استطاع تطبيق "تيك توك" أن استقطاب أكثر من مليار مستخدم في سنوات قليلة، معظمهم تحت سن 15عامًا، وذلك بفضل ما يتيحه من إمكانية إنشاء مقاطع الفيديوهات القصيرة ومشاركتها مع الآخرين، إذ يغلب على الكثير منها طابع التحدّي والاستعراض لكلّ ما هو مفيد وغير مفيد، كالتحديات المختلفة المميتة في بعض الأحيان، او حتى مضامين العنف والجريمة التي تُنشر بشكل اعتيادي دون رقابة والتي تؤثر بشكل خاص على شريحة الشباب. ويبقى السؤال، هل يتسبّب تطبيق تيك توك في تعرّض مستخدميه للموت؟! وما دور إدارته في مراقبة محتواه؟
استخدام التيك توك لساعات طويلة
وفي حديث لموقع بكرا مع د. أسماء نادر غنايم، المؤسسة والمديرة العامة لمركز InnDigital لتطوير التكنولوجيا في المجتمع والتربية قالت: "التيك توك هو الشبكة الاجتماعية الاكثر انتشارا لدى الاولاد والشبيبة، وبمجتمعنا نعلم انه بغض النظر عن الحالة الاقتصادية فانه من سلم الاولويات حمل موبايل ذكي من النسخ الحديثة، فلدى اكثر من 95% من الشبيبة هواتف ذكية، وغالبيتهم العظمى تستخدم التيك توك بشكل يومي ولساعات طويلة. فأيضًا اجتماعيًا لا يوجد لدينا ثقافة استخدام مسؤولة وواعية ولا توجد برامج توعوية تربوية للأهل او للأولاد مستمرة وملائمة للكم الهائل للمشاكل الموجودة، فهنالك جرف كبير للشبكات الاجتماعية دون وجود ثوابت اجتماعية واخلاقية لتوجيه الاستخدام لما في الفائدة او على الاقل عدم الضرر".
وأضافت: "التحديات في التيك توك وتقليدها هو من ضمن المحتويات المنتشرة جدا والجاذبة للأولاد والشبيبة بشكل خاص، لما فيها من جاذبية وتفاعل جمهور كبير، فلنتذكر ان الهدف النهائي لناشري المحتويات هو الحصول على اكبر كم من الاعجاب والتفاعل، والامور الغريبة طبعا تجذب الشبيبة لان حب الاستطلاع و"الاكشن" من المّيزات لهذه المرحلة العمرية. وهذه المرحلة العمرية غير ناضجة فكريًا نفسيًا واجتماعيًا، لوقفة تفكر ووزن فكري، او قيمي او حتى اجتماعي لمدى صحة تفاعلهم مع المحتويات الضارة والخطيرة، فهم في جرف قوي لثقافة شبابية سلبية استهلاكية ومستهلكة للفكر والعاطفة وحتى للصحة والامان الشخصي".
نسخة مختلفة بدون رقابة
وأكملت حديثها قائلة: "في الصين التي بها طور التيك توك (في الصين نسخة خاصة باسم Douyin) هناك قوانين وحدود لنوعية المحتويات والملاءمة للجيل، فمحتويات جنسية، عنيفة او خطرة يتم حظرها والقانون يعاقب عليها. للأسف في النسخة المنتشرة لدينا لا توجد قوانين رادعة الا اذا كانت تمس بالأمن والسياسة الاسرائيلية، أمام أمن وأمان الإنسان فالقوانين هشة وفضفاضة. عالميا القوانين بمجالات عوالم الانترنت والتكنولوجيا متأخرة جدا، ويتم سنها بعد وجود حوادث خطيرة ومتكررة، وكذلك الامر لدينا فالقوانين لا تتلاءم مع كم العنف والضرر في الشبكات. حاليًا في اوروبا هنالك حراك قانوني يتشكل في ان تتحمل الشركات المطورة للبرامج المسؤولية عن المحتويات المنتشرة بها، لكن الطريق لا زالت طويلة ولم تصل الى النضوج في بلادنا بعد".
نحتاج لبرامج توعية
وأضافت د. غنايم: "الجرف السلبي الغير اخلاقي الكبير في الشبكات، مركب ويحتاج تكاتف وتدخل جميع الاتجاهات، فمن واجب الجهات القانونية ليس فقط وضع قوانين ولكن ايضا تفعيلها وان يكون الرادع واضح ومفعل على ارض الواقع. والمسؤولية الاجتماعية أكبر، فهنالك حاجة لبرامج تربوية توعوية للأهل والاولاد مستمرة وان تكون في سلم الاولويات، ليس فقط في اسبوع خاص في العام او بعد حدث مزلزل".
وأنهت حديثها قائلة: "مجرد فهمنا ان الشاشات تستهلك منا كأفراد وكمجتمع الكم الاكبر من الساعات، فهذا مؤشر واضح ان علينا تكريس وقت وموارد لبرامج توعية وتدريب للأولاد، للشبيبة والاهل، بل وايضا للمؤسسات التربوية لتعرف كيف تتعامل وتستبق الاحداث".
[email protected]
أضف تعليق