صحيح أنه قيل "الشركة تركة" وهذا ما كنا نخشاه، فجاءت التركة الأولى ثم أعقبتها التركة الثانية وأجهزت على المشتركة. اعتقدنا أن شركتكم متينة ولا تهزها عواصف أطماع أطرافها، وصادقة بحيث تصمد أمام التآمر عليها، ومنيعة في وجه أعدائها. لكن تبين أنها شركة غير محدودة الضمان وكان سهلا اختراقها.
أوهمتم الناس وخدعتموهم بالشعارات وخاصة مقولة أن المشتركة "إرادة شعب"، ونحن نعلم علم اليقين أنها جاءت خشية من السقوط في الانتخابات بعد قانون ليبرمان، ولم ننغص عليكم فرحتكم بأول كذبة، ولو كانت "إرادة شعب" حقا لما تهاونتم بهذه الإرادة وفككتم الشراكة بهذه السهولة وقلة المسؤولية.
مبارك عليكم انجازكم الكبير بفك المشتركة، وضرب ثقة الناس بكم وبالعمل الحزبي خاصة والسياسي عامة، لقد ظهرتم على حقيقتكم حيث لم تعودوا تملكون حتى ورقة التين لتستروا بها عوراتكم.
أقل ما يقال فيكم أنكم لم تعودوا أمناء على مستقبل هذا الشعب وقضاياه، سرتم من فشل إلى فشل وتقدمتم إلى الوراء ولم تحسنوا الصمود أمام الأعداء. كنتم جسما هشا يسهل اختراقه وتدميره من الداخل، بسواعدكم ونفوسكم الضعيفة وضيق آفاقكم وتمسككم بمصالحكم الضيقة.
ماذا تبقى منكم ومن شعاراتكم وتصريحاتكم؟ لقد بتّم هاربون كما قال فيكم الشاعر نزار قباني: "ماذا يريد الهاربون/ من الشهامة، والرجولة/ ما يريد الهاربون"؟
لم نعد بحاجة إلى وسيط بيننا وبين الحكومة، فاذا كان دوركم إيصالنا إلى نتنياهو وتنصيب غانتس ومراضاة لبيد، فإننا نعرف الطريق إليهم مباشرة ولا نحتاج إلى وساطتكم. لا نحتاج إلى ذريعة "التأثير من الداخل" والتي فشلت فشلا ذريعا، ولا نرغب بتوصيات مشبوهة من أجل مكاسب رخيصة أو توغلا في التنافس غير الشريف والبغيض فيما بينكم، ولم نعد نكتفي بالمعارضة من أجل المعارضة. يجب أن ترتاحوا وإلا أرغمكم الشعب على إجازة إجبارية، كي يتم بناء أحزاب جديدة على أسس جديدة وبدماء جديدة، وليس بأجسام تكلّست وشاخت وباتت واهنة، لا تقدر على السير خطوات دون أن تتعثر أو تسقط.
اذا كانت هذه هي "القيادة" فبئس قيادة كهذه. وإذا كانت هي أحزابكم فلتذهب إلى الجحيم غير مأسوف عليها، بعدما أوصلتموها إلى الحضيض.
بات حالكم اليوم ينطبق عليه ما قاله الشاعر نزار قباني في غيركم: "ماذا يريد النرجسيون/ الذين بحسنهم يتغزلون/ وبشعرهم يتغزلون/ وبنثرهم يتغزلون". إن نرجسيتكم أعمت قلوبكم وضمائركم، وأخذتكم إلى طريق خيانة الأمانة، وآن لكم أن تستريحوا وتريحوا الشعب من ألاعيبكم السياسية التي نزلتم بها نحو الرذيلة.
وأختم بدعوة أطلقها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، قبل ثمانية عقود في وجه الملوك العرب، وأظن أنها تنسحب على نوابنا اليوم:
ما جحدنا (أفضالكم)، غير أنّا لم تزل في نفوسنا أمنيّة:
في يدينا بقية من بلاد... فاستريحوا كيلا تطير البقية

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]