ترقب المنطقة ميلاد الحكومة الإسرائيلية الدينية الفاشية المتطرفة الجديدة بزعامة الملك نتنياهو كما وصفها وصيفاه الإرهابيان بن غفير وسموتريتش ممثلا الصهيونية الدينية المتطرفة اللذان ينطلقان من مفهوم توراتي وضعهم في درجة أعلى من الآخرين فهم ينظرون لأنفسهم ليس كغيرهم من الناس فأرواحهم مُنِحَت لهم من الكيان المقدس والآخرين من محارات الشيطان، وعليه فإنهم يستبيحون قتل الغريب عنهم ولو كان أحسن الناس خُلقًا، هذه النظرة وضعت اليهود فوق التاريخ وخارج الزمان، فهم ينظرون نظرة استعلاء على غيرهم، ويسبغون على أنفسهم القداسة .
مفهوم الأغيار الأبتر تمخض عن تحالف يهودي كهنوتي فاشي، سيلقي بضلاله على دولة الكيان وسيزيد من تعميق الأزمات المجتمعية والفكرية والسياسية بداخلها، وسيأذن بظهور تظاهرات وانشقاقات تؤثر على الخارطة السياسية الإسرائيلية الداخلية.
أولئك الموتورون المستوطنون الإرهابيون لم يصبحوا فقط مؤثرين في المشهد السياسي الاحتلالي بل أضحوا يملكون قرار الحكومة تجاه الفلسطينيين فشعارهم أنّ الفلسطيني الجيد هو الميت، وبالتالي لا يقيمون وزنًا للكيانية الفلسطينية، وفي هذ الإطار عملت الآلة الإعلامية الإسرائيلية على تصوير المشكلة في صعود هؤلاء النشاز، والصلاحيات التي منحتها لهم الاتفاقيات الائتلافية مع الليكود، وفي رؤاهم التوراتية، وأنّ الخطر الداهم على القضية الفلسطينية نابعًا من توزير أولئك الشراذم في الحكومة الإسرائيلية.
وبعيدًا عن التهوين من هذه الحالة الفاشية العنصرية المتطرفة التي تهيمن على المشهد السياسي الإسرائيلي، نلحظ تجاهلًا مقصودًا في التعاطي مع سياسة الستاتيكو الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية الثابت فيها انفاذ المشروع الصهيوني بطرد الفلسطينيين وإقامة الدولة الصهيونية على كامل التراب الفلسطيني، والمتغير فيها هي آليات التطبيق وفق المتغيرات الإقليمية والدولية، وصاحب هذه السياسة ستاتيكو إسرائيلي ثابت آخر تمثل في الجهود التي تبذلها الصهيونية بتحويل إسرائيل إلى دولة دينية في محاولة منها لأدينة الصراع بما يتفق وأهدافها بإقامة دولة يهودية لليهود فقط، وكذلك ما فتئت اسرائيل عن العمل على تحويل الحقائق التاريخية الفلسطينية إلى حقائق إسرائيلية مقبولة دوليًا وللأسف عربيًا أيضًا كتب: عائد عبدالحميد.
الرؤية الاستراتيجية الصهيونية لا تنفك بالمطلق عن الرؤية الأنجلو سكسونية حيث أنّ واشنطن هي أول من أقدم على تغيير الوضع التاريخي للقدس بالاعتراف بها عاصمة موحدة لدولة إسرائيل في عهد ترامب، وما التصريحات الأخيرة التي صدرت عن وزير الخارجية الأميركي برفض تغيير الوضع التاريخي للقدس ما هو إلا ذر للرماد في العيون، وأداة من أدوات إدارة الصراع لتسكين وترقيد الحالة الفلسطينية.
ما يشهده العالم اليوم من محاولة لتخليق نظام عالمي جديد يقوم على التعددية يشكل دافعًا قويًا للقيادة الفلسطينية لإعادة النظر في الواقع السياسي، والعلاقة مع أميركا وإسرائيل فيما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية ، واتخاذ خطوات عملية لجهة تنفيذ قرارات المجلس الوطني الفلسطيني المتعلقة بفك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي ، والبناء على ما أفرد له الرئيس وقتًا طويلًا في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ومراكمة الخطوات العملية لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.
بقاء الرسمية الفلسطينية في حال السكون دون تنفيذ الإجراءات السياسية التي أقرتها بنفسها، والارتقاء لمستوى تضحيات الشعب وتطلعاته، وتوفير حاضنة رسمية للهبات الشعبية المتواصلة، والعمل الجاد لإنهاء الانقسام الداخلي، والاكتفاء بسياسة النفس الطويل بلا مخالب ستؤدي قطعًا إلى تمكين دولة الاحتلال من تحقيق أهدافها، فماذا ينتظر المنتظرون؟
ملاااااااحظة :
النزوع إلى الفضائيات والتجمعات الشعبية لتحشيد الجماهير خلف شعارات شعبوية تعبوية لا تمثل بُعدًا استراتيجيًا، ما هو إلا محاولة لطلسمة عقول الجماهير وازدرائها ولجمها عن التفكير والمعرفة اللذان يمثلان السبيل الوحيد لإنقاذها من البلاهة الحديثة، والإرحال الديني .
[email protected]
أضف تعليق