لم تتوقف الاعتداءات على رجال الدين المسيحيين خاصة في القدس، والأماكن الدينية المسيحية في معظم المناطق من القدس إلى طبريا إلى الكرمل إلى الجليل والناصرة ويافا، من قبل متطرفين يهود، يمينيين، حاقدين على مدى الأعوام والشهور، وذلك دون أن تتخذ السلطات الإسرائيلية أي اجراء جدي أمام اعتداءات أولئك المتطرفين.

قبل يومين تعرض دير مار الياس في حيفا على جبل الكرمل، إلى اعتداء تمثل في اقتحام مجموعة من المتدينين المتطرفين للدير، وجاء هذا الاعتداء بعد أسبوع على اقتحام شخصين من نفس الفصيلة لنفس المكان، بحجة الصلاة في خطوة استفزازية، عنصرية، بغيضة.
تتكرر تلك الاعتداءات في أماكن مختلفة كما ذكرنا، دون أن تقدم السلطات الإسرائيلية على أي خطوة جدية للجم جماح أبنائها اليمينيين المتطرفين، مما يسقط ورقة التوت عن عورتها والمتمثلة في الكذبة الكبرى بأن السلطة الاسرائيلية تحرص على حرية العبادة وتضمن أمن وأمان دور العبادة ورجال الدين، بل صدّق البعض من بين ظهرانينا ما تروج له السلطة الإسرائيلية وأذرعتها المختلفة بأنها "تحمي المسيحيين" على وجه الخصوص، واستغلت ما سمي كذبا وبهتانا بـ"الربيع العربي"، وانفلات التنظيمات المتطرفة باسم الإسلام زورا، مثل "داعش" و"النصرة" وغيرها، لتنشر دعاياتها المغرضة وتذكر المسيحيين انهم يعيشون داخل إسرائيل بأمان.. فهل فعلا يشعر المسيحيون بأمان داخل دولة إسرائيل؟


من الجهة الأخرى يواجه الرهبان والمسؤولون عن الأديرة وغيرها من المقدسات تلك الاعتداءات المتكررة إما بالصمت المريب، أو الاستنكار الناعم، أو تصدر بيانات قصيرة هادئة عن رؤساء الكنائس، لا تسد رمق جمهور المؤمنين ولا تعكس مشاعرهم.
استضاف دير مار الياس في الفترة الأخيرة، اجتماعات مجموعة من المسيحيين للتفكير في المستقبل وتحدياته وآخرها كان قبل أسبوعين، لبحث "الوجود المسيحي في اسرائيل: أولويات وآليات"، بهدف الخروج بتوصيات عملية.
واليوم دور جماعة التفكير بأن تنتقل إلى جماعة عمل. أمام التحديات العديدة والمستقبل المجهول والذي لا ينبيء بالخير، يجب الانطلاق بخطوات عملية وأولها إيصال الصوت المسيحي الغاضب تجاه تقاعس السلطة الرسمية عن أداء واجبها تجاه مواطنيها وتجاه الجماعات الدينية المختلفة، وفي مقدمتها المسيحية، للضغط عليها للقيام بواجبها الأساسي. ومن ثم إيصال هذا الصوت العادل إلى جميع السفارات الأجنبية لتشكل ضغطا دبلوماسيا على الحكومة الإسرائيلية من أجل القيام بواجباتها، وبالتالي تنبيه قداسة بابا روما – المنشغل يوميا بأوكرانيا وبشكل حثيث- إلى الخطر المحدق بالوجود المسيحي – الكاثوليكي خاصة- في الأراضي المقدسة، والذي لا يكاد يتنبه له أو يلتفت إليه للأسف.
لم يعد بالإمكان مواصلة الصمت أمام ما تتعرض له مقدساتنا من اعتداءات مرفوضة، فالصمت فُسّرَ بشكل خاطيء وشجع المعتدين على التمادي في اعتداءاتهم وانفلاتهم، لذا آن الأوان لرفع صوت الغضب العادل من أجل وضع حدّ للتمادي والمتمادين المتطرفين.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]