشخاص عاشو ذات قصة الفيلم وإن اختلفت النهايات ، ولكن من يستطيع الصمود في الأسر ٤٠ عام متواصلة وإن تشابهت البدايات .......
وليبقى البطل كريم يونس هو الكريم في عنفوانه وتضحياته ، صدقاً هو من فاق عنتر بن شداد في شجاعته وأعنف ثوراته ، هو الإضافة الجميلة في القضية الفلسطينية والإسم الأول في سجل الوطن ومجلداته....
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]