كثيرة هي العلاجات الموجودة ضمن سلة الادوية لعلاج مرض السمنة، كما وأن العلاقة بين السمنة وبين الامراض المزمنة والخطيرة واضحة جدا. السمنة هي أحد المسببات الرئيسية لانتشار السكري وأمراض القلب على سبيل المثال وليس الحصر وعلاج السمنة هو واحدة من أهم العلاجات للسكري. تشير الأبحاث الأخيرة الى التأثير الإيجابي والواضح للحلول الجراحية المختلفة على مستويات السكر في الدم وبالتالي الحد من تعقيدات واسقاطات تفاقم مرض السكري، والتي تكون في بعض الأحيان، الحل الوحيد للمرضى الذين يعانون من مستويات مرتفعة للسكر في الدم، أو يعانون من السمنة المرضية المفرطة. تنتشر في المجتمع العربي مؤخرا ظاهرة خطيرة وهي استعمال الحقن لتنزيل الوزن بدون استشارة طبيب او السفر الى دول مجاورة لأجراء عمليات جراحية للتنحيف لها اسقاطات خطيرة على صحة المرضى.

حول هذا الموضوع تحدثنا مع بروفيسور أحمد محاجنة، أخصائي جراحة المنظار والسمنة الزائدة عن أهمية علاج السمنة بالطرق السليمة والصحية وسبل محاربة ظاهرة الحلول العشوائية للمرض بدون استشارة طبية.

بداية، ما هي تحديات وطرق علاج السمنة؟

تؤكّد جميع الأبحاث حول إنقاص الوزن أن الوقاية واتباع نهج الحياة الصحي، هما الحلّ الأمثل لمعالجة السمنة، وينعكس علاجها على مجمل الجسم ويحد من انتشار العديد من الامراض مثل السكري وأمراض القلب وغيرها. المشكلة أن الكثيرين من المرضى لا ينجحون في إنقاص الوزن بواسطة اتباع نهج الحياة الصحي فقط وهم بحاجة الى مساعدة وعلاجات مثل الادوية والحقن وأحيانا الحلول الجراحية. اختيار نوع العلاج يتم تحديده طبيا وليس عشوائيا وفق حالة المريض الصحيّة. الحقن مثلا، تعتبر علاجا فعالا لجزء من المرضى وتستوجب مرافقة الطبيب وأحيانا لا تكفي لمعافاة الجسم كليا وتبقى السمنة موجودة، كما ولها تأثيرات جانبية متعددة. العلاج الجراحي عند مرضى السمنة المرضية المفرطة يعتبر فعالا وهو الحل الوحيد لعلاج السمنة المرضية المفرطة وهو ما تطلق علية الادبيات الطبية الحديثة الحل الجراحي "الايضي" نظرا للتأثير الإيجابي والواضح لهذه العمليات على مجمل أجهزة الجسم. وهو علاج وصفته وزارة الصحة "منقذ للحياة" وتم فحص تأثيراته الإيجابية خلال عشرات السنين وأجريت بصدده العديد من الأبحاث التي تشير الى نجاعته وامانه وتأثيراته الايجابية على المريض.

الاعتبارات الطبية لأجراء العمليات الجراحية في البلاد صارمة وواضحة جدا فمثلا: يجب أن يكون معدل كتلة الجسم أكثر من 35 (BMI) وتصاحبه أمرض مزمنة مثل: معدلات معينة لمستوى السكر في الدم اذا كان مريضا بالسكري واعتبارات طبية لعمل القلب والكلى ومجمل أجهزة الجسم. قرار إجراء العملية هو طبيّ وعلميّ حسب الحالة المرضية.

من هم المرضى الذين يصلون الى عيادات السمنة؟

السمنة هي مرضى يضرب كافة شرائح المجتمع وهي لا تفرق بين شخص وآخر، تصلنا حالات كثيرة جرّبت أنواع علاجات دوائية او حقن ولم تنجح، كما ونلاحظ تأثير السمنة على كافة مناحي الحياة الصحية والاجتماعية فمثلا: هناك سيدات لا يستطعن الحمل بسبب الوزن الزائد، هناك مرضى يعانون من الحرج الاجتماعي الكبير الذي تسببه السمنة، خاصة لدى الشابات، وتأثيره على مجرى حياتهم الاجتماعية او الإصابة بأمراض متعددة مثل سرطان الثدي. علاقة السمنة بتطور أمراض كثيرة واضحة. للسمنة تأثير وأشكال وحيثيات اواجهها وأسمعها يوميا منها الاجتماعية والجمالية والصحية. اعتباراتنا كأطباء هي صحية بحته لأننا نعمل على انقاذ الحياة وتحسين الحالة الصحية للمرضى.

الجوانب الأخرى نوجهها الى مختصين اخرين وهذا هو القصد عندما أقول أن علاج السمنة يتطلب طاقم متكامل من الأطباء والمختصين وليس حلا سحريا لعملية أو حقنة وبالطبع ليس عشوائيا وبدون استشارة طبيب كما ذكرت. يصلنا الكثير من المرضى الذين جربوا العلاج بالحقن ولم ينجحوا في الوصول الى الوزن المطلوب او ارتفع وزنهم مجددا بعد فترة. الوزن الطبيّ والصحي المطلوب هو معطى يحدده الأطباء وفق الحالة الصحية للمريض وبحسبه يتم تحديد العلاج المطلوب علميا وليس عشوائيا يخضع للتجارب. جميع الحلول لمعالجة السمنة تتطلب تغييرا في نمط الحياة واتباع نهج حياة صحي وتعاون مستمر بين المريض والطبيب ومستتشارة التغذية والطاقم متعدد المجالات.

نسمع الكثير عن استعمال الحقن لتخفيض الوزن بدون استشارة طبيب او اجراء عمليات خارج البلاد، ما رأيك بهذه الظاهرة؟

السمنة مرض وليست مسألة جمالية تخضع للتجارب وللعشوائية. للأسف الشديد تصلنا في الفترة الأخيرة حالات مقلقة لمرضى حاولوا علاج مرض السمنة وتخفيض وزنهم بواسطة شراء حقن لتخفيض الوزن بدون استشارة طبيب أو اجراء عمليات جراحية خارج البلاد ، هذه الظواهر باتت مقلقة وتشكل خطر على حياة المرضى وهي غير مبررة خاصة وأن لدينا في البلاد جهاز طبي متطور يوفر الحلول لكافة المرضى ومعظم العلاجات موجودة ضمن سلة الادوية وممولة.

وهنا أريد أن أوجه رسالة الى الجمهور العام: "السمنة ليست قضية جمالية فقط، بل هي مرض خطير يؤثر على مجمل جسم الانسان ويسبب أمراض مزمنة كثيرة مثل تفاقم مرض السكري، أمراض القلب والاوعية الدموية وغيرها ويؤدي الى الموت المبكر. علاج هذا المرض مركب ويتطلب العديد من المختصين ولا يتم معالجته بطرق عشوائية! تخيلوا أن يقرر مريض تناول أدوية لمرض القلب على عاتقه! او يجري عملية على مسؤوليته في دول أخرى بعد رفض المصادقة على العملية من قبل الجهاز الصحي في البلاد بسبب عدم وجود ضرورة طبية. نشرت مؤخرا تقارير عن اشخاص اجروا عمليات لتخفيض الوزن في تركيا وعادوا الى البلاد مع مشاكل صحية شكّلت خطرا على حياتهم وهذه ظاهرة مستغربة وخطيرة. مره أخرى، الجهاز الصحي في البلاد متقدم ومتطور يضمن نسب نجاح مرتفعة جدا والمعايير الطبية للمستحقين لإجراء هذا النوع من العمليات صارمة ومركبة وتخضع لطاقم من المختصين قبل وخلال وبعد اجراء العملية من أجل ضمان سلامة المرضى ومن أجل الوصول الى الأهداف العلاجية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]