منذ آلاف السنين، كان الصرع يعتبر مرضًا غامضًا يتسبب في "تملك" الناس، أو بالأحرى يميز أولئك الذين يختارهم الآلهة. اليوم نحن نعرف الكثير عن هذه الظاهرة العصبية، بل إننا قادرون على التعمق في أنسجة المخ لعلاجها في بعض الحالات.
ما هو الصرع؟
الصرع هو اضطراب عصبي يتجلى في التشنجات المتكررة التي تنشأ من "قصر" في النشاط الكهربائي في الدماغ. تختلف التشنجات من مريض لآخر، ويعتمد تصنيفها على موقعها وشدتها. يعيش في إسرائيل حوالي 84000 مريض بالصرع. تحدث النوبات لأسباب مختلفة، بما في ذلك السكتة الدماغية، العيوب الخلقية، العوامل الوراثية، الأورام، إصابات الرأس، الالتهابات وغير ذلك. في بعض الأحيان قد تحدث بعد حافز معين.
كيف يتم تشخيص المرض؟
لا يشير ظهور تشنج واحد فقط بالضرورة إلى اضطراب النوبة. من أجل تشخيص المرض، يجب أن تحدث نوبات إضافية. بالنسبة للمرضى الذين يعانون من نوبات متكررة ، يتم إجراء اختبار EEG عادةً، والذي يراقب النشاط الكهربائي للدماغ بطريقة غير جراحية ويسمح بتشخيص وتصنيف اضطراب الصرع. في كثير من الأحيان، يتم إجراء اختبارات تصوير إضافية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ أو التصوير المقطعي المحوسب للدماغ لتحديد النقطة المحورية التي تسبب الصرع.
هل يوجد علاج للمرض وهل هو فعال؟
الصرع يصيب حوالي 1% من السكان، وهنالك أدوية تساعد معظم المرضى على العيش حياة طبيعية. ومع ذلك، فإن ثلث المرضى لا يستجيبون للعلاج الدوائي: فهم يتلقون أقصى قدر من الدعم الدوائي ولا يزالون يعانون من النوبات.
بالنسبة لبعض هؤلاء المرضى، هناك خيار جراحي يمكن أن يوفر إجابة لا توفرها الأدوية. تنقسم الخيارات الجراحية إلى نوعين. الأول مناسب للمرضى الذين من الواضح للأطباء اين تتركز لديهم بؤرة الصرع، ثم يمكن تحييده عن طريق الكي أو الإزالة دون الإضرار بالمناطق الوظيفية. والثاني مناسب للحالات التي لا يتضح فيها ما هو بؤرة الصرع، أو لا يمكن الوصول إليه. في هذه الحالات، من الممكن إجراء عمليات جراحية مختلفة تهدف إلى التخفيف من نطاق وشدة نوبات الصرع.
كيف يتم إجراء العملية الجراحية؟
وهي مقسمة إلى قسمين. في المرحلة الأولى ، يتم إجراء تحقيق يهدف إلى تحديد موضع التركيز الذي يسبب الصرع في الدماغ، وتحديد حدوده مع المناطق الوظيفية في الدماغ. ثم تقوم الفرق الطبية بتحييد تلك المنطقة.
في المرحلة الأولى، يتم تشخيص نوع المرض بدقة. يسمح التشخيص للفريق بضبط العلاج الذي قد يساعد كل مريض. يتم معظم التوضيح المتعلق بموقع المنطقة التي تسبب الصرع (بؤرة الصرع) بوسائل غير جراحية، لكن في بعض الأحيان لا يعطي التوضيح صورة دقيقة، ويتم تقديم توضيح متقدم لهؤلاء المرضى من خلال رسم خرائط الدماغ العميقة. كجزء من هذا الإجراء، يتم إدخال أقطاب كهربائية ذات قطر ضئيل في أنسجة المخ. هذه عملية صغيرة، مثل العشرات منها تُجرى كل عام. لا يضر الإجراء بوظائف الدماغ، ولكنه يحدد فقط التركيز الذي يتطلب العلاج.
تبقى الأقطاب الكهربائية في الدماغ لعدة أيام، يبقى خلالها المرضى في المستشفى. في هذه الأيام، تتم مراقبة النوبات بكمية كافية لجمع المعلومات اللازمة لنجاح الإجراء. هذه عملية معقدة، يديرها في رامبام البروفيسور يتسحاق شيلر والدكتور موشيه هيرشكوفيتس، أطباء الأعصاب ذوي الخبرة الخاصة في الصرع.
بعد حوالي شهر من مرحلة التخطيط الدماغي، يتم تنفيذ الجزء الثاني من الإجراء - مرحلة علاج منطقة الصرع. في هذه المرحلة، يقوم جراحو الأعصاب بإجراء جراحة طفيفة التوغل تهدف إلى تحييد المنطقة المحددة على أنها "منطقة مريضة تسبب الصرع" من خلال الكي أو الاستئصال.
هل يساعد العلاج حقًا مرضى الصرع الذين يطورون مقاومة للأدوية؟
الهدف هو علاج الصرع دون الإضرار بالمناطق الوظيفية، وبالتالي إعادة المرضى إلى نمط الحياة الطبيعي، الخالي من النوبات. تبلغ نسبة الشفاء بعد الجراحة حوالي 70٪ من المرضى، وهناك انخفاض ملحوظ في وتيرة النوبات في 20٪ أخرى. يتم إجراء العمليات الجراحية على المرضى المناسبين لهذا التدخل. هذه الجراحة هي أداة غيرت مساحة العلاج لمرضى الصرع وتعطي الأمل للعديد من المرضى للعودة إلى روتين حياتهم الطبيعي.
[email protected]
أضف تعليق