امير الجماعة الأحمدية محمد شريف
طلع علينا الشيخ مشهور فواز، رئيس ما يسمى بمجلس الإفتاء في الداخل الفلسطيني، بمقالة أيد فيها أكاذيب الشيخ كمال خطيب، وادعى أننا لسنا بمسلمين وأننا نخفي معتقداتنا!
أقول في البداية إنه ليس من حق الشيخ مشهور أن يفتي في حقيقة إسلامنا، فهذا ليس من اختصاصه، بل ليس من اختصاص أي جهة على الأرض أن تفتي في حقيقة إسلامنا؛ لأننا مسلمون بفضل الله تعالى، ولا نريد شهادة ولا فتوى من أحد لإثبات إسلامنا. تكفينا فتوى النبي صلى الله عليه وسلم الذي اعتبر كل من يتلفظ بالشهادتين ويعلن إسلامه مسلما، فكيف من يؤمن بأركان الإيمان ويطبق أركان الإسلام، ولا يزيد شيئا ولا ينقصه في الدين، ولا كتاب له إلا القرآن ولا نبي ولا رسول إلا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ كان ينبغي أن يتوقف هنا ولا يخوض فيما خلفه، خاصة إذا اعتمد على أكاذيب ونقل نصوصا مقطوعة من سياقها يتداولها بعض الكاذبين. فهذا يقدح في أمانته وفي أهليته؛ إذ قد تصدى لما لا يخصه، وكذلك أخذ ما جاء به الفاسقون من أقوال ولم يتبين وأصاب قوما مسلمين بجهالة، فعسى أن يكون من النادمين.
من أبسط قواعد العدل بل وقواعد التعامل بين الفرق والمذاهب في الإسلام، بل وبين الأديان، أن يحترم كل فريق خيار الفريق الآخر. فبخصوص هذا الشيخ وهذه الجهة التي يمثلها، فمن حقه ألا يوافق على معتقداتنا، كما أننا نحن لا نوافق على معتقداته، ولكن لن نفتي من جانبنا بحقيقة إسلامه بناء على المعتقدات، بل نكتفي فقط ببيان من نراه حقا، ونفند ما نراه باطلا، ونعذر إخواننا المسلمين فيما لو تبنوا عقائد غير صحيحة، ونسعى لتوضيح هذه المعتقدات في جو من المحبة والسلام والأخوة. وهذا ديدننا في نقاش الأديان الأخرى أيضا مدافعين عن الإسلام العظيم، إذ إننا نتناول المعتقدات بجرأة ووضوح ودون مداهنة، ولكننا نحتفظ بعلاقات طيبة مع الجميع. وأنا شخصيا أقدم برنامجا على فضائيتنا الإسلامية الأحمدية منذ أكثر من 17 عاما، أستضيف فيه علماء الجماعة الإسلامية الإسلامية الأحمدية، وأستقبل أيضا علماء الأديان والفرق الأخرى، في جو من السماحة. فنحن لا نخشى النقاش الموضوعي المبني على الأدلة، بل نراه ضرورة وأمرا صحيا للغاية.
عن إخفاء معتقداتنا، فاعلم أيها الشيخ أننا لا نخفي شيئا على الإطلاق
أما عن إخفاء معتقداتنا، فاعلم أيها الشيخ أننا لا نخفي شيئا على الإطلاق، ففضائيتنا العربية تقدم البرامج على مدار الساعة، ولدينا سبع قنوات أخرى بلغات مختلفة، ولدينا مواقع إلكترونية منها موقعنا العربية، وكلها تتضمن كتبنا التي يمكن أن يطلع عليها من شاء. أما الذي قدمته فهو ليس إلا أمورا مجتزءة أعطاك إياها بعض السفهاء الذين يتداولونها، والتي لو رجع أحد إلى السياق دون أي توضيح منا لاكتشف أنه وقع في خديعة كبرى. فاربأ بنفسك يا شيخ عن أن تقع في هذا المطب، وعليك أن تتوب وتستغفر.
أما مسألة نبوة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، فاعلم إنها ليست تلك النبوة التي في ذهنك التي تقتضي دينا جديدا أو شريعة أو كتابا جديدا، وإنما هي مقام لا بد أن نقر ونعترف به، وأقول بملء فمي بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي الوحيدة التي تخضع هذا المقام كلية لخاتمية النبي صلى الله عليه وسلم، وتحل مشكلة أنت بنفسك والقطاع الأوسع من المسلمين يقعون فيها، وهي انتظارهم لنبي إسرائيلي ما زال حيا في السماء سينزل وسيكون نبيا بعد النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وسيكسر خاتميته حتما وفقا لأفهامكم. فموقفنا أننا نراكم لا تحافظون على خاتمية النبي صلى الله عليه وسلم، وتسيئون إلى مقام النبي صلى الله عليه وسلم إذ تفضلون عليه نبيا من بني إسرائيل سابقا وتجعلونه حيا، وترتضون أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ميتا. ومع كل هذا فإننا نعذركم بالجهل، ولا نتهمكم بالكفر ولا بكسر ختم النبوة، ونسعى لتوضيح هذه الحقيقة لطالبيها.
فرغم أننا في الموقف الأقوى، إلا أن هذا لا يجعلنا في صدام مع أحد وخاصة من إخواننا المسلمين، لأن غيرتنا على الإسلام، ولأن حرصنا على وحدة المسلمين وتعاونهم على البر والتقوى، نقدمها على ما سواها. فأرجو منك ألا تدخل الناس في خلافات على أسس عقدية وتورط المجتمع في فتنة لا حاجة لها. فلو أفتت كل فرقة بحقيقة إسلام غيرها لنشبت الخلافات بل والحروب بين الدول، ولتمزق المسلمون وازدادوا فشلا على فشل وذهب ما تبقى لديهم من ريح. فلمصلحة من هذه الحملة؟
أبدأ بمناقشة ما قدمته في مقالتك
أما الآن، فلك ولغيرك ممن يهتم بالاطلاع على الحقيقة، أبدأ بمناقشة ما قدمته في مقالتك. وقبل أن أضع تلك النصوص التي اختزلتها في سياقها الصحيح، يحق لي أن أسألك..
ألست تؤمن بأن نبيا إسرائيليا اسمه عيسى بن مريم عليه السلام سوف ينزل من السماء بعد خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم؟ ألست تعتقد بأنه سيبعث للناس كافة في الزمن الأخير ليكون هو آخر الأنبياء مبعثا؟ أم أنت من منكري أحاديث نزول عيسى بن مريم عليه السلام، وقد وردت في الصحيحين؟
الحق أنك أنت من يؤمن بنبي مستقل بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولو أنكرت نبوة عيسى الذي يأتي في الزمن الأخير، فستكون مخالفا لاتفاق المسلمين.. بل لعلك تعلم أن الإمام السيوطي قد اعتبر من ينكر نبوة عيسى النازل في آخر الزمان من الكافرين.
أما نحن فنؤمن بصدق أنباء نزول عيسى في الزمن الأخير، لكننا نؤمن بأنه قد توفي كما أخبر القرآن الكريم في قوله تعالى: (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم).. وقد نقل البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أن متوفيك تعني مميتك.
كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم وفاة عيسى عليه السلام في الحديث الصحيح حديث الحوض، حيث استخدم نفس الكلمات، فقال : (فأقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم : فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم)..
فلما ثبت موت عيسى عليه السلام بنص القرآن والحديث الصحيح، كان لزاما علينا فهم نزول عيسى في آخر الزمان بأنه يعني بعثة خادم من خدام النبي صلى الله عليه وسلم وفرد من أمته، وهو حضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية. وقد اختاره الله ليكون مسيحا موعودا وإماما مهديا، وبعثه مجددا للإسلام على شريعة خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.. وهذه عقيدتنا من جديد لعل حبل الكذب ينكشف زيفه، يقول سيدنا مرزا غلام احمد المسيح الموعود عليه والسلام في كتاب سفينة نوح : (إن ما يريد الله منكم من حيث العقيدة إنما هو أن تؤمنوا بأن الله واحد، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم نبيه، وأنه خاتم الأنبياء وأفضلهم، الآن لا نبي بعده إلا الذي ألبس الرداء المحمدي على سبيل البروز.
فإن الخادم ليس بمنفصل عن مخدومه، ولا الفرع بمنشق عن أصله، فالذي ينال لقب نبي من عند الله تعالى بعد تفانيه الكامل في المخدوم فليس بمخل بختم نبوته صلى الله عليه وسلم، فإنك إذا رأيت صورتك في المرآة، فلا تتحول إلى شخصين اثنين، وإن تراءى لك اثنان في الظاهر، إنما أنت واحد، والفرق فرق الأصل والظل فقط. فهذا تماما ما أراد الله للمسيح الموعود أيضا، ومن أجل هذا السر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسيح الموعود : (يدفن معي في قبري).. يعني أنه أنا نفسي، وليس بمنفصل عني".
هل أدركت الآن كذب الافتراء علينا
هل أدركت الآن كذب الافتراء علينا بكوننا نؤمن بنبي مستقل بعد خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، بينما أنت يا شيخ ومن تدافع عنه تؤمنون فعلا بنبي من خارج الأمة المحمدية سيأتي ليكسر خاتمية النبوة.. وكأنك تتبع المثل العربي القائل : (رمتني بدائها، وانسلت).. أي تتهمنا بما هو فيك لا بما نؤمن به.
إنك تعلم جيدا يا شيخ أن المسيح القادم قد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم نبيا في الأحاديث الصحيحة، فمن ذا الذي يجرؤ على إنكار كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا المقام مقيد بكون هذا المسيح نبيا تابعا للنبوة المحمدية، وأن لا يأتي بشريعة تنسخ شرع الإسلام، وهذا عين ما نؤمن به ونعتقده في مؤسس الجماعة.. بينما تؤمن أنت بنبي من غير أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فأي الفريقين أحق بحفظ خاتمية النبوة إن كنتم تعلمون.
ولو أنك تحريت الدقة والأمانة العلمية، ووضعت كل المقتبسات التي نقلتها في سياقها الكامل، والتي من الواضح أنك لم تستخرجها بنفسك بل ورّطك بها بعض الكذابين، لعلمت بكل جلاء معنى تسمية الله للمسيح القادم نبيا، وأن هذا المقام إنما هو ببركة اتباع خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه ظل نبوته ومن فيض بركاته القدسية.
فهل هذا المفهوم الذي نؤمن به ينتقص من مقام الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أم يضفي عليه عظمة ورفعة من بعد رفعة.. فاتق الله يا شيخ فأنت رجل دين، والدين لا يبيح الظلم حتى مع الأعداء والمخالفين، فكيف بمن هم من المؤمنين الموحدين العاشقين لخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
وعليك أن تحلف بالله خلال ٣ ايام أنك قد قرأت كل تلك الكتب التي اقتبست منها … وأنك لم تنسخ ولم تلصق، لأن اقتباسك من كتاب سفينة نوح هو اقتباس غير صحيح!
فهل هكذا يكون التبين؟! وهل هكذا يكون تحري الصدق ؟!
ثم ختمت مقالك بفرية عجيبة لا تمت لجماعتنا بأي صلة.. فنسبت لمؤسس جماعتنا قولا مكذوبا يقول فيه إن السيد المسيح ابن يوسف النجار.. وهذا من الكذب الصريح.. حيث لا وجود لهذا الكلام في كتبنا، بل هناك عشرات بل مئات المواضع التي يؤكد فيها حضرته أن المسيح ولد دون أب، بل ويرد على فرية اعتبار يوسف النجار والده.
اتق الله يا شيخ..
كان أولى بك وبمنصبك الذي يضعك أمام المسئولية تجاه من قبلوا بك أن توقف سيل البهتان بدلا من أن تمد حبل الأكاذيب على عواهنه.
كان أولى بك أن تعظ الشيخ كمال ألا يكفر مسلما بغير حق، وأن يحترم حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم)
كان أولى بك أن تعظ الشيخ كمال ألا يؤمن بنزول نبي إسرائيلي من السماء بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وإن يحترم حديث (لا نبي بعدي).
كان أولى بك ألا تقتطع النصوص من سياقها فهذا لا يليق بصغار الباحثين، فضلا عن علماء الدين وأئمة المسلمين.
راجع نفسك يا شيخ واستغفر الله واعتذر عن خطئك، فالاعتراف بالخطأ فضيلة تكرمك، بينما الكذب هو الذي يرغم أنوف أصحابه في التراب، ولا نريد لك هذا.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
اولا: تهجمك على مقام الشيخ مشهور لا يضره فهو من هو وانت من انت ثانيا: اراك تكثر من وصف سيدنا عيسى عليه السلام بالاسرائيلي ، وواضح بانك تريد بهذا الوصف الانتقاص من مقامه العلي ، فمعظم انبياء الله عليهم السلام من بني اسرائيل وهذا يزيدهم شرفا ، فاسرائيل هو سيدنا يعقوب عليه السلام ، وعيسى الذي سوف ينزل في اخر الزمان ليس بنبي جديد ، بل هو عيسى ابن مريم الذي سبق الرسول ورفعه الله ولم يقتل " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" اذا هو ليس ينبي ياتي برساله جديده من بعد الحبيب المصطفى . ثالثا والاهم: في شرعنا الاسلامي النبي هو انسان مرسل من الله عز وجل ويوحى اليه ، فما هذه النبوه التي جاء بها نبيكم ، هل هو مرسل من الله ويوحى اليه؟ اذا قلت نعم فهذا يخالف شرعنا الاسلامي ، واذا قلت لا، اذا هو ليس نبي ، سميه شيخ طريقه سميه صاحب كرامات او ما شئت .