بقلم : غالب سيف
كلنا نتذكر مقولة\فرية الفاشي النِتِن ياهو عندما اطلق تحريضه العنصري المشهور لجمهور مؤيديه اليميني, ضدنا كعرب, حين حثهم للهرولة الى صناديق الاقتراع تحت حجته العنصرية : " العرب ( يعني في مفهومه العنصري الفاشي – أعداء جمهوره والدولة وطابورها الخامس) يهرولون لصناديق الاقتراع, في مفهومهم العنصري هذا امر يُعرّض الدولة لخطر سيطرتنا كأعداء عليها, لذلك هرولوا انتم لكي تنقذوا الدولة من هرولة هؤلاء الاعداء", في حينه وللأسف لم تكن عندنا لا هرولة ولا طلّ الخبر, بل كانت نسبة التصويت اقل من العادية ووصلت الى ما يقارب ال 63%, بينما وبفعل هذه الفرية العنصرية وصلت في الناحية اليهودية الى حوالي ال 84%, واكيد هذا النتن كان يعرف الواقع, وبثعلبيته المشهورة نال هدفه وهرول جمهوره لصناديق الاقتراع, مما قلب في حينه المعادلات والنتائج.
الهموم
في نظري همنا الأول هو فهم ما يريده من لديه ليس فقط النية لقلعنا وتهجيرنا من وطنا, بل عنده كل المخططات والبرامج والآليات وينتظر بفارغ الصبر المناخ الدولي والإقليمي والمحلي المساند للقيام بذلك, وهو يعكس حاجتنا الأساسية الأولى وهي تشخيص والمعرفة والاعتراف في حقيقة وجود هذا الهم, كمحور أساسي لما جرى ويجري ومخطط له, وبالتالي وجوب تحديد آليات الرد عليه بما تقتضيه الظروف وميادين الصراع الذي نعيشه.
في التشخيص على كل جمهورنا وبدون استثناء, الوطني منه وما يسمى في المصطلحات الدارجة : العميل او التابع او المُطبّع .., وأيضا من ما يسمى "المحايد" او اللامبالي, اضف لهؤلاء جمهور من اليسار الصهيوني القريب من الحقيقي المُمثل بالأساس بمن هم اتباع عازفين عن جماعة حزب العمل وميرتس, او من هو قريب منهم ورفاقنا اليهود, كل هذا الجمهور والذي تتجاوز نسبته من عامة سكان البلاد المسماة منطقة ال-48 ال 25%, ربع السكان مهددين الى حالة التهجير. ولكن بمقدورهم لو توحدوا وتنظموا وتناسقوا ان يعدلوا ويُميِلوا, او باللغة الدارجة ان يُؤثروا, وبكرامة .. لو .. وكان تشكيل القائمة المشتركة رافد متنامي واساس لنمو هذا الفعل المطلوب.
لكي نوضح اكثر ماهية هذه الفكرة, علينا ان نفهم أولا آلية وحقيقة تعامل الفكر الصهيوني السياسي والميداني معنا بما يتعلق بالانتخابات للكنيست, ان كان في السابق والآن وفي قناعتي هذا الذي سيكون لاحقا, وعليه من المفيد ان نسأل: ما الذي يدور في ذهن الخواجة في هذا السياق ؟, المبني كله على القلع والزرع, قلعنا كأهل لهذا الوطن وزرع ما بسمونهم المهاجرين الجدد مكاننا, وهنا السياق فقط لما يريدونه منا كعرب في انتخابات الكنيست, كونها هي التي تأسس وتأتي بالفاعلين والفِعِل الذي يسن القوانين ويقرر الأهداف والبرامج والخطط المتعلقة والتي تحيط بكل تفاصيل حياتنا, وبفعل وتحت ضغط الحاجة ما زال فكرهم هذا يسمح لنا, حتى اليوم .., بممارسة هذا الحق أي حق التصويت وبالتالي التأثير على السياسة وعلى خواتم مخرجاتها الحياتية, ولكن مع رغبتهم الجامحة والمعلنة بان يكون تصويتنا إما لأحزابهم الصهيونية كأفضلية أولى, او لمن يخنع بالكامل او جزئيا, علنا او من وراء الكواليس, لسياسة هذه الأحزاب, واذا تعذر الأمران, فعليكم النزوح عن التصويت بإرادتكم يا عرب, لكي لا نُحرج ويقولوا عنا اننا لسنا ديمقراطيين. واذا مش مصدقين انتبهوا لتفاصيل الضخ الإعلامي الصهيوني والتابع اليوم في هذه المعركة الوجودية, والذي حسبه كل الأسباب لإقناعكم بضرورة مقاطعة الانتخابات وعدم التصويت فيها متوفرة .., وكلنا نسمعها عشرات المرات وبشتى الأساليب وعن طريق شتى الأشخاص كل يوم وفي كل الوسائل والاساليب, وفي خلاصتها ان الجمهور تعب, يأس, مُحبط من الأحزاب والقيادات العربية و.. و.. و .. , لحقّ على هذا الفكر والفعل العفن وسير على خطاه لكي يصيبك ما يصيب الذي يلحق البوم.
الخلاصة
عندما حصلت القائمة المشتركة على 15 عضو كنيست وصلت نسبة التصويت عندنا كعرب الى 68% , وحصلنا على 20 الف ناخب في الناحية اليهودية, اليوم لنا وللموحدة وبعد خروج الموحدة من المشتركة, حصلت القائمتان فقط على 10 أعضاء كنيست, وبفعل هبوط نسبة التصويت عندنا, بغض النظر ان كان بحق او لأي اعتبار, هذا لا يغير الواقع الذي يقول ان هذا الهبوط قلص بشكل ملحوظ نسبة ونوعية التأثير الذي نحتاجه كعرب, ان كان في الأمور القومية او اليومية, وكل عاقل يعرف ان الهمّان متشابكان ومترابطان ومتداخلان, وللتأكيد على ذلك هل ممكن او معقول ألا يفهم حتى الطفل ان السلام يفيد شعبيّ هذه البلاد, خاصة نحن العرب الذين سنقضي بفعله ان حصل على عقيدة القلع والزرع الصهيونية المدعومة غربيا وعروبيا, لان كل عاقل يعرف الحروب والاحتلال هي مصدر كل المآسي التي نعيشها, والجرائم التي تلحق الجميع, وليس فقط نحن, بل كل شعوب المنطقة, ولكن تلحقنا هنا وباقي أبناء شعبنا, الرازحين والنازحين وفي كل مكان, لنا في هذه المآسي الناتجة عن هذه الهموم حصة الأسد .
الرد الذي يرد ويصد ويقوي تأثيرنا على حياتنا ومجمل ما نعاني منه, العنف والسكن والتطوير والميزانيات و .., و .., و .., كل هذا, رد لا تكلفة مادية او معنوية او عقائدية فيه ومربح 100%, هو ان يهرولوا أهلنا الممتنعين عن التصويت الى صناديق الاقتراع في 1.11.2022 وبكل جهوزية وعن طيب خاطر وبعد جرد حساب دقيق للربح والخسارة, ولنثبت ان العرب ليسوا جرب, وان شعب فيه 38% من طالبات و32% من طلاب معهد التخنيون للعلوم التطبيقية عرب, هذا شعب لا ولن يكون غبيا, لا في هذه الحقبة من الصراع ولا في هذه المعركة ولا في غيرها. وغير ذلك التهجير امامنا والعنف والتمييز وقانون كامينتس وقانون القومية و 40 قانون عنصري سنتها الكنيست في السنوات الأخيرة ورائنا.
اذا هرولوا لصناديق الاقتراع كما في انتخابات السلطات المحلية, وصوتوا, كما انا ارغب لقائمة الجبهة والعربية والتغيير, وسترون العجائب عندنا والخيبة والخذلان للصهيونية واحزابها وفكرها وممارستها وخاصة للنتن ياهو وزمرته.
كاتب المقال المرشح السابع في قائمة الجبهة والعربية للتغيير

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]