قمت بتاريخ 10\6\2023 بزيارة الصديق الكاتب الإعلامي زياد شليوط في بيته في شفاعمرو، فقام بإهدائي كتابه الصادر بتاريخ 1\2019 تحت عنوان "البطريرك ميشيل صباح للكنيسة والانسان والوطن". الكتاب من الحجم الوسط، 96 صفحة تتضمن صورا للبطريرك وبعض الشخصيات الفلسطينية، رجالات دين إسلامي ومسيحي ودرزي مع علمانيين. الكتاب من منشورات "مركز اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة"، تصميم وطباعة "مؤسسة إمرزيان – القدس". بعد الاهداء لكل المؤمنين بالعيش المشترك بين أبناء الشعب الواحد وكل العاملين في الحوار لإنجاح الهدف والى كل الذين ساهموا في بناء العيش المشترك. يقدم الكاتب جزيل الشكر لكل الذين ساعدوا في تجميع المواد حتى نشره. خاصة البطريرك ميشيل صباح والأسقفين المتقاعدين الجليلين بطرس المعلم والياس شقور.
هدف الكتاب:
أولا: شعب لا يوثق شعب غير موجود. وعمل لم يوثق عمل لم ينفذ. توثيق أعمال البطريرك ميشيل صباح ابن الناصرة، العربي الأول الذي يتبوأ هذا المنصب في فلسطين، في زمن الانتفاضة الأولى.
ثانيا: صوت البطريرك ميشيل صباح، كان صوتا مناديا في البرية يطالب بالعدل والسلام للمظلومين.
ثالثا: رأى الكاتب زياد شليوط أن كل الكتب التي صدرت عن البطريرك ميشيل صباح لم تأت بتغطية كل أعماله، لذلك أراد بهذا العمل أن يكمل تغطية أعمال البطريرك وأن يؤشر على ضرورة البحث أكثر في بعض النقاط.
أسلوب الكاتب شيق سلس، استعمل فيه الأسلوب الصحافي، اذ بوَّبَ المواضيع حسب الأسئلة التي طُرِحت على المستجوبين وهم كثر، ممن عايشوا البطريرك كزملاء في الخدمة أو كهنة مرافقين أو رجال دين مسلمين ودروز ورجال سياسة، ساهموا معه بإيجاد أجواء ودية حميمية لتساعد بحل التحديات التي تواجه الفلسطينيين ككل او المسيحيين بشكل خاص، إبتداء بياسر عرفات ورجالات السلطة الفلسطينية عبورا بقادة حركة حماس، وكل من آمن بالحياة المشتركة والحوار مقتبسا الفرق بين الحوار والجدل عن البطريرك: " الجدل هو التسابق في إيجاد المبررات التي تقنع الطرف الآخر من الجدل بصدق الأقوال وضرورتها، بينما الحوار مبني على قبول الآخر كما هو ونتيجة الحوار هو التعارف أكثر الى العمق الإنساني وقبول الانسان تماما كما يفكر دون محاولة تغييره"، فالبطريرك ميشيل صباح أراد للمسلم أن يبقى مسلما حسب عقيدته الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامي، وللمسيحي أن يبقى مسيحيا تماما بحسب تعاليم الدين المسيحي، وأن يبحثا سوية في حوار متبادل القبول، الاحترام بالأمور التي تجمعهما وليس بالأمور التي تفرقهما".
نادى البطريرك ميشيل صباح بالمساواة بين الناس دون فرق لون، جنس، أو دين، لذلك نادى بالعدالة وبالسلام تماما كمعلمه الأول وابن بلده يسوع الناصري. وأرشد إلى طرق تحقيقها حيث قال:" ان على القوي التنازل لإنصاف الضعيف، وليس التعالي بالنظر والغطرسة رغم القوة". وفي حالة القضية الفلسطينية قال:" ان الشعب الفلسطيني يرضى بما تبقى له من الأرض، على أن يشعر برد كرامته ومساواته بالطرف الآخر، بينما ترفض حكومة إسرائيل أن تعترف بحقوق الفلسطينيين الشرعية وحقوق المواطنة، وتستمر باتهامهم بالإرهاب لأنهم يطالبون بحقوقهم". ولا يرى البطريرك صباح حلا لمشكلة الأمن في إسرائيل، الا عندما تحل القضية الفلسطينية بشكل عادل يعطي الفلسطيني حقه وحريته وكرامته، وإلا فسوف تستمر العمليات الانتحارية على حد قول البطريرك صباح.
وتوجه البطريرك العربي الأول ابن الناصرة للمسيحين العرب في البلاد قائلا لهم أن عليهم "الاندماج في المجتمع العربي وليس التقوقع كمسيحيين، ولا النظر الى التحديات بنظرة المسيحي المتدني، اذ إن التحديات هي للجميع، كذلك على المسيحي أن يحمل موطنه ككل مواطن آخر وان لا يتبنى مواقف غربية، ومواقف أخرى مغايرة قد تضر مصلحة وطنه".
استشهد الكاتب بشهادات معارف البطريرك عن ملامح شخصيته الروحية والإدارية والاجتماعية، وعن علاقاته الإسلامية المسيحية وعلاقاته بالسلطة الفلسطينية وبحكام إسرائيل، أما بخصوص علاقاته مع رجالات السلطة الفلسطينية ومع الزعماء الفلسطينيين قبل قيام السلطة، وصفت بالممتازة التي شابها الاحترام المتبادل والتقدير الرفيع، الذي استمر منذ تم تنصيبه بطريركا على الكرسي البطريركي في القدس. بينما أربك تنصيبه الحكومة الإسرائيلية ولم تتقبله، لأنه عربي فلسطيني من الناصرة وجاء تنصيبه في فترة الانتفاضة الأولى، فبدلا من السير قدما يدا بيد عارضه الجانب الإسرائيلي، وضايقه وشكاه للمسؤولين عنه في روما، إلا أن روما كانت تعلم الحقائق كما يجب من المصدر الأول.
إن هذا الكتاب يكشف للقارئ وقائع لا تنشر يوميا لا في الصحف ولا على الشاشات ومعلومات ذات قيمة حياتية، توجه المؤمن كيف عليه أن يسلك في تحدياته الحياتية التي يواجهها دوما، متمثلا بالبطريرك ميشيل صباح الذي تمثل بالسيد المسيح له كل المجد.
للكاتب جزيل الشكر وأدام الله عطاءه، وسكب عليه وعلى عائلته أسمى النعم.
[email protected]
أضف تعليق