غدًا هو اليوم العالميّ لمناهضة العنف ضدّ النساء. قُتلت في اسرائيل منذ بداية العام 22 امرأة، من بينهن 12 امرأة فلسطينيّة: رباب أبو صيام من اللد، سمر كلاسنة من حيفا، جوهرة خنيفس من شفاعمرو، ريما خديجة من قلنسوة، رزان عبّاس من كفركنّا، رسميّة بربور من الناصرة، سهيلة جاروشي من الرملة، منار الهوّاري وابنتها خضرة من اللد، سناء نصرة من أبو سنان، زينب الصانع من اللقية وابتسام أبو عوّاد من عين الأسد. في اليوم الذي تقتل فيه النساء، تتصدّر أسماؤهنّ العناوين الرئيسيّة، ولكن في غضون بضعة أيّام - لا يعود يتذكّر هذه الأسماء سوى من يفتقدها. بينما يضاف اسم آخر إلى القائمة، تقف الدولة على الحياد ولا تفعل شيئًا.
%58 من مجمل النساء اللواتي قتلن في إسرائيل بين 2020-2021 هنّ فلسطينيّات، مع أنّ نسبتهنّ من مجمل السكّان لا تتعدّى %19 (مركز الأبحاث والمعلومات 2020،الكنيست). بالإضافة إلى ذلك، يشير بحث مقارِن لجمعيّة نساء ضدّ العنف، مركز الطفولة ولوبي النساء في إسرائيل، إلى أنّه في حوادث قتل النساء اليهوديّات في إسرائيل بين 2008 و 2018، بلغت نسبة تقديم لوائح الاتّهام ضد الجناة %94.30 – مقابل %56 في حوادث قتل النساء الفلسطينيّات. أمّا فيما يتعلّق بالإدانات، فقد بلغت نسبتها في حوادث قتل النساء اليهوديّات %74، مقابل %34 فقط في حوادث قتل النساء الفلسطينيّات. من الجدير ذكره، أنّ العقوبة الأدنى في حوادث قتل النساء اليهوديّات تتراوح بين 14-18 عامًا، مقابل 5.5 أعوام في حالات قتل النساء الفلسطينيّات.
الهوة العميقة في معدّلات حلّ لغز جرائم قتل النساء اليهوديّات والفلسطينيّات تدلّ بشكل واضح، على أنّ الدولة والشرطة متقاعستان في قضايا العنف والجريمة ضدّ النساء الفلسطينيّات. لا يتعلّق ذلك بحل ألغاز الجريمة وبالعقوبات فحسب، إنّما ينعكس أيضًا في عدم اتّخاذ خطوات وقائيّة ورادعة لتوفير الحماية لضحايا العنف، تعزيز الثقة بمنظومة إنفاذ القانون وتشجيعهن على التوجّه لطلب المساعدة، وبالطبع- ردع المجرمين عن ارتكاب جرائم قتل وعنف مروّعة أخرى.
حتّى فيما يتعلق بمنع جرائم القتل وحماية النساء اللواتي يتخطّين حاجز الخوف والخجل ويقدّمن شكوى لدى الجهات المختصّة، تخفق الشرطة في أداء عملها. وفقًا لـ مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، فإنّ نسبة جرائم قتل النساء، اللواتي قدّمن سابقًا شكوى بخصوص عنف أسريّ بين السنوات 2018-2019، تبلغ %32، %40 من بينهن نساء غير يهوديّات. حوادث قتل النساء اللواتي قدّمن شكوى حول العنف الأسريّ تثبت عجز خدمات الرفاه الاجتماعيّ في السلطات المحلّيّة في البلدات العربيّة.
خدمات الرفاه الاجتماعيّ في البلدات العربيّة، كما السلطات المحلّيّة، هي هيئات مستضعفة وغير قادرة على تلبية كافة احتياجات النساء المعرّضات للخطر واللواتي يحتجن للحماية والمرافقة الدائمة للخروج من دائرة العنف.
لكي يكون الرقم 12 هو الأخير في قائمة النساء اللواتي قتلن هذا العام، يجب أوّلًا تعزيز الحماية للنساء المعرّضات للخطر، أخذ شكواهنّ على محمل الجدّ ومعالجتها كما يجب. هذه الخطوات تتيح المجال للمزيد من النساء لتقديم الشكاوى مستقبلًا. لكنّ، ذلك غير كافٍ: على الدولة حلّ لغز جرائم القتل وتطبيق القانون تجاه القتلة بكلّ الوسائل الممكنة للقضاء على الظاهرة. على الدولة أيضًا معالجة المشاكل الجذريّة في المجتمع العربيّ: الإسكان والأراضي، المواصلات العامّة، التشغيل، التعليم والتعليم العالي. إن لم تُعالج هذه العوامل، ستبقى البلدات العربيّة أرضًا خصبة للعنف والجريمة- ممّا يقلّل من احتمال تحرّر النساء من دوائر العنف.
إلى أن يتحقّق ذلك- على الشرطة أن تستوعب أنّها إن لم تتحمّل المسؤوليّة ولم تقم بواجبها- فإنّ النساء الفلسطينيّات، اللواتي قُتلن، سيبقين مجرّد أرقام.
*وصال رعد هي مركّزة مشروع مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربيّ في جمعيّة سيكوي-أفق.
[email protected]
أضف تعليق