توصي المنظمات الصحية باستمرار بالاستهلاك اليومي للفواكه (كجزء من إجمالي استهلاك 5-10 حصص من الخضار والفاكهة في اليوم).
على الرغم من ذلك ، هناك افتراض راسخ لدى الجمهور أنه بما أن الفاكهة تحتوي على الفروكتوز أي سكر الفواكة ، فيجب تجنبها أو يجب الحد من استهلاكها ، خاصة بين مرضى السكر والمعرضين للاصابة بالسكر ، هذا على الرغم من حقيقة أن جمعية السكري الأمريكية - ADA توصي باستمرار مرضى السكر بزيادة استهلاكهم للخضروات والفواكة ، في هذه المقالة سوف احاول ان اشرح ما هو مصدر البلبلة حتى عند الأطباء والاخصائيين .


تم نشر المبادئ التوجيهية الوطنية لوزارة الصحة الإسرائيلية قبل ٣ سنوات وأُدرجت الفواكة ضمن حمية البحر الأبيض المتوسط الشهيرة ، حيث تعتبر الفواكه غنية بالفيتامينات بشكل طبيعي ، وبعضها يحتوي أيضًا على كمية كبيرة من المعادن ، وتحتوي بشكل أساسي على مضادات الأكسدة مثل البوليفينول ومضادات الأكسدة المختلفة حيث ان مضادات الأكسدة لديها القدرة على العمل في سلسلة طويلة من آليات جسم الإنسان المركّبة وتساعد في تقليل علامات الالتهابات بالجسم بالإضافة إلى تحسين مرونة الأوعية الدموية وتغذية بطانة الاوعية الدموية أيضاً . نظرًا لارتفاع نسبة الماء والألياف الغذائية في الفواكة فهذه أطعمة ذات كثافة منخفضة من السعرات الحرارية كما شرحت في مقالات ومنشورات سابقة حول موضوع الألياف الغذائية .

اثبتت الدراسات أن الاستهلاك العالي للفاكهة الكاملة كان مرتبطًا بشكل كبير بانخفاض مخاطر النوع الثاني من السكري (مقارنة بقلة استهلاك الفاكهة). وأظهرت نتائج دراسات المهن الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية (دراسات الأطباء والممرضات) وجود علاقة بين استهلاك بعض الفاكهة الكاملة وانخفاض كبير في خطر الإصابة بمرض السكري ، حيث أظهرت النتائج انخفاض في نسبة السكر في الدم وإنخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 بالذات لدى مستهلكي التوت والعنب والتفاح (حقيقةً أن العنب مدرج في هذه القائمة هو أمر مثير للاهتمام بشكل خاص ، لأنه فاكهة تحتوي على نسبة عالية نسبيًا من الفركتوز).

أظهرت الدراسات السريرية بين مرضى السكري من النوع 2 أن استهلاك الفاكهة قد يرتبط بمجموعة متنوعة من الفوائد الصحية بما في ذلك تحسين توازن السكر وتقليل عوامل الاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأيضا تقليل مخاطر الإصابة بمضاعفات مرض السكري وتحسين مؤشرات الالتهاب والإجهاد التأكسدي. وجدت الدراسات أيضًا أن استهلاك الفاكهة يزيد من حساسية الأنسولين والمقصود بحساسية الانسولين هو الحالة التي يتم فيها استجابة الانسولين وادخال السكر للانسجة وعدم تواجده بمعدلات عالية في فحص الدم وهو عكس مقاومة الانسولين الحالة التي فيها الجسم يفرز انسولين بكميات كبيرة ولكن السكر يبقى مرتفع في فحص السكر ولا يدخل للأنسجة .

ما هي الآليات التي تساعد الفاكهة من خلالها في الوقاية من مرض السكري؟
ان وجود الفلافونويدات flavonoids (نوع من مادة البوليفينول) المشتقة من الخضار والفواكة في الدراسات المخبرية وحيوانات المختبر اثبتت بأن هناك أدلة بحثية تظهر تأثير مضادات الأكسدة من الطعام على حساسية الأنسولين. تمت دراسة مركبات الفلافونويدات الموجودة في الخضار والفواكة على نطاق واسع نسبيًا (مضادات الأكسدة التي تنتمي إلى مجموعة البوليفينول) وتم العثور عليها في الدراسات المخبرية وفي النماذج الحيوانية في المختبرات للمساعدة في منع مضاعفات مرض السكري والسكري ذاته . في الواقع ، كما ذكرنا سابقًا ، الفواكه الكاملة غنية أيضًا بالألياف الغذائية ، والتي يمكن أن تحسن الاستجابة لنسبة السكر في الدم بسبب تقليل الالياف لامتصاص السكر وقد تحسن أيضًا من معدلات الكوليسترول والدهنيات في الدم. بالإضافة إلى ذلك ، وبسبب كثافة السعرات الحرارية المنخفضة ، يمكن أن تساعد في إنقاص الوزن والحفاظ عليه ، وبشكل غير مباشر في تحسين حساسية الأنسولين . قد تكون هناك أيضًا آليات لتأثير الألياف الغذائية والمكونات الأخرى في الفاكهة على الميكروبيوم ( وهي مجموعة الميكروبات التي تعيش على اجسامنا او داخله فمنها المفيد ومنها المضر ) والتي لها أيضًا تأثير على خطر الإصابة بمرض السكري.


ومع كل هذه المعلومات فلماذا إذاً الخوف والحذر من الفواكه على معدلات السكر !

هناك ابحاث التي فحصت الفروكتوز كسكر حر او الفروكتوز في المنتجات المصنّعة مثل التسالي والحلويات التي تحتوي على ما يسمى " شراب الذرة عالي الفروكتوز وهو منتج غير صحي يستعمل بالصناعة للتحلية واضافة طعم لذيذ وحلو لشد المستهلك لإقتناء مثل هذه المنتجات ...
لقد وجدت الدراسات بأن استهلاك منتجات تحتوي على شراب الذرة قد ترفع من حدة مقاومة الانسولين وزيادة انتاج حمض اليوريك Uric acid بالكبد وارتفاع بمعدلات السكر في الدم والسكر التراكمي بالإضافة إلى امراض القلب والأوعية الدموية ....
اما الفروكتوز سكر الفواكة الموجود في الفواكة الطازجة والكاملة وادراجه تحت قائمة مسببات مرض سكري ورفع السكر هي اتهامات خاطئة والفروكتوز بريء منها لهذا منظمة الصحة العالمية ومنظمة السكر الامريكية ADA ووزارة الصحة الاسرائيلية تشجع تناول الفواكة حتى للسكريين ولا داعي من الخوف من الفواكة ويستطيع مريض السكر أيضا من الاستمتاع بالفواكة وإدراجها ضمن برنامجه الغذائي ولكن ضمن استهلاك طبيعي ومحدد معدل (حبتين فواكة باليوم مثلا )


وأخيراً سألخص ما كتبت أعلاه ،،
لا مانع لمرضى السكر لاستهلاك الفواكة ولكن بكميات معقولة ،، الفواكة هي منتج غذائي كامل ، طبيعي وغير مصنّع غني بالألياف ، الفيتامينات ، المعادن ومضادات اكسدة ، بالاستناد على دراسات سابقة لم تُثبت أضرار استهلاك الفواكة الكاملة ، وأنما استهلاك الفواكة ضمن برنامج غذائي متوازن ممكن ان يخفض نسبة الاصابة بمرض السكري من النوع الثاني بالإضافة إلى قدرة الفواكة على منع تفاقم المرض بالسكري من النوع الثاني ،
كما يبدو أنه لا يوجد مبرر للحد من تناول الفواكة بشكل عام لمرضى السكر ، ولكن كجزء من الحد من الكربوهيدرات المطلوب بشكل فردي لكل وجبة لتحقيق الاستجابة المرغوبة لنسبة السكر في الدم.

د. سمير مزاوي خبير في التغذية العلاجية الطبيعية Ph.d (A.M.)N.D

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]