تعتبر الرياضة بمختلف أنواعها من أهم النشاطات البدنيّة التي يمكن للإنسان أن يمارسها من أجل الحصول على جسم رياضي وصحيّ خالٍ من الأمراض، ولكن في الكثير من الأحيان قد يتعرض الشخص الرياضي أو حتى اللاعب المحترف الى إصابة، تختلف حدتها من الطفيفة، المتوسطة وحتى الصعبة.

الإصابات الرياضيّة، هي مصطلح الذي بات شائعًا، والذي يدل على الإصابة التي تحدث للشخص الرياضي، وهي منتشرة لدى الهواة والمحترفين والتي لها أسباب عدة، سوف نتحدث عنها مع الطبيب فارس القيش، المختص في جراحة العظام وجراحة الركبة بالمنظار والطب الرياضي ومدير وحدة المناظير والاصابات الرياضيّة في مستشفى الناصرة- الإنجليزي.

أكثر الإصابات الموجودة في الجهاز العظمي...

يقول د. فارس القيش: " تعتبر الإصابات الرياضيّة من أكثر الإصابات الموجودة في الجهاز العضلي العظمي، وهي فعالية يومية لدى معظم الشباب والفتيات، إذ من الممكن أن يصاب أحدهم خلال ممارسته لهواية الرياضة أو لمهنته الرياضية ".

وتابع: " الإصابات الرياضيّة، هي إصابة في الجهاز العضلي العظمي، وبشكل عام يصاب بها الأطراف السُفلية والأطراف العلويّة، والعامود الفقري الرقبي والعامود الفقري القطني- أي القسم الأسفل من العامود، وهم من تخصص جراحة العظام ".

نقلة نوعيّة طبيّة في تخصصات جراحة العظام...

ويشير د. فارس القيش خلال حديثه، أنه مع تقدم الزمن وتطوره، أصبح يوجد تقسيم في تخصص جراحة العظام، معتبرًا أن هذه نقلة نوعيّة طبيّة وأيضًا على المستوى الخدمة الانسانيّة، حيث كان في السابق، تخصص العظام شاملاً، يعالج فيه الطبيب كل ما يتعلق بالعظام، سواء الركبة، المفاصل، العامود الفقري، كف اليد والقدم، يعالج الكسر ويزرع مفصل. بينما اليوم، أصبح الأمر أكثر مهنيّة وأصبح بإمكان الطبيب أن يعمل تخصص ثاني أدق في مجال جراحة العظام، واليوم أنا تخصصي كطبيب يختص في الطب الرياضي، والطب الرياضي متنوع فيه حالات حادة ومنها حادة ومنها مزمنة ".

وتابع: " الحالات الأساسية هي الحالات الحادة، والتي في حال لم تتم معالجتها كما يجب، يمكن مع الوقت تصبح مشكلة مزمنة ".

ما هي الإصابات الرياضيّة؟

وعن الإصابات الرياضيّة قال د. فارس القيش: " تقدر الإصابات الرياضيّة من البسيطة الى المعقدة، قد يصاب الشخص خلال ممارسته لأي نوع من الرياضة مثل كرة القدم، كرة السلة، كرة اليد، المصارعة، ولكن الإصابات الرياضيّة الأكثر شيوعًا المتعلقة بكرة القدم، إذ يمكن للاعب أن يصاب في القسم العلوي أو السفلي، أو في العامود الفقري، سواء بالرقبة أو الظهر ".

وتابع: "تبدأ الإصابات من الحالة السطحيّة والطفيفة، التي تصيب الأنسجة الضامة في الطرف العلوي أو السفلي، أو حتى أحد المفاصل المتكونة من الأنسجة الضامة، والأنسجة الضامة تتكون من جلد، عضل، الصفاق، الوتر، العصب والشريان أو ما يعرف بالاسم العلمي (soft tissue).

أو يمكن أن تكون الإصابة بالعظم التي تؤدي إلى كسر في القدم، أو ربما يصاب بكسر وتمزق بالوتر، أو كسر وقطع شريان، ويصاب العصب، وحدة الإصابة تقتضي الى اجراء عملية جراحيّة وبرنامج خاص لشفاء المريض.

بينما الإصابات العامة والأكثر شيوعًا، فهي الإصابات السطحيّة، مثل الرضوض والتمزقات العضلية، تمزقات الصفاق، أو إصابة المحفظة المفصلية " تمزق أو قطع وتر، أو كسر صغير غير متبدل لا يحتاج الى عملية جراحيّة ويمكن تثبيته عن طريق الجبس، وهذا يتعلق بمدى الإصابة وما هو النسيج المصاب، وقوة الإصابة، والعلاج يختلف بين حالة وأخرى ".

سُبل العلاج... وهل الجراحة دائمًا هي الحل؟

وفيما يتعلق بسُبل العلاج، قال د. فارس القيش: " يعتبر الكسر أقصى الحالات، لكن اذا تحدثنا عن الإصابات الرياضيّة الأكثر شيوعًا معظمها تصيب العضلات والأوتار والأربطة، وقد تؤدي الى تمزق عضلي أو قطع وتر، أو خلع مفصل الكتف- التي من الممكن أن ينتج عنها خلع للكتف، ويصبح خلع متكرر للكتف، ونتيجة هذه الإصابة ينتج تمزق بالمحفظة المفصليّة أو بالكم المدور (rotator cuff ) ويصبح غير ثابت بصير الكتف يطلع من محله وبالتالي هذا يقتضي عمل جراحي ".

وعلى سبيل المثال، اذا كانت الإصابة بالكتف، بمستوى رضة أو تمزق بإحدى العضلات أو أي شيء آخر، لنفترض انه نتج عن رفع الأثقال ممكن أن يؤدي إلى قطع عضلة ذات الرأسين، في الكثير من الأحيان ممكن أن نعالجها وأحيان أخرى لا نجري أي شيء، لأنه يبقى جزء من العضلة ثابت، ومع الوقت يتأقلم الإنسان مع اصابته، وبإمكانه عيش حياته دون الحاجة لعلاج جراحي.

" ليست كل إصابة بحاجة لعملية جراحية "...

وأكد د. فارس القيش في حديثه، أنه ليست كل إصابة بحاجة إلى اجراء عملية جراحية لمعالجتها، واليوم يوجد نقلة نوعيّة في العلاج الجراحي حتى بالإصابات الرياضيّة أكثرها عن طريق المنظار، وبما اننا تحدثنا عن خلع الكتف المتكرر، أو عدم ثبوتيته فيمكن علاج هذه الحالة عن طريق المنظار، وهي عبارة عن ثقوب التي تتم من خلال بنج عام وبواسطة المنظار نقوم بتصليح المحفظة ونقوم بلحم التمزق، ومن ثم نثبت المفصل ونعمل برنامج تقويم للمريض ويعود بعد فترة لحياته الطبيعية وممارسة الرياضة ".

الإصابات الأكثر شيوعًا...

وفيما يتعلق بالإصابات الأكثر شيوعًا، قال:إصابة مفصل الركبة: هي الأكثر شيوعًا لدى لاعبي كرة القدم، مفصل الركبة هو أكبر مفصل في جسم الانسان، وهو المفصل الذي يحمل ثقل جسم الانسان، وهو مفصل مركزي بالجسم، وأنا بهذا الصدد مدير وحدة جراحة المناظير وبالذات الركبة، وهي أكثر الجراحات شيوعًا، التي تحتاج إلى تعيين أدوار تستغرق لأكثر من شهر في الكثير من الأحيان في القسم، وهذا يدل على شيوع هذه الإصابة.

وتتراوح إصابة الركبة من الطفيفة- رضة بسيطة، إلى عضلات وأربطة، إصابة بالمحفظة المفصليّة، التي يمكن معالجتها بواسطة تبريد موضعي أول التعرض إلى الإصابة، وتناول الدواء، تناول مضادات التهابيّة مع تثبيت بسيط لفترة وراحة، ومن بعدها يرجع المريض إلى حياته العادية والطبيعية.

إصابة في الغضروف الهلالي: تعتبر هذه الإصابة من الإصابات الأكثر شيوعًا لدى الرياضيين، ويسمى بالغضروف الهلالي لأنه يشبه الهلال، ويتواجد بين عظمة الفخذ وعظمة الساق، يوجد هلال داخلي وآخر خارجي، وتلك الغضاريف مهمة جدًا.

في حال تعرض الغضروف الهلالي للتمزق، نقوم بإجراء عملية منظار، وهذه الإصابة شائعة لدى لاعبي كرة القدم وكرة طائرة وألعاب قوى، والتي تحتاج على الأغلب لإجراء عملية جراحيّة عبر المنظار.

إصابة الرباط الصليبي: تُعد من الإصابات الأكثر شيوعًا من بعد الغضروف الهلالي، حيث يتم زراعة رباط صليبي، والرباط الصليبي الأمامي مهم جدًا، لأنه مثبت أمامي للركبة، إذا لم تكن الركبة مثبتة بشكل جيد، والرباط مقطوع لا يكون تكامل متجانس بين عظمة الفخذ وعظمة الساق، وبالتالي ينتج احتكاك بين العظمتين الذي يؤدي إلى تآكل في الطبقة التي تغطي العظم على مدار سنوات تصاب بالاهتراء الطبقة الغضروفية، ويمكن أن يصل المريض إلى مرحلة يحتاج بها إلى زرع مفصل.

الركبة غير الثابتة قد تؤدي إلى تمزق واهتراء الطبقة التي تغطي العظم، يتم أخذ الوتر من جسم المريض أو من جثة متبرع، والتي ينتج عنها انقاذ للركبة ونمنع من الوصول الى مرحلة الاهتراء.

اصابة المرفق- Tennis elbow: وهي من الإصابات الأكثر شيوعًا أيضًا، والتي تسمى علميًا (tennis elbow)، لكونها تصيب الكوع وينتج هذا الالتهاب، وينتج عنها إصابة المرفق او الكوع، ولديها اسم آخر التهاب المكون الباسط التي تبسط الأصابع، والتي ينتج عنها التهاب اسمه " تنس إلبو "Tennis elbow، وعلاجها يستند في الكثير من الأحيان، على تناول الدواء ومضادات حيويّة، وعلاج موضعي للأمواج الكهربائية، وعلاج طبيعي- فيزوترابي، وفي بعض الأحيان تحتاج إلى إجراء عملية من أجل تحرير هذا المرتكز للعضلات الباسطة.

الوقاية...

وفيما يتعلق بالوقاية، قال د. فارس القيش، يوجد فرق بين الأشخاص الرياضيين المحترفين والرياضيين الهواة، عند الحديث عن الرياضي المهني او المحترف، فالحديث يدور حول طاقم من المدربين المختصين والخاصين الذين يقوموا بإرشاد اللاعب وتوجيهه، في كيفية التدرب وتقويّة العضلات، وتأدية الحركات الصحيحة، وتحديد الوقت اللازم، لكل فعالية قوانينها، حتى لو كان الشخص محترف في حال أجهد نفسه أكثر مما يجب أو أدى حركة خاطئة من الممكن أن تؤذيه وتعرضه للإصابة، التي ممكن أن تؤدي الى تمزق بالعضل أو الوتر.

أما الهواة، في الكثير من الأحيان لا يكونوا على دراية في كيفية ممارسة الرياضة بالشكل الصحيح، ومعظم الإصابات الرياضية تكون للهواة، الذين يبدأوا الرياضة بشكل غير ممنهج، وأنصحهم أن يبدأوا بممارسة الرياضة بشكل تدريجي حتى يتعود جسمهم على التمارين، مع أهمية التسجيل للصالات الرياضية، واحماء الجسم لتقوية عضلات الرجل والقدم، من المهم رفع عتبة الجهد، كلما رفعت عتبة الجهد تقل عتبة الألم.
وفي النهاية تمنى د. فارس القيش السلامة لكل من يمارس الرياضة كهواية أو كاحتراف، مؤكدًا إلى أهميّة الوقايّة من التعرض لإصابات التي من الممكن أن تؤدي إلى إصابات مؤلمة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]