تشهد قرانا العربية الدرزية حالة من الغضب والسخط المتراكمان والشرعيان, ضد سياسات الحكومات الصهيونية المتعاقبة, منذ عام النكبة سنة 1948 وحتى يومنا هذا, غضب لا مجال لاعتباره ثورة, حسب معايير الثورات المعروفة والمتعارف عليها, كما كانت الثورة العربية السورية الكبرى بقيادة المغفور له سلطان باشا الأطرش ضد المستعمر الفرنسي عام 1925 كمثل, مما يتيح المجال لاعتبارها طفرة غضب شعبية, قابلة للتطور بكل الاتجاهات, مما يستوجب تثبيت بوصلة تطورها نحو مصلحة الناس ومطالبها الملحة, والعامة, كحاجة واستحقاق ضروريان للغاية, بل يشكلان في الحقيقة حالة تضع علامات سؤال حول وجودنا, بمعنى ان عدم سد هذه الحاجة او إبقاء هذا الاستحقاق بعيد عن ما يلزمه, مما يشكل خطر على وجودنا, بدون استثناء لاحد منا كعرب وخاصة العرب الدروز, حيث الخطر الأساسي على عدم توفر نجاح المجهود المستثمر في هذه الطفرة الطيبة, هو الاستمرار في تجاهل او التغافل عن سياسة فرق تسد المعهودة والقاتلة, التي عملت وما زالت المؤسسات والسلطة تقوم بها منذ قيام الكيان وحتى هذه اللحظة, ان كان مباشرة بقواها ووسائلها وهي كبيرة وجبارة, أو بواسطة اذنابها او الضاربين بسيفها وليسوا بقلة او ينتابهم الخجل بالقيام بهذه المهمة غير المشرفة, الى حيث يتخط مسار التطور المنشود مطالبنا الشرعية والعادلة والاساسية هذه, وبالتالي تحييد لمسار الطفرة الى غير الذي يحقق الأهداف المرجو تحقيقها.

لذلك وباختصار على كل الغيورين وبالأخص المتضررين المباشرين الآن, في نهاية المطاف كلنا متضررون, الا ان أصحاب البيوت المهددة بالهدم والذين وصلتهم بلاغات الغرامات التي لا تقل عن 300 الف شاقل ووصلت الى مليون و 300 الف شاقل لدى البعض, عدا الذين لم يسمح لهم الحصول على رخص العمار وغيرها من المآسي الواقعة, هم المتضررون المباشرون, والى كل النخب والعقلاء وأصحاب النخوة الصادقة والنظرة الثاقبة , العلنيين والصامتين, وكل أصحاب الضمائر الحية والمسؤولية, وهم الغالبية الساحقة في قرانا, علينا تحديد المطالب بالمختصر المفيد وهذا ما اقترحه :
• أولا تجميد أوامر الهدم وإجراءات دفع الغرامات الى فترة لا تقل عن 8 سنوات, ليكون متسع كافي من الوقت امامنا وامام صناع القرار, لقلب السياسة الرسمية العنصرية الفاشية التمييزية الواقعة علينا, الى سياسة تأتي لنا بسد حاجاتنا في البناء والخرائط الهيكلية وتوسيع مناطق النفوذ والحصول على الدعم الذي توفره الدولة للبناء في الناحية اليهودية وبالتساوي.
• المطلب الثاني هو الغاء قانوني كامينتس والقومية ودفنهم في مزبلة التاريخ, والا نعيد الغلط بالمطالبة بتعديلهم.
• ثالثا تذكير أصحاب السياسة العنصرية الفاشية ان استمرار منعنا من الحصول على كل المساواة, لن يكون ابدا ومهما كلف.
• كل هذا عدا وخارج عن المطلب بإلغاء فوري وتام لمشروع المروحيات\التوربينات في الجولان السوري المحتل, والذي يشكل خطر وجودي عليهم وعلى بساتينهم\مصدر رزقهم وارضهم.
ولتدعيم الحصول على هذه المطالب الأساسية والغير قابلة للمساومة, الحصول عليها يستدعي مطلب واحد ووحيد - وحدتنا ... النضالية , مع التأكيد على النضالية, لان السِجِل النضالي لقرانا يقول ان النضال هو الوسيلة الاجدى لحصولنا على مطالبنا, واقوى تجلياته هو رفع راية الحق .. والوحدة, هذا الذي كان في زابود بيت جن , وفي الكرمل بالنسبة لهوائيات الهواتف والمنصورة وام الشقف وغيرهم, او يانوح جث بالنسبة للتوفانية, او يركا بالنسبة لأراضي عائلة غبيش وبناء البيت الذي هدم في نفس اليوم ( والعاقبة لقلع مخازن الذخيرة على ارضهم المصادرة), وفي كسرى عند التصدي لمحاولة هدم 13 بيت وغيرها, كل هذه النضالات وغيرها الكثير, تؤكد انه فقط بالوحدة النضالية بالإمكان تحصيل الحقوق, وليس طريق الخدمة العسكرية, التي بالأساس كانت خديعة لتكريس سياسة فرق تسد, او اخوة الدم والسلاح والكلام الفاضي, الذي ثبت انه كان تمويه وضحك ووسيلة لتكريس التمييز ومصادرة الأراضي والهوية وعزة النفس وشوية الكرامة, التي استعادت جزء كبير منها هذه الطفرة المباركة والطيبة من الغضب والسخط.
ولقياداتنا المعروفية وكل قيادات شعبنا العربي الفلسطيني ولمن تبقى من الديمقراطيين اليهود, هبو جميعا تا نشيل هذا الهمّ والغمّ الجاثم على قلوبنا وحاجاتنا ووجودنا, والناس حاضرة للمواجهة.
( كاتب المقال من قيادة لجنة المبادرة العربية الدرزية والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)

29.6.2023
( يانوح)
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]