اقترب فصل الصيف، وسرعان ما سنقوم جميعًا بإخراج ملابس السباحة الخاصة وواقي الشمس. قريباً سنبحث عن أنواع البوظة الجديدة في الحوانيت. لكن مع حبات البوظة وواقي الشمس ومظلات الشواطئ، سيصل بعض الضيوف غير المرغوب فيهم أيضًا إلى البحر، وهم قناديل البحر. في موسم السباحة القادم سنضطر لمشاركة هذا الصيف مع هذه المخلوقات الغريبة اللاذعة.
فحصَ بحث جديد ولع قناديل البحر بالحرارة، حيث درس الباحثون آثار تغيير درجة الحرارة على مراحل الحياة الأولى لأنواع قناديل البحر الأكثر شهرة في البلاد ووجدوا أن درجات الحرارة المرتفعة في البحر الأبيض المتوسط تسمح بتطورها - وبالتالي، فإن لهذه الأنواع قابلية للنمو والتطور أكثر في السنوات القادمة. وعلى الرغم من أن درجات الحرارة المرتفعة هي المفضلة لديها - إلا أن هذه الأنواع كانت قادرة على التطور حتى في درجات حرارة منخفضة، وبالتالي يعتقد الباحثون أنها ستبحث عن مناطق جديدة في البحر الأبيض المتوسط.
في ضوء ارتفاع درجات الحرارة العالمية، قد تكون نتائج البحث مثيرة للقلق. تقول هيلا درور، طالبة الدكتوراه في قسم الدراسات البحرية في جامعة حيفا: "نحن نساهم في زيادة درجة الحرارة" ثم نحترق حرفياً بسبب انتشار قناديل البحر".
قناديل بحر لا نهاية لها
هناك أكثر من 2000 نوع معروف من قناديل البحر في العالم، ينتشر 17 نوعًا منها في بلادنا. تعتبر بعض أنواع قناديل البحر في بلادنا غازية – حيث إن الأنواع التي وصلت الينا، استطاعت أن تنجو وتزدهر. ومع ذلك، بحسب درور، من الصعب وصفهم بغزاة بشكل نهائي، لأن أصل هذه الأنواع لم يتم تحديده بعد، ومن المحتمل أن بعضًا منها لم نتعرف عليه من قبل في منطقتنا - ببساطة لأننا لم نبحث جيدًا.
أغلب أنواع قناديل البحر في إسرائيل لا تلسع البشر ولا تؤذيهم. لكن بالنسبة لمعظمنا، يرتبط قنديل البحر تلقائيًا بتجارب لذع واجهها بعضنا. قنديل البحر ذو اللدغة القوية - وهو أيضًا الأكثر شهرة على الإطلاق في إسرائيل - يسمّى بالقنديل الرحّال (أو باسمه العلمي Rhopilema nomadica)، الذي تم اكتشافه بالسبعينيات في المياه الدافئة بشرق البحر الأبيض المتوسط. يقول درور "الفرضية الشائعة في البحث هي أن هذا النوع جاء إلى بلادنا من البحر الأحمر، عبر قناة السويس، وتستند هذه الفرضية إلى بعض القناديل التي تم العثور عليها في منطقة اليمن حوالي عام 1930. ومع ذلك، لا نعرف ما إذا كان هذا صحيحًا لأنه لا توجد اليوم أماكن أخرى في العالم من أسراب القنديل الرحّال بالحجم الموجود هنا".
ركز البحث الجديد على مرحلة قصيرة من مراحل حياة قناديل البحر تسمى "البوليبات". تقول درور، "قنديل البحر البالغ الذي نعرفه من البحر يتكاثر جنسيًا، حيث يلتقي قنديل البحر وقنديلة البحر ويطلقان الخلايا الجنسية في الماء، فيحدث التكاثر، ومع ذلك، في مرحلة البوليبات - يتكاثر قنديل البحر لاجنسيًا؛ أي بدون إخصاب خارجي، بطريقة انقسام الخلايا".
كيف تتكاثر القناديل الرحالة؟ تشرح درور "في الغالب، يتكاثر قنديل البحر هذا عندما" تتقدم "البوليبات للأمام في الماء، تاركة وراءها مادة عضوية على الأرض - والتي منها تفقس بوليبات أخرى، في ظل الظروف المناسبة". "بوليبات القناديل الرحّالة يمكن أن" تخطو "حوالي 30 خطوة ومن كل "خطوة" قد تتطور بوليبات أخرى والتي ستطلق المزيد من قناديل البحر الى البحر".
كما ذكر سابقاً، ركز الباحثون في البحث الجديد على مراحل الحياة الأولية لقناديل البحر الرحّالة - وفحصوا قدرة هذه المخلوقات على البقاء في درجات الحرارة المتغيرة. لهذا الغرض، احتفظ الباحثون بالبوليبات في أحواض السمك بدرجة حرارة 12 و 18 و 24 و 30 درجة مئوية.
قناديل البحر الرحّالة تهاجر غربًا
وجد الباحثون أن درجات الحرارة المرتفعة، التي تتراوح بين 22 و 30 درجة مئوية - تسمح للمراحل الأولى من حياة قناديل البحر الرحّالة، مثل البوليبات، بالتطور والازدهار؛ بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن درجات الحرارة المرتفعة هي الأفضل لهذه العملية - كانت البوليبات في البحث قادرة على البقاء على قيد الحياة حتى في درجات حرارة تتراوح بين 12 و 16 درجة مئوية.
يزداد القلق من ارتفاع درجات الحرارة العالمية - التي ترفع من درجة حرارة البحر أيضًا خصوصاً في منطقتنا- فالبحر الأبيض المتوسط هو أحد أكثر المناطق تضررًا من ظاهرة الاحتباس الحراري - ومعدل ارتفاع درجة حرارته أعلى من المتوسط العالمي. نظرًا لأن منطقتنا (شرق البحر)، أكثر دفئًا من المنطقة الغربية للبحر فإن قناديل البحر تفضلها عن غيرها. ولكن بعد نتائج البحث، التي يبدو من خلالها أن المراحل الصغيرة من حياة قنديل البحر يمكن أن تصمد حتى في درجات حرارة منخفضة - استنتج الباحثون أن قنديل البحر الرحّال ربما سينتشر أكثر فإكثر في المنطقة الغربية من البحر الأبيض المتوسط ، لذلك الممكن أن نقابله في غضون سنوات قليلة حتى في وسط إجازة في إسبانيا.
مراقبة الشواطئ
فما نحن فاعلون؟ بحسب درور، تراقب العديد من الدول في العالم أعداد قناديل البحر من أجل فهم حجم المشكلة - التي تضر بالنظام البيئي البحري بأكمله. في البلاد، وكجزء من جهود المراقبة، تم إنشاء تطبيق يحمل اسم قناديل البحر م.ض. هذا التطبيق هو مشروع متبادل بين العلماء والمواطنين يقوم فيه كلاهما بالإبلاغ عن أسراب قناديل البحر على الشواطئ ومتابعتها على مدار العام. تتم دراسة البيانات وتحليلها من قبل الباحثين، من أجل اكتساب الفهم والمعرفة حول قناديل البحر - وكذلك مشاركتها مع الهيئات البحثية في الاتحاد الأوروبي.
تقول درور بإن "الأبحاث التي يتم إجراؤها على قناديل البحر ضرورية جدًا للتعامل معها - ولا يزال هذا المجال في بدايته مما يضطرنا لتخمين عدد لا بأس به من الأشياء التي ليس لدينا معلومات عنها". الشيء الوحيد الذي يمكن تأكيده بالفعل هو أننا في الصيف القادم سنلتقي جميعًا بقنديل البحر الرحّال – الذي يقيم منذ فترة طويلة في شواطئنا - والذي قد يصبح ملك شواطئ بلادنا بلا منازع.
أعدت المقال زاڤيت - وكالة الأنباء التابعة للجمعية الإسرائيلية لعلوم البيئة والبيئة
[email protected]
أضف تعليق