*السيد محمد علي الحسيني
قد يعتقد البعض أن التحزب والانتماء إلى حزب سياسي أمر حديث، لكن الحقيقة أن الحزبية قديمة جداً، وإن لم تكن بمفهومها الحديث الذي هي عليه اليوم من تنظيم وهيكلة، فهي تطرح جدلاً كبيراً عن موقف الإسلام، وكيف ينظر إليها بالنظر إلى الدور الذي لعبته وتلعبه على المستوى الاجتماعي والسياسي، ولا شك أن الأحزاب السياسية أصبحت واقعاً قد تم فرضه في عصرنا الحديث باعتباره يشكل مظهراً من مظاهر الديموقراطيات الحديثة في ظل مفهوم الدولة الحديث.
ولا شك أن مفهوم الحزب له علاقة بالعملية السياسية، تطور مع العملية الانتخابية التي يسعى من خلالها للوصول إلى سدة الحكم عبر الترويج لبرامجه وأيديولوجيته وأهدافه.
إن الإسلام دين يدعو إلى الوحدة والاتحاد مع احترام الآراء واختلافها بما يخدم المصالح العليا للمجتمعات وأمنها واستقرارها، وينبذ كل أدوات من شأنها أن تضرب النسيج الوطني، فهو دين يقوم على قيم العدالة الاجتماعية والمساواة، وليس ديناً إقطاعياً نخبوياً، وإن الحزبية في منظوره لا مشروعية لها لأن أهدافها مصلحة الحزب والمنتمين إليه على حساب الاستقرار المجتمعي، فهي بمثابة وسيلة لضرب الوحدة الوطنية للشعوب والمجتمعات لذلك كان موقف الإسلام واضحاً من خلال مجموعة من الآيات القرآنية التي تؤكد أن التحزب بشكل عام هو مفهوم سلبي كقوله تعالى: «فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم»، وقوله: «ومن يكفر من الأحزاب فالنار موعده»، لذلك يدعو الإسلام إلى الابتعاد عنه باعتباره سبيلاً لتشتيت كلمة الأمة ووحدتها.
إن التجربة التي خاضتها الأحزاب الإسلامية السياسية تركت آثاراً سلبية لدى المجتمعات الإسلامية قبل غيرها، فهي كانت تشكل الأمل لدى المسلمين كونها إسلامية، لكن سرعان ما تجلت نواياها وسقطت الأقنعة، وتوضح أنها أحزاب لبست لبوس الدين لاستعطاف الناس واستقطابهم، لكنها لم تأتِ لخدمة قضايا المجتمعات ولا القضايا الإسلامية بل جاءت بأيديولوجيات خطيرة جل همها شل مفهوم الدولة والعبث بمقوماتها والسيطرة على مفاصل الحكم.
إن الأحزاب التي أطلقت على نفسها أحزاباً إسلامية هي في الحقيقة تمثل حزب الإسلام السياسي الذي ساهم من عقود في تقسيم وتفرقة وشرذمة الأمة، لقد عملوا على ضرب وحدة هذه الأمة، فالأحزاب (الإسلامية) خطفته وجعلته إسلاماً مقسماً سنياً وشيعياً، ومنهم من نسبته إلى الله، ومنهم من سمته «إخوان»، وإسلام الدعوة، وغيرها من الأسماء الإسلام منها براء، لأنها أحزاب ومجالس وحركات كلها تنطق باسم الإسلام (السياسي)، فهل الإسلام فوضها؟ ترد الآية الكريمة بنص صريح عليهم «قل الله أذن لكم أم على الله تفترون».
لقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعنا بالإسلام الواحد، وللأسف الشديد فرقتنا الأحزاب بإسلامها المشوه، وهي لا تتقبل المنتمي لحزب إسلامي آخر مختلف عنها بل تسقطه وتكفره،
وقد أشار إلى ذلك القرآن في قوله تعالى: «ومن الأحزاب من ينكر بعضه».
وعليه فإننا نحذر من دعوات أحزاب وتنظيمات وحركات الإسلام السياسي، فهي وجدت لتفرق وتشوه، ومسؤوليتنا كبيرة وعظيمة للتصدي لهم بل مواجهتهم بالفكر والحجة لوضع حد لمشروعاتهم التخريبية.
[email protected]
أضف تعليق