هناك بين الناس من ينظرون إلى المحامي نظرة جائرة على أنّه غير مستقيم ومراوغ، حتى شاع بينهم سؤال استنكاريّ مؤلمٌ "وهل هناك محامٍ مستقيم؟!" ولكني أرى مهنة المحاماة رسالة انسانيّة عظيمة، ليست أقلّ قدرًا من مهنة الطبّ أو التدريس أو غيرها من الرسالات العظيمة، وهي تحتّم على المحامي ان يكون شريفا ونزيها تمثلًا بالقول المبارك "وتعرفون الحقَّ والحقُّ يحرركم"(يوحنا 8: 32).
إنّ للمحامي واجبات نحو موكله بأن يستبسل من أجل دحر الظلم عنه، وتحصيل حقوقه، ولكن هذا الواجب الهامّ لا يسوّغ للمحامي أن يخالف طريق الحق والاستقامة والنزاهة. وللمحامي واجب آخر أيضًا نحو خصومه وموكليهم وهو أن يتصرّف نحوهم بإنسانيّة وأدب ورحمة، كما عليه واجب آخر نحو المحكمة وهو أن يساعدها في إجراء محاكمة عادلة تنتهي الى إظهار الحقيقة وإحقاق العدل. بل إنّ للمحامي واجبًا أعظم من ذلك وهو الحفاظ على نزاهة المهنة، ونقاء اليد والضمير، وثقة الجمهور بهذه المهنة العظيمة ولتكون هذه الثقة الثمينة الموجِّه الملزِم والدليل الدائم له طوال عمله. على المحامي أن يحترم هذه الواجبات مجتمعةً في كلّ عملٍ يقوم به دون أن يكون واجب دفاعه عن موكِّله وخدمته على حساب واجباته المذكورة نحو المحكمة أو الطرف الآخر، أو على حساب واجبه المقدّس بالحفاظ على نزاهة مهنة المحاماة وقيمها. لهذا اخترنا نحن المحامين والمحاميات رسالة المحاماة وهكذا سنستمر في تأديتها راجيا لكل زملائي وزميلاتي النجاح والتوفيق كل حين!
*دكتور في القانون من جامعة تل أبيب، باحث ومحاضر.
[email protected]
أضف تعليق