ناشد بروفيسور رفعت صفدي، مرضى التهابات الأمعاء المزمنة، لاستشارة الطبيب المختص والتأكد من إمكانية الصوم بأمان. خاصةً وأن طبيعة هذا المرض تختلف من شخص لآخر وتتطلب ملائمة العلاجات والعادات الغذائية بشكل عينيّ لكل مريض وفق ما تتطلبه فريضة الصيام. لهذا يجب أخذ المشورة الطبّيّة قبل الصيام لئلا يؤدي ذلك الى مضاعفات ومشاكل صحّيّة مثل: فقدان السوائل أو خلل وتشويشات بعمل الأمعاء. كما وشدد الصفدي على أهمية الحفاظ على نمط غذائي صحيح وملائم لكل حالة، إضافةً الى الحفاظ على العلاجات الدوائية الملائمة لحدّة المرض. كما ومن الضرورة أن يعرف كل شخص كيفيّة التّصرف والتعامل الصحيح مع مرضه، وألاّ يكلّف نفسه أكثر من وسعها وطاقتها، لأنه بمواقف عديدة قد تكون هنالك نتائج مستقبليّة غير جيّده على الصحة.
موقف الدين
أما بخصوص الحالات الصعبة من مرضى الأمعاء المزمنة والتي يصعب عليها الصيام والتي تحتاج الى أدوية يومية فقد أفاد فضيلة الشيخ إيهاب الشيخ خليل: "الشريعة الإسلامية جاءت لرفع الحرج عن الأمّة وأن الدين يُسر وليس بعُسر، ولا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها، ولذلك فإن الإسلام جعل رخصة لذوي الأعذار والأمراض الذين لا يستطيعون الصيام و/أو يسبّب الصيام والامتناع عن الطعام والشراب مرض أو خطر معيّن، حيث فرض الإسلام الفِدية على من لا يستطيع الصوم رحمةً بالمرضى، وكتب لهم الأجر والثّواب على نواياهم ورغبتهم في الصوم، وذلك استشهاداً بالآية الكريمة {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ...} سورة "البقرة"- الآية 184.
تشير تقديرات جمعية نيسان الى وجود أكثر من 60.000 شخص من المجتمع العربي في البلاد، يعانون من أمراض تتعلق بالجهاز الهضمي والكبد. من بين هذه الأمراض نذكر أمراض التهابات الأمعاء المزمنة – الكرون Crohn’s Disease والتهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis. وغالباً يظهران عند الأشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين 10 الى 40 عاماً. والجدير بالذكر أن هذه الأمراض تصيب الرجال والسيدات بنفس النسبة، كما وتشير الأبحاث بأن أغلب الذين يعانون من هذه الأمراض غير مشخصين.
يعتقد الأخصائيين بأن هنالك عوامل عدة قد تكون السبب للإصابة بهذه الأمراض، منها عوامل وراثية، واخرى تتعلق بنهج الحياة وبعوامل بيئية، إضافة الى إحتمال وجود خلل ما في جهاز المناعة.
أما الأعراض الأكثر شيوعًا لأمراض التهابات الأمعاء المزمنة فهي: آلام وتشنجات في البطن، الإسهال، فقدان الوزن، التعب، تسرّب كمّية صغيرة من الدّم مع البراز، الحاجة إلى التّبرز أو عدم القدرة على التبرّز، بواسير، التهاب المفاصل، التهاب العينين، مشاكل في الجلد والتهاب في الكبد، وعند الأطفال التأخر في النمو.
بخصوص الحالات الصعبة من مرضى الأمعاء المزمنة والتي يصعب عليها الصيام والتي تحتاج الى أدوية يومية
وبالرغم من عدم وجود علاج شافٍ للمرض، إلا أن العلاج قد يقلل إلى درجة كبيرة من علامات المرض وأعراضه. لذلك من المهم جدًا التوجه للطبيب عند ظهور أي عارض من الأعراض المذكورة أعلاه والحرص على المتابعة المنتظمة وتناول الدواء الموصوف من قِبَل الطبيب المعالِج وإتباع نمط غذائي صحي، إضافةً الى ممارسة النشاط البدني بانتظام لمنع تفاقم الأعراض.
تعمل جمعيّة نيسان على رفع الوعي في المجتمع العربي لدعم الفئات التّي تعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي، أمراض الكبد، المفاصل والجلد، بمبادرة مجموعة من الأطبّاء، أخصائيّ تغذية ومهنيين في مجالات علاجية وطبية مختلفه، بهدف التشخيص المبكر واحتواء المرض بأسرع وقت وبالتالي تخفيف العبء عن المرضى، دعمهم ومساعدتهم للحصول على حياة أفضل، حيث أن هذه الأمراض تترك آثارا جسدية ونفسية قد تؤثر على اندماج الشخص في المجتمع وعلى جودة الحياة. كما وتعمل الجمعية خلال شهر رمضان المبارك على تعزيز المرضى ودعمهم وتوفير المعلومات حول طرق العلاج الحديثة الامنة، والملائمة لنمط حياتهم، والتي تسهل من حياة المرضى الصائمين. فعلى سبيل المثال، صيام شهر رمضان يكون اكثر ممكناً عندى تلقي علاجات يتم تناولها كل شهرين بدل كل يوم. ونشر الوعي لأهمية استشارة الطبيب قبل أداء فريضة الصوم.
وقالت مديرة الجمعية السيدة رينا زعبي: "نظرًا للحاجة الماسّة للتّعرف على هذه الأمراض ومن أجل رفع الوعي بين أبناء مجتمعنا والتّصدّي للآراء الخاطئة والأحكام المُسبقة لتلك الحالات، قامت الجمعية بعملها الدّؤوب لتحقيق المسار الصحيح والمناسب من خلال فهم الموضوع بشكله الصّحيح، لتخفيف العبء الصحي، النفسي والاجتماعي ومواجهة هذه الحالات من خلال الإرشادات الصّحيحة والواضحة بعيدا عن التعامل المغلوط والاختباء والخوف من مواجهة المرض". وأضافت: "بهذه المناسبة تتقدّم "نيسان" لصحّة الجهاز الهضمي، الكبد والتغذية بأجمل التبريكات وأمنيات الخير إلى أهلنا في الداخل وإلى الأمّة الإسلامية والعربيّة بحلول شهر رمضان المبارك سائلين المولى عزّ وجلّ، أن يُعيده علينا بالخير واليمُن والبركات، وأن يُعيننا على حُسن صِيامه وقيامه على النّحو الذي يُرضيه عنّا في الدُنيا والآخرة، وأن نستشعر فيه معاني التّعاضد والأُلفة، ومساعدة المحتاج والعطف على المساكين، والشُّعور مع ذوي الأعذار الذين لا يستطيعون تحمُّل مشقّة الصِّيام ورمضان كريم
[email protected]
أضف تعليق