بقلم: عائد عبدالحميد زقوت
حين تتعرض التجمعات و المجتمعات البشرية للأخطار والنوازل والكوارث والصروف والنوائب تدفعها طبيعتها المدنية وسجيتها الفطرية للجوء للتكتل والاجتماع بمختلف فئاتهم وأطيافهم الاجتماعية ومشاربهم السياسية، ومعتقداتهم الدينية والمذهبية للتصدي للأخطار التي تحذق بهم، فتتراجع الاختلافات وتتنحى جانبًا الأهداف الجهوية والفئوية والشخصية وتتقدم مصالح الشعب ويلتف الجميع حول قيادة واحدة تستمد طموحها من طموح شعبها، هذا ديدن الشعوب والحضارات وهذه سنتها على مدار الزمان والتاريخ، إلا أنّ بعضًا من القوى الفصائلية والقيادية الفلسطينية تريد أن تثبت عكس ذلك.
أمام المشهد المستشري والمتعاظم للصهيونية الدينية المتطرفة باستعراض سياساتها للمرحلة المقبلة من تبني لقانون إعدام الأسرى والتهجير والضم وتشريع الاستيطان واطلاق يد عتاة المستوطنين، لا يُجدي معها التجاذبات في الرؤى حول المنطلقات والآليات وترك الاستراتيجيات بل لا بد من إعادة النظر في مواطن القوة والتأثير التي يملكها الشعب الفلسطيني والتي تؤهله للتأثير على الاتجاهات السياسية الاقليمية والدولية، فعلى الرغم من ضعف الامكانيات التي بحوزة الشعب الفلسطيني واستبداد أميركا الصهيونية والتطبيع العربي المجاني، إلا أنه بفضل صمود شعبه وعدالة قضيته وارتباط مصالح الاقليم بمصالح الشعب الفلسطيني فإنه قادر على أن يكون لاعبًا رئيسيًا وأساسيًا في رسم الخارطة السياسية في المنطقة، إذا ما توفرت الإرادة السياسية اللازمة لتفعيل قوته وتأثيره والتخلص من الارتهان للموقف الحزبي والاقليمي العربي والإسلامي والدولي.
النهج الإسرائيلي القديم المتجدد في شكل حكومته القادمة يوجب على الكل الفلسطيني التخلص من الذات المرآوية والتنادي لاتخاذ قرارات فاعلة بالوقف الفوري للتنسيق الأمني، وإنهاء الانقسام وإن لم يتسنّ انهاؤه فعلى الأقل انحساره وتقزيمه بالدمج الإداري وبلورة موقف سياسي موحد يعبر عن طموحات الشعب في دحر الاحتلال وإقامة دولته المستقلة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
حان الوقت للرسمية الفلسطينية وللقوى الفصائلية بدلًا من الانشغال بالتعبئة الجماهيرية الحزبية، وتكريس الانقسام والمساهمة بقصد أو بغير قصد في إنجاح المشروع الصهيوني لاستثمار الشعلة الوقادة التي أشعلتها دماء الشهداء التي تنزف تباعًا، وحجارة البيوت المتناثرة التي دكها الاحتلال فوق رؤوس ساكنيها، لإطلاق الرصاصة الفضية على الحالة السياسية الداخلية والعلاقة مع الاحتلال.
المسرح الدولي المنشغل بتشكيل التعددية القطبية لإدارة العالم تنذر الفلسطينيين إذ لم يطلقوا رصاصتهم الفضية على المسخرة السياسية التي تدار بها قضيتهم فستطلق عليهم وحينها لا يسأل حميمٌ حميمًا.
[email protected]
أضف تعليق