تشتمل البلاد على العديد من المباني الخطيرة المهددة بالسقوط. ووفق مسح لاتحاد المقاولين في اسرائيل من عام 2007, نحو 80 الف بنايةتشتمل على نحو 300 الف شقة سكنية بنيت قبل سنوات الخمسينيات ويجب صيانتها وتدعيمها حتى لا تسقط. ان قدم هذه المباني وعدمرعايتها على مدى سنوات طويلة يشكل خطرا محدقا على سكانها خشية سقوطها فجأة.
في اسرائيل هناك مساران للتعامل مع المباني الخطيرة، الاول منظومة الحفاظ على المباني التاريخية القديمة وفق قانون التنظيم والبناء،والثاني هو الخارطة القطرية رقم 38 لتدعيم المباني من الهزات الارضية. مع ذلك هذا المساران طويلان وكل واحد منهما مشوب بتعقيداتمختلفة، ولا يطبّقان الا في حالات قليلة، ولهذا فان الطامة الكبرى من المباني لا تزال بلا حل وبلا علاج وهي مهددة بالسقوط في اي لحظة!
ذلك ان المسار الاول في قانون التنظيم والبناء يسري فقط على مبنى قررت لجنة الحفاظ على المباني التابع للسلطة المحلية المعنية انه مبنىقديم يجب الحفاظ عليه لميزاته التاريخية او المعمارية او المعنوية. وان كان المبنى مهددا بالسقوط فان واجب صيانته يعود لمالك المبنى الملزمقانونا بالقيام بأعمال الصيانة الضرورية، وان تقاعس عن ذلك فان السلطة المحلية تستطيع ان تنفذ هي نفسها الاعمال المطلوبة وان تلزممالك المبنى بدفع كلفتها. المشكلة في هذه المنظومة انها لا تسري على مبنى قديم لم يتم الاعلان عنه كمبنى يجب الحفاظ عليه (بالعبريةמבנה לשימור) كما ان مالكي المباني لا يقومون لاسباب عديدة بالصيانة حتى ان طالبتهم السلطة المحلية بذلك. كما ان السلطات المحليةنفسها لا تسارع الى تنفيذ الاعمال المطلوبة ان لم ينفذها مالك العقار وذلك لحجج تعود لميزانياتها وسلم اولوياتها. تكتفي السلطات المحليةباصدار امر اداري ان المبنى خطير وذلك كي تحمي نفسها من المسؤولية القانونية ان سقط المبنى!
اما بالنسبة للمسار الآخر اي تدعيم المباني الخطيرة وفق الخارطة القطرية للهزات الارضية رقم 38, فان من يبادر الى تقديم المشاريعلتدعيم المباني هم المتعهدون وشركات البناء، والذين يحظون بميزات ضريبة وبفرصة زيادة طوابق اًو شقق للمبنى او امكانية هدم المبنىوتشييد مبنى حديث مكانه لتباع الشقق الجديدة بسعر مربح جدا. اي ان هذه المنظومة مبنية على مدى ربح ومردود الشركات العقارية، وقدشهدنا حالات عديدة لمشاريع تدعيم مباني قديمة تعطلت وتوقفت لان تخطيط التدعيم الذي صدقته لجنة التنظيم والبناء المحلية للمبنى لم يكنفي نظر المتعهدين والشركات العقارية مربحا، ولهذا لا تزال المباني الخطيرة المذكورة مهددة بالسقوط!
الوضع في اسرائيل يختلف عن دول اخرى في العالم. في بريطانيا مثلا، فان واجب صيانة وتدعيم المبنى هي على المالك مبدأيا، ولكن انكان الحديث عن خطر وشيك وفوري لسقوط المبنى فعلى السلطة المحلية التصرف بسرعة والقيام بالاعمال الضرورية لمنع سقوط المبنى معالاحتفاظ بحقها لاحقا ان تطالب المالك بتسديد ما دفعته من نفقات لصيانة المبنى. وان كان الحديث عن وجود خطر لسقوط المبنى ولكنه ليسفوريا، فان السلطة المحلية تستطيع التوجه للمحكمة لتصدر امرا قضائيا يلزم مالك العقار بتنفيذ المطلوب لحماية المبنى.
علينا ان ندرس تبني منظومة شبيهة في اسرائيل ايضا. ولكن ذلك يتطلب تأمين الميزانيات اللازمة لاصحاب العقارات وللسلطات المحلية مناجل تنفيذ اعمال الصيانة المطلوبة بالنظر الى الوضع الاقتصادي الحرج للمواطنين وللسلطات المحلية.
حاليا لا تقوم السلطات المحلية والحكومة بما هو مطلوب لحماية المباني الكثيرة، بل انها تحول المسؤولية عن ذلك من جهة لجهة، دون مراعاةلخطورة ظاهرة المباني القديمة ومدى اتساعها. يجب العمل فورا ودون تاخير لحل هذه المشكلة حفاظا على حياة الناس من سكان هذهالمباني. قد تكون المصيبة القادمة مسألة وقت!
*محام وباحث يحمل درجة الدكتوراة في القانون من جامعة تل ابيب وباحث مكمل في مسار بوست- دكتوراة في جامعة رايخمان
[email protected]
أضف تعليق