بالرغم من شهر رمضان المبارك ليس بالقريب، ويرغب كثيرون من مرضى السكري صوم الشهر الفضيل، الا اننا نشهد ظاهرة توجههم للطبيب قبل ايم معدودة الصوم وهذا أمر قد يشكل خطورة على الصائمين. كما وهناك شريحة من مرضى السكري عليهم الامتناع كليا عن الصيام وهناك توفق بين الطب والشريعة حول هذا الموضوع.

للحديث عن هذا الموضوع التقينا الدكتور زهدي اغبارية، اختصاصي أمراض السكري والغدد الصماء، واختصاصي أمراض باطنية وطب العائلة

هل مي أحدث المعطيات حول صيام مرضى السكري لشهر رمضان المبارك؟

"أظهرت الاستطلاعات التي تتعلق بصيام شهر رمضان المبارك وشملت 13 دوله اسلامية ، ان نحو %79 من مرضى السكري من النوع الثاني يصومون على الأقل 15 يوما في شهر رمضان، ونسبة مرضى السكري من النوع الأول التي تصوم الشهر الفضيل تصل حتى 41 بالمئة، فمن حق مرضى السكري ان يصوموا ويجب توفير العلاجات الآمنة والمناسبة لهم، والحديث هنا عن حوالي 100 مليون مسلم حول العالم والمصابين بالسكري ويرغبون بالصيام، لذلك يحق لهم الصيام شرط دون إلحاق الضرر بصحتهم".

ما هي النصائح التي يجب اتباعها؟

"يتوجب على كل مريض سكري يريد صيام شهر رمضان وقبل حلوله بنحو 6-4 اسابيع ان يتوجه إلى الطبيب للحصول على الاستشارة اللازمة لصيام شهر رمضان ولمعرفة ما هي الامور والتعليمات التي عليه القيام بها، حيث يتوجب على الطاقم الطبي ان يستفسر من المريض عن موازنة السكر، أخذ الدواء بانتظام، فحوصات الدم الأخيرة التي أجراها، مستوى انتظام السكر، معرفة كيف كان صيامه في السنوات السابقة، الاستفسار عن الأمراض الأخرى التي يعاني منها المريض ان وجدت، وبعد ذلك على الطاقم الطبي تصنيف المرضى ضمن مجموعات من حيث خطورة الصيام: خطورة عالية جدا، عالية، متوسطة، ضئيلة جدا. صيام المريض الذي لا توجد خطورة ضئيلة من صومه او خطورة متوسطة، ممكن ان يصوم شهر رمضان، لا بل على العكس علينا ان نشجعه على الصيام، أما من يعاني من خطورة عالية جدا، عالية فيجوز له الافطار وفق الشريعة الاسلامية".

ما هي تحديات الأطباء والمرضى لاجتياز شهر رمضان بأمان؟

"على مريض السكري هنا الاحتياط وان يستشير الطبيب، حيث توجد إمكانية لاستبدال الأدوية بأدوية أخرى ناجعة أكثر وتساعده على الصيام، وأدوية لا تسبب انخفاض مستوى السكر في الدم خلال شهر رمضان، او تحديد الجرعات ووقت تناولها عند السحور وعند الإفطار، وتناول نفس كميات الطعام عند السحور وعند الافطار، فلا يجب مثلا تناول وجبة الافطار والاثقال فيها وعدم تناول السحور. من المهم ان نشرح متى يسمح للشخص القيام بالتمارين، ومتى لا يجوز له بذل مجهود خلال ساعات الصيام.

هناك مرضى مثلا يقومون بتمارين ونشاطات رياضية قبل ساعة من الافطار وهذا خطأ، وينصح بالقيام بهذه النشاطات ساعتين من بعد الافطار، أي بعد صلاة التراويح، لكن خلال الصيام لا يجب القيام فيها، الامر الثاني المهم هو كميات الغذاءونوع الطعام وخاصه الغنيه بالالياف، فلا يجب تناول كميات كبيرة من الطعام عند الإفطار خاصة انه توجد ساعات طويلة نسبيا بين الافطار والسحور، كما يجب تشجيع مرضى السكري على تناول الماء وليس المشروبات الغازية، كما يتوجب فحص نسبة السكر بالدم خلال ساعات الصيام وخصوصا في الايام الاولى من الشهر، وإجراء هذا الفحص جائز ولا يؤدي الى افطار الصائم كما يعتقد البعض.

يتوجب على مريض السكري من النوع الاول او المصنف في مجموعات الخطر ان يقيس نسبة السكر بالدم خلال ساعات الصيام 6 – 7 مرات في اليوم، ومريض السكري من النوع الثاني بدرجات خطورة قليلة عليه ان يقيس السكر مرة او مرتين في اليوم، وان كانت نسبة السكر فوق 300 او أقل من 70 فيجب أن يفطر، حيث لا يصح صحيا ولا دينيا ان يستمر بالصيام، ومن تتراوح نسبة السكر لديه بين 70 – 90، عليه اجراء فحص آخر بعد ساعة، حتى وان بقي وقت قليل لحلول وقت الافطار، وان أشار الفحص الى هبوط في نسبة السكر، فيجب عليه ان يفطر، كذلك ان بيّن الفحص مثلا ان نسبة السكر 100 – 110 لكن شعر الشخص بعلامات هبوط السكر، كالتعب، الارهاق، عدم التركيز، نبضاد قلب سريعة، رعشة، رؤية غير واضحة وغيرها، فلا حرج من ان يفطر، وذلك بقوله تعالى: "مَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".

لماذا على مريض السكري ان يفطر ان كان مستوى السكر في الدم مرتفعا؟

"عندما ترتفع نسبة السكر في الدم فوق الـ 300، تزداد نسبة لزوجة الدم، ويصبح تدفق الدم بطيئا، وكلما كان تدفق الدم بطيئا أكثر تزداد القابلية لحدوث الجلطات في الأوعية الدموية، الدماغ، القلب، الرئة، وفي هذا السياق ينصح بتناول الانسولينات طويلة الأمد التي تعمل لساعات طويلة مثل التوجيو، لانتوس و تريجلوديك، وعند استعمال هذه الانسولينات ايضا تقل خطورة حدوث حموضة في الدم، لذلك بالامكان تغيير نوع الانسولين واستعمال هذه الأنواع طبعا بتوصية من الطبيب وبعد استشارته".

حدثنا عن الأدوية والعلاجات القائمة للسكري والمناسبة بشكل خاص للصيام؟

يوجد لدينا اليوم ما يقارب 40 دواءً لعلاج السكري، وتوجد الكثير من الأدوية التي بامكان مريض السكري تناولها خلال شهر رمضان دون التسبب بانخفاض مستوى السكر، وان قمنا بتأمين الأدوية التي لا تسبب انخفاض السكر، فبذلك نمنحه فرصة الصيام الآمن ويعود ذلك عليه بالفائدة على المدى القريب والبعيد، حيث يجب ان يشرح الطبيب للمرضى عن الأدوية وكذلك يجب على المرضى استشارة الأطباء للحصول على المعلومات الكافية والا يخجلوا من طلب ادوية تحافظ على توازن مستوى السكر وتمنع ارتفاع الوزن وتكون امنة وتمنع حدوث المضاعفات كأمراض القلب، خاصة ان الادوية اليوم مريحة للاستعمال. يعتبر مرض الكلى المزمن CKD، حالة مزمنة تنطوي على فقدان تدريجي لوظيفة الكلى، لذلك، يُنصح مرضى الكلى باتخاذ الاحتياطات اللازمة خلال شهر رمضان المبارك، ويجب عليهم استشارة طبيب العائلة والقيام بفحص دم وفحص بول لتقييم حالتهم الطبية، وبعد ذلك يجب عليهم استشارة طبيبهم المختص لتقييم شدّة حالتهم والمخاطر المحتملة المرتبطة بالصيام.

ما هي رسالتك الأخيرة للسكريين الصائمين؟

آمل ان يتقيّد المرضى بتعليمات الاطباء وان يتبعوها ويهتموا باتباع نهج حياة صحي وسليم وأن يحافظوا على اتزان السكر، كما أتمنى صياما مقبولا وآمنا وان يعود الشهر الفضيل بالخير والبركات على الجميع وكل عام وأنتم بألف خير.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]