الآن وقد تشكلت الحكومة الإسرائيلية السادسة برئاسة بنيامين نتنياهو بمشاركة القوى السياسية الإسرائيلية الأكثر يمينية وتطرفا وميسيانية وكاهانية في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، وحيث وضعت على رأس سلم أولوياتها معادة الشعب الفلسطيني بكافة أماكن تواجده. حيث تسعى إلى فرض السيادة وضم الأراضي الفلسطينية المحتلة وتعزيز الاستيطان والمس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية ومواصلة هدم المنازل وتنفيذ الاعتقالات وتقييد الحريات ومصادرة الأراضي والاعتداءات الوحشية على الأبرياء والممتلكات والمزروعات. كما أنها تتنكر لحقوق ورموز الشعب الفلسطيني متجاهلة القضية المركزية التي تشغل المنطقة من خلال توسيع مشاريع التطبيع البائسة. وعلى صعيد الداخل تسعى إلى تهويد الحيز وخصوصا النقب والجليل ومدن الساحل وفرض سياسات القوة والتخويف وضرب واختزال إضافي لهوامش هوامش الديمقراطية الموهومة والمدعاة وتقليص عدد الطلاب العرب في الجامعات وتقييد إمكانات الحراك والنشاط السياسي،    كما يتجلى ذلك من خلال الخطوط الأساسية للحكومة والاتفاقيات الائتلافية والتشريعات القانونية والتصريحات السياسية والهيكلية التنظيمية للحكومة.        

لقد شكلت عملية اقتحام إيتمار بن جبير للمسجد الأقصى مجرد تجسيد لما يمكن لهذه الحكومة أن تفعله ونموذج ومؤشر لوجهتها وممارساتها.   
ليست هذه هي المرة الأولى التي يقتحم بها بن جبير المسجد الأقصى، فقد اقتحمه من قبل إبان حكومة بينت- لبيد وبموافقتها (وقد تفاخرت حكومة لبيد بينت بأنه إبان فترة حكمها أقتحم الأقصى أكبر عدد من المتطرفين لساحات المسجد الأقصى) ولكن هذه هي المرة الأولى التي يقتحم بها بن جبير المسجد الأقصى بصفته الرسمية كوزير للأمن القومي وبموافقة رئيس الحكومة نتنياهو وبدعم وتأييد منه.
لا يمكن التقليل من خطورة هذه الخطوة الإستفزازية التي تمس بحقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات وبالعالمين العربي والإسلامي وديموقراطيي العالم.
ان الاقتحام السافر يأتي في إطار مشروع كامل ينوي بن جبير والمنظمات العنصرية الاستيطانية تنفيذة في المسجد الأقصى ومن الواضح أنه يحظى اليوم بموافقة الحكومة المهيمن عليها من قبل القوى العنصرية، المتطرفة، المسيانية والكاهانية والتي تبغي تغيير الوضع القائم وتصعيده.
ان ما قام به بن جبير تتحمل مسؤوليته الحكومة الإسرائيلية بأكملها لتجاوزها الخطوط الحمر فالمسجد الأقصى خطا أحمر.
هذا عمل مستنكر وخطير ويهدد بإشعال المنطقة وخصوصا أننا نلحظ وبشكل يومي ارتقاء شهداء ومنهم الأطفال وهدم للمنازل واعتقال للفلسطينين والتضييق على حياة الفلسطينيين ومصادرة الأراضي والإعتداء على الممتلكات والمزروعات وطرد المواطنين واحتجاز جثامين الأسرى،   وتوسيع الاستيطان وخرق الحكومات الإسرائيلية لكافة الاتفاقيات مع الجانب الفلسطيني والمواثيق الدولية. فلم يعد الإحتلال مؤقت بل دائم ومستمر، وتسعى الحكومة الحالية إلى الضم وفرض السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة تصريحا وفعلا.
ان اقتحام بن جبير الأقصى هي بمثابة الخطوة الأولى التي تتخذها الحكومة الحالية، الشيء الذي ينذر بأن القادم أسوأ. وسنرى في الأيام القادمة مجموعة جديدة من التشريعات التي ستضعف الجهاز القضائي أكثر بالتنسيق بين رئيس الكنيست ورئيس لجنة القانون والدستور والقضاء ووزير القضاء.   
على المجتمع الفلسطيني في الداخل إدراك حساسية اللحظة والعمل الجماعي والمدروس والمثابر من أجل التصدي لسياسات الحكومة الإسرائيلية. وعلى القيادات الفلسطينية في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني إنهاء الانقسام والتنسيق والعمل الجماعي فحالة الترهل والضعف القيادي تضعف العمل الشعبي كما أن الدول العربية والإسلامية المطلوب منها اتخاذ مواقف واضحة وخطوات عملية.
ومن المهم استثمار هذة اللحظة من أجل اطلاع المجتمع الدولي على مجريات الأحداث ودفعة ليكون أكثر فعالية. ولكن لا يعول إلا على إرادة الشعب الفلسطيني الصامد.
ومن الضروري العمل مقابل المجتمع اليهودي ومحاولة توعيته وتعريفة بما يجري والأخطار التي سوف يتعرض لها على الأمد البعيد اذا ما اشتعل الوضع القائم.  
حكومة نتنياهو السادسة تختلف عن حكومات نتنياهو السابقة والمطلوب التعامل معها بشكل استراتيجي وتكتيكي محكم ومدرس ولذلك يترتب على الأحزاب والحركات السياسية والسلطات المحلية ومؤسسات المجتمع الأهلي وكل من يهمه الأمور العامة التنادي السريع من أجل طرح الأسئلة الملحة والإجابة عليها ووضع رؤى وخطط عملية تسعى إلى تحدي الوضع الراهن والخروج من حالة الانتظار وردود الفعل العفوية والمرتجلة والمكرورة .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]