حلقة استثنائية من داخل غرفة العمليات، رافق فيها موقع بُـكرا، د. مريان خطيب اثناء اجرائها لعملية استئصال جزئي للثدي لدى امرأة التي تم تشخيص حالتها قبل عدة أشهر، حيث تم اكتشاف كتلة سرطانية لديها في الثدي مع إصابة الغدد الموجودة في منطقة أسفل الابط.

والدكتورة ماريان خطيب، هي أول طبيبة عربية مختصة في جراحة الثدي وإعادة بناء وترميم الثدي، وتشغل منصب مديرة وحدة جراحة الثدي في مستشفى العائلة المقدسة النمساوي حيث قمنا في موقع بُـكرا بمرافقتها، بالإضافة إلى منصبها مديرة في مركز صحة الثدي في المركز الطبي ايخيلوف.

من قلب غرفة العمليات...

وعن الحالة الصحية للمريضة التي رافقنا د. مريان خطيب أثناء اجرائها لعمليتها قالت د. مريان: " نحن نتحدث عن حالة صحية لامرأة التي تم تشخيص اصابتها بسرطان الثدي قبل عدة أشهر، حيث تم اكتشاف كتلة سرطانية لديها، بالإضافة الى إصابة الغدد الموجودة في منطقة أسفل الابط، في البداية تمت معالجة هذه السيدة بالعلاج الكيميائي على مدار عدة أشهر، لأنه تم اكتشاف عدة كتل سرطانية لديها، من خلال العلاج الكيميائي تم تصغير هذه الكتل وتقليص المرض الموجود في الغدد الليمفاوية ".

وتابعت: " في هذه الحالة، كان الاستئصال جزئيًا، وليس كاملاً، وذلك نتيجة لخضوع المريضة الى العلاج الكيميائي، العملية كانت في المنطقة التي تتواجد فيها الكتل، التي اختفت بسبب العلاج الكيميائي وحتى يتم التأكد من اختفائها، يتم استئصال المنطقة المصابة وبعد ذلك نرسل الكتل المستأصلة الى المختبر لفحصها ".

من أوائل طبيبات جراحة الثدي وأول طبيبة جراحة ترميم ثدي عربية...

وتجدر الإشارة إلى أن د. ماريان خطيب أول طبيبة عربية في البلاد التي تتخصص في جراحة الثدي وبجراحة ترميم وإعادة بناء الثدي، وتخصصت جراحة عامة لمدة 6 سنوات في البلاد، ومن ثم تخصصت في جراحة الثدي وإعادة بناء الثدي في أكسفورد، وعن هذا الجانب قالت: " عادة في البلاد، طبيب جراحة الثدي يقوم بإجراء جراحة استئصال الثدي، ولكن إعادة ترميمه من يقوم بها هو جراح مختص تجميل، بينما في أوروبا جراح الثدي هو من يقوم باستئصال وإعادة البناء في نفس العملية، اليوم بات عالم الجراحة أكثر تخصصات محددة في مجال معين، فمن غير المنطقي أن أكون جراحة ثدي وأكون بحاجة لطبيب غير ليقوم بعملية ترميم وإعادة بناء الثدي، وهذا أمر له حسنات، يساعد الطبيب في رؤية شمولية وكاملة في كيفية اختيار العلاج، سواء استئصال كامل أو جزئي مع استخدام التقنيات الطبية اللازمة ".

متى يكون القرار استئصال جزئي او كامل؟

وردًا على سؤالنا هذا قالت د. ماريان خطيب: " يعتمد قرار الاستئصال الجزئي أو الاستئصال الكامل، على نسبة كبر الكتلة السرطانية وكبر الثدي، على سبيل المثال: " كتلة عبارة عن 4 سم داخل ثدي حجمه صغير، ليست مثل كتلة بنفس الحجم موجودة في ثدي حجمه كبير، اذا كانت الكتلة كبيرة نسبة لحجم الصدر، يتم استئصال كامل للثدي في أغلب الأحيان، لكن اليوم لدينا تقنيات طبية التي نستخدمها خلال القيام باستئصال جزئي عن طريق استخدام أدوات من عالم التجميل، حيث يمكن أخذ أنسجة من الصدر نفسه التي يمكننا من خلالها إعادة بناء الصدر، وملء الفجوة التي تنتج بسبب استئصال الكتلة من خلال هذه الانسجة، وهكذا يمكننا عمل استئصال جزئي، ونحصل على نتيجة جمالية مقبولة جدًا ويمكن أحسن من النقطة التي بدأنا منها ".

ما هي المواد المستخدمة في إعادة بناء أو ترميم الثدي؟

د. ماريان خطيب: " ينقسم ترميم أو إعادة بناء الثدي إلى قسمين، الأول- إعادة ترميم بعد استئصال جزئي، والثاني- إعادة ترميم بعد استئصال كامل، هناك حالات التي تكون فيها الكتل صغيرة، ولا يوجد حاجة لإعادة الترميم، يتم اجراء فتحات في أماكن خفية غير ظاهرة، ولا تكون هناك حاجة لملء الفجوة بأي مادة ".

وفيما يخص الاستئصال الجزئي، لدينا طريقتين:

الأولى: من أجل ملء الفراغ، احداهما تعرف باسم (volume displacement) ما يعني نقل الأنسجة من مكان الى آخر.
الثانية: هي استخراج انسجة من أماكن مجاورة للثدي، مثل الدهن الموجود في منطقة الظهر، أو الدهن الموجود تحت الثدي، التي يتم ملء الفجوة الناتجة بعد الاستئصال.

أما القسم الثاني، الخاص بإعادة بناء الثدي بعد استئصال كامل، يتم اجراؤه بطريقتين أيضًا:

الأولى: بناء كامل للثدي عن طريق مادة السيليكون، وذلك من خلال الحفاظ على الغلاف الخارجي للثدي، وفي بعض الأحيان على الحلمة وعلى الجلد أيضًا، حيث يتم استئصال الأنسجة الداخلية وملء الفراغ الناتج عنه بمادة السيليكون.
الثانية: إمكانية إعادة بناء الثدي عن طريق أنسجة التي يتم استخراجها من أماكن أخرى في الجسم، مثل البطن أو عن طريق عضلة الظهر.

الغدد وخطرها على صحة المرأة!

وفيما يتعلق بفحص الغدد الليمفاوية المتواجدة تحب الابط قالت د. مريان خطيب: " من المهم جدًا خلال كل عملية متعلقة بسرطان الثدي، فحص الغدد الليمفاوية، وذلك لأن سرطان الثدي ينتشر في الجسم يبدأ بالانتشار من منطقة تحت الابط ".
وأكدت د. مريان: " حتى لو تبين أن الغدد طبيعية وغير مصابة بعد فحص صور الأشعة، من المهم أخذ عينة للغدد أثناء العملية، ليتم التأكد أنها سليمة وغير مصابة ".

البحث عن الغدة الحارسة!

وتابعت د. مريان: " يجب الإشارة الى أنه منطقة أسفل الابط يوجد الكثير من الغدد، وخلال العملية نبحث عن غدة معينة اسمها الغدة الحارسة، وهي أول غدة لميفاوية يصل المرض إليها، فإذا لم يصل المرض إلى هذه الغدة، لن يصل الى غدة أخرى، حيث يتم حقن المرأة بمادة radioactive في منطقة الصدر، ويتم استخدام جهاز خاص خلال العملية الذي مهمته العثور على هذه الغدد تحت الابط والتقاطها، الغدد الأولى التي يلتقطها الجهاز يتم استئصالها وارسالها الى الفحص، واذا كانت هذه الغدد نظيفة يعني هذا الأمر ان الغدد تحت الابط نظيفة ".
مهم جدًا!

وهنا نوهت د. ماريان، خلال لقائنا معها إلى ملاحظة مهمة جدًا وهي كل امرأة تمر بعملية استئصال للثدي، من المهم أن تتأكد أن هذه الطريقة العلاجية متبعة في المستشفى التي تتلقى فيه العلاج، التي تبحث عن الغدة الحارسة، لأن الغدة الحارسة هي التي تؤكد إذا الغدد نظيفة أم لا، هناك حالات ممكن أن يتم استئصال غدد أكثر مما يجب، أو يتم استئصال الغدة غير الصحيحة، أو حتى لا نخفق الغدة التي نبحث عنها ولا نصل اليها، لذلك هذه التقنيات العلاجية مهمة جدًا، ويجب أن تكون متوفرة في مركز الذي يعالج مرضى السرطان.

وضع الكتل بعد استئصالها في جهاز خاص!

من الجدير ذكره، أنه بعدما قامت د. ماريان خطيب من استئصال الكتلة السرطانية من ثدي المريضة قامت بوضعها بجهاز ميموغرافي متنقل للتأكد أن الكتلة التي تم استئصالها هي التي تم الإشارة اليها أثناء أخذ الخزعة أو العينة من جسم المرأة، وهنا قالت د. ماريان: " عندما يتم أخذ خزعة أو عينة من جسد المرأة يتم الإشارة لها بكليبس، وفي اليوم الذي يسبق العملية في حال لم تكن الكتلة محسوسة يتم تحديد مكان الورم بسلك معدني، حتى يعرف الطبيب الجراح مكان الكتلة، وبعد ذلك يتم وضعها في جهاز الميموغرافي وتصويرها، من أجل التأكد أن الكليبس موجود فيها والتأكد أن كل الكتلة قد خرجت، وأن الكتلة محاطة بأنسجة سليمة ونظيفة من المرض، مع ذلك، هذا لا يضمن أنه تم استئصال الورم بأكمله، ولكنه يزيد من احتمالات نجاح العملية بسبب الاستئصال الكامل للكتلة السرطانية ".

هل عملية الاستئصال تمنع انه يرجع المرض؟

د. مريان: " الطب ليس معادلة رياضية، ما يعني انه لا يوجد ضمانات 100% تمنع رجوع المرض، لكننا نعمل بكل امكانياتنا الموجودة، من أجل تقليص خطر رجوع المرض، من المهم جدًا القول ان التشخيص المبكر لمرض سرطان الثدي فيه الكثير من حالات الشفاء التي تصل إلى أكثر من 90% ".

وتابعت د. مريان: " حتى بعدما نقوم باستئصال الورم، سواء جزئي او كامل، نقوم بعد ذلك بإرسال الكتلة الى الفحص للتأكد أنه تم استئصالها بأكملها، وبعد الاستئصال الجزئي، يجب أن تلجأ المريضة الى علاج الأشعة، حتى نتأكد من عدم عودة المرض وتشفى شفاءً كاملاً ".

استئصال كامل او استئصال جزئي؟

وفيما يتعلق بالأفضلية بين اختيار الاستئصال الكامل أو الجزئي، قالت د. مريان: " الكثير يعتقدون أن الاستئصال الكامل أكثر ضمانًا من الاستئصال الجزئي، لكن من المهم القول انه ليس أضمن على المدى الطويل، في اللحظة التي يتم التأكد فيها انه تم استئصال الكتلة بأكملها، وأخذت المريضة كل العلاج اللازم بما فيه العلاج بالأشعة، للمدى الطويل لا يوجد أي فرق بين الاستئصال الكامل أو الجزئي، ما يعني أن الاستئصال الكامل لا يضمن عدم رجوع المرض بشكل تام، الحالتين متساويتين في النتيجة ".

ليس كل المريضات يخترن إعادة بناء الثدي بعد الاستئصال الكامل، لكن إذا رغبن بذلك فمن المفضل إعادة بناء الثدي خلال عملية الاستئصال، لأن خيار الاستئصال الكامل ليس بيد المرأة، انما خيار إعادة البناء هي من تختاره.

وأشارت د. مريان: " بالنسبة للاستئصال الكامل، يوجد مريضات لا يرغبن بهذا الخيار، وإذا كانت المريضة تريد إعادة بناء أو ترميم الثدي، من المهم جدًا أن يتم بنفس عملية الاستئصال، هناك إمكانية على المحافظة على الغلاف الجلدي وبهذا الشكل نقوم ببنائه من جديد، وهذه الطريقة أفضل من أن يتم عملية إعادة بناء أو ترميم الثدي مستقبلاً، لأنه سوف تكون معقده، والتي تحتاج الى توسيع الجلد حتى يتم ملئه ".

تأثير العامل والجانب النفسي على المريضة

وعن تأثير العامل والجانب النفسي على المريضة، قالت د. مريان: " هذا المرض فيه الكثير من الجانب النفسي لأنه يصيب المرأة بمركز انوثتها وهو أمر غير سهل، ضمن إطار عملي كطبيبة أعمل كل ما بوسعي من أجل سلامة وصحة المرأة الجسدية والنفسية، وكوني امرأة أتفهمها أكثر من هذا الجانب ".

وتابعت: " من المهم أيضًا بالمراكز التي تعالج سرطان الثدي أن تكون ممرضة وطاقم مهني الذي بإمكانه أن يعطي الدعم النفسي للمرأة سواء عاملة اجتماعية أو معالجة نفسية ".

نصيحة...

وفي نهاية اللقاء، قدمت د. مريان نصيحة للنساء قالت فيها: " لدي نصيحة التي دائمًا أكررها، أهم شيء هو الفحص والتشخيص المبكر للمرض، ونصيحتي لكل امرأة وصلت الى جيل 30 عامًا، حتى وان لم يصب أحد في العائلة بالمرض، من المهم التوجه بشكل سنوي الى اجراء فحص روتيني عند جراح أو جراحة ثدي، هناك مقولة دائمًا أكررها " ساعة بالسنة ممكن تنقذ الحياة حتى يمكن اقل من ساعة ربع ساعة بالسنة ممكن كثيرًا أن تنقذ الحياة ".

لمزيد من التفاصيل يمكن التواصل مع الطبيبة مريان خطيب عبر صفحتها على الفيسبوك

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]