تسلط معلقة صحافية إسرائيلية الضوء على مساع متبادلة بين حزب “الليكود” الحاكم في إسرائيل وأحزاب عنصرية فاشية في أوروبا للتعاون على قاسم مشترك يقوم على كراهية العرب والمسلمين والمهاجرين.

وتقول المحللة الإسرائيلية شيريت أفيطان كوهين، في مقال نشرته اليوم صحيفة “يسرائيل هيوم”، إنه بخلاف موقف شعبة العلاقات الخارجية في الكنيست، التي أوصت أعضاءه بعدم الاجتماع مع حزب اليمين السويدي المتطرف “ديمقراطيو السويد” (حزب ذو توجهات قومية، معادٍ للأجانب، وقريب من النازيين الجدد) الذي وصل وفد منه إلى إسرائيل، في الشهر الماضي، وجد آذاناً صاغية لدى حزب الليكود الحاكم، تحديداً.

صاغ “ديمقراطيو السويد”، بعد اجتماعهم مع هليفي، وثيقة مبادىء مُلزمة، تنصّلوا فيها من ماضيهم النازي، على أمل فتح الطريق أمام علاقات رسمية واعتراف.

ونوهت الكاتبة إلى أن الحزب السويدي يبذل جهوداً كبيرة للابتعاد عن ماضيه الفاشي المعادي للسامية، وعلى الرغم من مقاطعة إسرائيل الرسمية له، فإن عضو الكنيست عميت هليفي، من حزب الليكود، فتح الباب لهذا الاجتماع الخارج عن المألوف. وتقول أيضاً إنه من منظور أوسع فإن حزب “ديمقراطيو السويد”، الذي حقق في الانتخابات الأخيرة، في أيلول/سبتمبر 2022، انتصاراً انتخابياً مدهشاً جعله الحزب الثاني في الدولة، من حيث الحجم، هو جزء آخر من فسيفساء العلاقات الدولية التي يقيمها حزب الليكود الإسرائيلي بأحزاب اليمين المتطرف الذي يزداد قوةً في أوروبا، وفي قائمة هذه الأحزاب، هناك أحزاب اليمين التي تزداد قوةً في هنغاريا وبولندا.

هل هذه نهاية المقاطعة الإسرائيلية؟

بذلك تتساءل شيريت أفيطان كوهين، وتجيب بالقول إنه في خطوة تهدف إلى تقديم أفعال عملية إلى جانب الوعود، صاغ “ديمقراطيو السويد”، بعد اجتماعهم مع هليفي، وثيقة مبادىء مُلزمة، تنصّلوا فيها من ماضيهم النازي، على أمل فتح الطريق أمام علاقات رسمية واعتراف.

وتضيف: “خلال هذا الأسبوع، من المنتظر أن يعرض هليفي الوثيقة على وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ورئيس الحكومة نتنياهو، من أجل القيام بخطوة تاريخية تؤدي إلى نهاية المقاطعة الإسرائيلية للحزب السويدي. وفي الوثيقة التي ستقدَّم، والتي حصلت عليها “يسرائيل اليوم”، ستحظى إسرائيل بتأييد كبير لم تحصل عليه من قبل من الدول الأوروبية، يشمل أهمية محاربة إيران، ومعارضة “الإرهاب”، الذي مصدره السلطة الفلسطينية وغيرها”. وترى أنه في الواقع، “المقصود هو تغيير 180 درجة، مقارنةً بالعلاقات مع الأحزاب اليسارية في أوروبا المؤيدة للمصالح الفلسطينية على حساب أمن إسرائيل طوال أعوام”. وتنوه بأنه قد جاء في الوثيقة أن “حزب “ديمقراطيو السويد” شهد عملية تغيير جذرية وعميقة في العقود الأخيرة، والمؤسسون القلائل والمشاركون الأوائل من أصحاب الأفكار المعادية للسامية، أُخرجوا من صفوف الحزب قبل عدة أعوام”.

كما جاء في الوثيقة: “يؤيد الحزب الحياة اليهودية، ويحارب كل مظاهر العداء للسامية في السويد وأوروبا، وفي أماكن أُخرى. كما يؤيد الحزب محاربة الإرهاب ومظاهر العداء لإسرائيل من طرف إيران والسلطة الفلسطينية وحزب الله وآخرين”.

الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل
وجاء في الوثيقة أيضاً أن الحزب يطالب السويد بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، ويدعو إلى إدخال تنظيم “حزب الله” بـأكمله إلى قائمة المنظمات “الإرهابية” للاتحاد الأوروبي.

وبرأي المعلقة الصحافية الإسرائيلية تكمن الأهمية الإستراتيجية للوثيقة المذكورة في حقيقة أنها استمرار للزخم في تغيُّر العلاقة العدائية الطويلة الأمد للسويد إزاء إسرائيل والموقف المؤيد للفلسطينيين الذي انتهجه زعماؤها.

الصحافية: لاحظوا في الليكود موجة اليمين التي تجتاح أوروبا، وعثروا على شركاء يمكنهم استخدامهم لبناء جبهة لديها قاسم مشترك في مواجهة ما يعتبره الحزب مؤسسات يسارية أوروبية “تعيق خطوات إسرائيل”.

وتقول إنه منذ وقت مبكر، لاحظوا في الليكود موجة اليمين التي تجتاح أوروبا، وعثروا على شركاء يمكنهم استخدامهم من أجل بناء جبهة لديها قاسم مشترك في مواجهة ما يعتبره الليكود مؤسسات يسارية أوروبية “تعيق خطوات إسرائيل”.

وتستذكر أنه في مقابلة أجرتها صحيفتها “يسرائيل هَيوم”، بعد الانتخابات في السويد، مع كينث أكروت اليهودي، والذي كان عضواً في البرلمان عن حزب “ديمقراطيو السويد”، قال: “لقد كانت لنا اتصالات مع الليكود أثناء الفترة التي كنت فيها مسؤولاً عن العلاقات الخارجية في الحزب. لا أعتقد أنه جرت اتصالات مع الحكومة التي كانت في إسرائيل، آنذاك (برئاسة لبيد). الأحزاب في إسرائيل تؤذي نفسها بمعارضة حزب مثلنا موجود في الدانمارك والنمسا، وفي دول كثيرة أُخرى. وهذه الأحزاب أصبحت أحزاباً مؤيدة لإسرائيل عندما أدركت أنها تواجه المشكلات عينها- العقيدة الإسلامية والثقافة العربية”.

البذرة الأولى
وتعتبر المحللة الإسرائيلية أن اليمين السويدي هو البذرة الأولى التي زرعها الليكود في عملية واسعة النطاق حيال أوروبا، وتقول إنه ضمن هذا الإطار، يجري التحضير، هذا الأسبوع، لجولة لقاءات، في محاولة لبدء تحرُّك على مستوى القارة الأوروبية لتعزيز العلاقة بين إسرائيل وأحزاب اليمين في أوروبا. وتتابع: “يقول عضو الكنيست عن “الليكود” عميت هليفي عن أهمية هذه الخطوة: اليمين في كل دول أوروبا قوي جداً في مواجهة موجة هجرة المسلمين إلى هناك، وفي مواجهة اليسار التقدمي الذي يحارب القومية والهوية، مهما كانت. تقف أوروبا على مفترق طرق قيمي، بين الخوف من كراهية الأجانب وبين الدفاع عن الهوية، وعن الحقوق القومية للأغلبية. وضمن هذا السياق، بالنسبة إلى أوروبا، في إمكان إسرائيل أن تكون شريكة أخلاقية ممتازة كدولة قومية قوية تعتمد على أسس الأخلاق والتقاليد”.

التنصل من الفاشية
وتلفت المعلقة الإسرائيلية إلى وجود قرابة 18 ألف يهودي في السويد حالياً، وعلاقتهم بحزب اليمين المتطرف “ديمقراطيو السويد” أقل ما يقال فيها إنها ليست متعاطفة. وبسبب تصنيف الحزب وماضيه المعادي للسامية، يقاطع اليهود في السويد هذا الحزب، وهم أقرب إلى الأحزاب اليسارية في الدولة، سياسياً وأيديولوجياً.

وتضيف: “بعض المسائل المتعلقة بماضي الحزب وحقيقة منع الذبح الحلال “الكاشير” على الطريقة اليهودية الدينية في الدولة منذ 80 عاماً، لا تزال محفورة في الذاكرة الجماعية للجالية اليهودية التي لا تزال من أبرز المنتقدين له”. وتستذكر أنه في سنة 1991، أقام الحزب المذكور احتفالاً بذكرى وفاة كارل الثاني عشر، ملك السويد، واتخذ الاحتفال طابعاً نازياً ومعادياً للسامية، شارك فيه قدامى متطوعي الـ “إس إس” حاملين أعلام ألمانيا النازية، ورددوا شعارات ضد اليهود. كذلك تستذكر أنه في سنة 2010، وبعد أن ازدادت قوة الحزب السياسية واستطاع تجاوُز نسبة الحسم، بدأت بوادر التغيير في الأيديولوجيا الفاشية التي ميزت الحزب، الذي أدار ظهره للماضي، وبدأ يدين مظاهر العداء للسامية.

دوافع الزيارة لإسرائيل
وترى شيريت أفيطان كوهين أن زيارة وفد من الحزب إلى إسرائيل هدفت، من بين أمور أُخرى، إلى إرسال رسالة إلى الجالية المحلية في السويد، لتحسين العلاقة الباردة للجالية اليهودية بالحزب. مرجحة أن الطريق للوصول إلى هذا الهدف لا تزال طويلة: “يقولون في الحزب: نحن مع إسرائيل، ولدينا أعضاء لديهم خلفية يهودية. ونعتقد أن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ونحن نستفيد من تعزيز العلاقات بين الدولتين”.

برأي الصحافية تكمن الأهمية الإستراتيجية للوثيقة المذكورة في حقيقة أنها استمرار للزخم في تغيُّر العلاقة العدائية الطويلة الأمد للسويد إزاء إسرائيل والموقف المؤيد للفلسطينيين الذي انتهجه زعماؤها.

وتخلص شيريت أفيطان كوهين للقول إنه في ما يتعلق بالتصريحات النازية الصادرة عن نشطاء الحزب من وقت إلى آخر، يقولون إنهم يبذلون كل ما في وسعهم لاقتلاع الجذور السامة التي سيطرت على الحزب: “نحن نطرد كل من يقول أقوالاً بغيضة عن إسرائيل”.

وتضيف: “لكن علاقة إسرائيل بالحزب ليست متوازنة وإقصائية.. في الحزب الديمقراطي– الاشتراكي في السويد، يقولون أموراً فظيعة عن إسرائيل، ويظلون أصدقاء لها”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]