بقلم : ممدوح اغبارية
· عضو لجنة مركزية ورئيس اتحاد طلاب سابقا

· ناشط وطني

القيادة تخرج من الأيام القادمة اقوى بالالتفاف المستمر، نحصد من كبرياء الناس عنفوان الرفض للاستلاب الصهيوني خلال شعبنا الفلسطيني الأصيل ، بالالتفاف المتزايد من الناس حول أفكار التجمع التي سيأتي المقال بها على نبض التطوير المتوقع من الجماهير.

سأحاول هذه المرة التطرق إلى 3 قضايا مركزية أخرى على الناخب حسمها والتطرق لها وحسمها وعلاجها وهي: التخبط داخل الأحزب بين تأييد حل الدولة الواحدة أو الدولتين، التناحر والتجاذبات على أساس شخصوي بين القيادات، وأهمية التوافق حول موقف من الثورة السورية.



أولا: التخبط بين حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين

تتسم الرؤية النهائية للحل بالتخبط بين الكوادر والقيادة مما يدفع الناخب أن يحسم أمره بأي اتجاه سيسير مع اي الحزب في الفترة القادمة بالنسبة للحل النهائي للقضية الفلسطينية. لن أخوض في مواطن القوة والضعف لكلا الحلين، ولكني أردت الإشارة إلى أهمية الحسم، ثم الالتزام بعدها ببرنامج الحزب. لا تتحمل الحركة الوطنية في الداخل عدم الوضوح بالرؤية بنسبة للحل النهائي، فوضوح الرؤية والالتزام بها أولى الخطوات للوحدة التنظيمية والسياسية والنمو والتوسع لقيادة وأفراد الحزب.



عند مناقشة حل الدولة العلمانية الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية مقابل حل الدولتين يبرز اختلاف واسع في الآراء، بما في ذلك داخل حزب التجمع نفسه وبين قيادته وأعضائه، وعلى الناخب أن يحسم بين الخيارين، ثم الالتزام بذلك مع الكوادر. من يؤيد الدولة الواحدة يعتمد في طرحه على المقارنة مع جنوب أفريقيا، وعلى كون طرحه أكثر عدالة وضمانا أكبر لحقوق اللاجئين الفلسطينيين والحقوق التاريخية الفلسطينية. زد على ذلك استفحال حكومة اليمين وتعطيلها لأي إمكانية لقيام حل الدولتين.



مقابل ذلك هنالك أعضاء وقيادة يتبنون حل الدولتين الذي يستند إلى قرارات منظمة التحرير، وإلى أن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 بات يحظى بتأييد عربي ودولي واسع، وأن ذلك يجعله أوفر حظًا لأن التحركات الدبلوماسية والحراك الدولي تؤيد هذا الاتجاه.



أنا شخصيا لا أرى تعارضا بين الشعارين على أساس أن الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 يمكن أن توفر الحل المرحلي المؤدي والممهد للدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية، لذا على الناخب أن يحسم أمره بأي اتجاه سنسير، حل الدولة الواحدة ودولة كل مواطنيها أم حل الدولتين لشعبين.



ثانيا: الثورة السورية والتباين حولها



إن استعمال كلمة 'تباين' حول القضية السورية هو تجميل لما حصل بالفعل بين القيادة والكوادر حول الموقف من الثورة السورية حيث لا أريد استعمال كلمات أشد قسوة. إن ما أريد قوله إن على الناخب ان يعي حتى اختلافنا الداخل بمظلة الحركة الوطنية نقطة قوتنا عند توحيد الإرادة والخطاب السياسي لأعضاء الحزب من الثورة السوربة وفرض الالتزام بالموقف على الجميع و'الجميع' ليست كلمة هينة.



خلال مرحلة البناء لا تملك الحركة الوطنية ترف الاستغناء عن جهود أحد أبنائها، ولا تستطيع إهمال رأي فريق منهم مختلفون في المواقف، ولكن يمكننا الاتفاق بالحد الأدنى ومن ثم الالتزام ببرنامج الحزب. على الناخب منع الحزب من الدخول للاصطفافات الإقليمية فنحن لسنا لا وكالة إيرانية ولا أميركية لأن قضايا عرب الداخل وفلسطين قضايا عادلة وقضية تحرر وطني بحاجة لأوسع وحدة صف داخلية وتأييد دولي جارف لها.



أخيرا، أعتقد أن الأيام والأسابيع القادمة ستكون حاسمة ومؤثرة في مسيرة التجمع الوطني الديمقراطي. سنشهد حراكات تنظيمية واصطفافات فكرية وقيادية ربما ستفاجئ الكثيرين، وهنا كان لا بد من التأكيد على النقاط السابقة لأن شعبنا اقوى بالتجمع مما يأتي قدما

يجابه التجمع الوطني الديمقراطي حملة تحريض غير مسبوقة على مستوى الأحزاب الفلسطينية التي تشارك في الكنيست الإسرائيليّ. حملة منسقة بين أجهزة الدولة المختلفة، الإعلامية منها والأمنيّة والسياسية.

إن إبعاد نواب التجمع وشيطنة تيار سياسي بأكمله، لهو منعطف سياسي يمهد لما هو قادم، فشطب التجمع من الانتخابات القادمة ومن ثم إخراجه عن القانون، لربما تحصيل حاصل لحملة التحريض الهستيرية، وعليه يجب الاستعداد والتهيُؤ بما يتلاءم مع ذلك.

وجب التنويه أنه بشيطنة التجمع ونزع الشرعية القانونيّة والشعبيّة عنه، تسعى إسرائيل واحزابها لإعادة هندسة وتشكيل المبنى السياسي لعرب الداخل وقياداتهم، حسبما يتناسب مع مصالحها ورؤاها. ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة التصعيدية والترهيبية تمثّلُ اعتداءً على حرية الاختيار والتنظيم السياسيين، واستمرارًا لمحاولات نزع الشرعية القانونية عن عمل التجمع الوطني الديمقراطي، وملاحقة قياداته وشبابه، وضرب مشروعيته الشعبية عبر وصمه بالتطرف والإرهاب. هنا علينا توضيح ما يلي. نؤكد للقاصي والداني بأن التجمع الوطني الديمقراطي هو تيار أصيل ومركزي بين أظهر الفلسطينيين وجزء لا يتجزأ من حراكهم السياسي ومشروعهم الوطني وفي صلب الاجماع الوطني. وعليه، فإن إبعاد نواب التجمع وملاحقة الحزب وأفراده لن يمسّ عمقه الشعبي ولن يحد من أفقه، وذلك لأن له تجارب قد حصّنته، وله شعب يحميه ويحتضنه مهما اختلفت فيه المشاريع السياسية والمشارب الفكرية، ولكن يُطرح السؤال أمام القيادات في التجمع، ما العمل وهذا ما سأحاول المساهمة به علها تكون إضاءة لحَمَلَة الشعلة، قيادة الحزب.

أولا: تعزيز خطاب المواطنة الكاملة

في ظل صبغ التجمع الوطني الديمقراطي بالتطرف على الحزب التمسك بإبراز الهوية الديمقراطية للحزب التي تحرج إسرائيل، لا بد من العودة إلى ممارسة خطاب المواطنة الكاملة النقيض للفكر الصهيوني، الذي لا يتماشى مع الحرية والمساواة والديمقراطية. خطاب المواطنة الكاملة عنوان للمعركة التراكمية على وعي المجتمع الإسرائيلي والعربي الديمقراطي. على التجمع أن يسعى إلى تجنيد الجماهير وعدم الاكتفاء بتمثيل شريحة هامشية كما تحاول قوى الظلام تصويره. ولكي تتجند الجماهير على التجمع أن يقدم خطاب يحمل هموم الناس البسيطة ويعطيهم أملا ويصمم لهم مواطنتهم في دولة إسرائيل عبر ربطها مباشرةً مع هويتهم القومية وأملهم بالمساواة وتحقيق المواطنة الكاملة.

ثانيا: بناء المؤسسات التنموية

العودة إلى الأصل، فالتجمع ببداياته ساهم ببناء مؤسسات رائدة عابرة للحزبية في المجتمع المدني، مثل، جمعية الثقافة العربية وبلدنا وإعلام ومدى الكرمل والعديد من المؤسسات الأخرى. إن العمل المؤسساتي والجمعيات التي يجب أن يساهم في تأسيسها التجمع، شكل من أشكال التعاون والالتحام مع المجتمع العربي. وهي ضرورة للنمو والبقاء والاستمرار حيث تقاضمت مساحة العمل الحزبي التقليدي، وعلينا البحث، دائمًا، عن أنجع الفكر للتواصل والتعبير عن الجمهور. إن العودة إلى هذا المربع من شأنها تعزيز أهداف التجمع الاستراتيجية ببناء المجتمع التكافلي ونقل الجمهور العربي، من خانة الفردية والحزبية الضيقة إلى خانة العمل الجماعي والوحدوي. من خانة العفوية ومجانيّة الموارد البشرية إلى خانة المبادأة والتخطيط ومن خانة العشوائية إلى خانة الرؤية والتخطيط الاستراتيجي من خانة التأثير المحدود إلى خانة التأثير الواسع.

ثالثا: دمج خريجي الحركة الطلابية في المعركة

للحركة الطلابية رصيد محوري في الذاكرة الجماعية النضالية للنخبة الفلسطينية. فقد لعبت الحركة الطلابية دورًا مركزيًا في الحركة الوطنية على مدار عقود طويلة وتمتع أبنائها بخبرات وتجارب عديدة اغنتهم واغنت الحركة الوطنية. يعرف القاصي والداني أن الحركة الطلابيّة تشكل الرافد الأساسي للأحزاب العقائدية. وكان للتجمع امتداد طلابي عارك لسنوات داخل الجامعات ضد القمع والتهميش والعنصرية. حان الوقت لقطف هذه الثمار بإعطاء دور لهؤلاء الشباب لما يتمتعون به من خبرات تقنية وقدرات مواكبة العصر والتمكن والتحدث بلغته. حالا يجب إعادة كل الشباب الثوريين الذين ابتعدوا بسبب يأسهم من قلة تأثيرهم على القرار التنظيمي والسياسي. هؤلاء شعروا بتمركز سلطوي داخل الحزب واستنزفتهم الطاقات المبذولة للتغيير ولمقارعة القيادة وحراسهم الوظيفيين الذين يتم توظيفهم لتكريس وتمكين قبضة القيادة المركزية.

رابعًا: تفعيل حملة إعلامية موجهة للمجتمع العربي والإسرائيلي

إن الإعلام مسؤول مباشر عن صياغة الوعي لدى المجتمعين العربي والإسرائيلي، وعلينا التسليم بهذا المعطى والعمل حسبه. في ظل ثورة الإعلام والإعلام الجديد الخاصة وتراجع الأدوات التقليدية، أتيقن من أهمية التعامل بمهنية عالية وبث خطاب إعلامي رصين وصلب للمجتمعين العربي واليهودي وبالعربي وبالعبري. لتكن الحملة الإعلامية لصد الهجمة المنسقة على التجمع مهنية واحترافية وقادرة على التأثير في القطاعات الواسعة. إن التجمع الوطني الديمقراطي مقبل على مواجهة مع السلطة على الوعي وهذا لا يحتاج إلى مهادنات ومراوغات ومجاملات ، بل هي معركة تحتاج جرأة ومواجهة ومسؤولية رافضة لكل محاولات التقسيم والتمويه والتدليس وصناعة القيادات البديلة المتواطئة، مواجهة لكل محاولات التدجين والأسرلة والشرذمة والتقسيم، مواجهة لكل محاولات قلب المفاهيم وتمييع الهوية، عبر خطاب سياسي واجتماعي تغذيه الحملة الإعلامية، بما يكرس حالة الوحدة النضالية والعزة القومية بأدوات عصرية قادرة على المواجهة وتبيان الحقيقة لصناعة الوعي الحقيقي غير المزيف.

سأتطرق في المقالة القادمة إلى بقية ركائز العمل لصد الحملة الشعواء، وسأكتب عن أهمية تفعيل حملة شعبية على شكل حملة تواقيع ومؤتمرات شعبية وكيفية بناء دائرة أصدقاء للتجمع تدافع عن التجمع، وأهمية الاستثمار في الشباب، وأخيرًا عن تجنيد لجنة المتابعة والقائمة المشتركة.

سوف نحمي حزب التجمع الوطني الديمقراطي بأنفسنا وبكل ما أوتينا من قوة وعزيمة ونحمى استقرار حزب التجمع السقف السياسي وبوصلة الحركة الوطنية والقومية الديمقراطية في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ فلسطين، وسوف نقف جميعا خلف القيادة السياسية للحزب وعلى رأسهم النائب سامي أبو-شحادة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]