مسؤولة أبحاث الدواء واللقاح في جامعة "تكساس ليغ سيتي" د. هلا غصن تقول إن الأشخاص الذين أُصيبوا بكورونا، وإن كانت عوارضهم خفيفة ولم يتطلّبوا العلاج، معرّضون بشكلٍ ملحوظ لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية على أنواعها، حتى بعد الشفاء.
بعد مضيّ أكثر من عامين على جائحة كورونا، وبالرغم ممّا يشهده العالم من تقدّم علمي حول الوباء، هناك أسئلة كثيرة يعمل العلماء والباحثون جاهدين للإجابة عنها، منها ما يتعلق بطبيعة الفيروس، ومنها ما يتعلق بمضاعفات الإصابة به، وخاص بما يسمى "كورونا طويل الأمد" أو متلازمة ما بعد الإصابة بالفيروس.
تقول د. هلا غصن مسؤولة أبحاث الدواء واللقاح، قسم الصيدلة في جامعة "تكساس ليغ سيتي" والحائزة على جوائز عالمية في مضمار الطب للميادين نت إن كورونا طويل الأمد يتمثّل في استمرار العوارض لمدة طويلة بعد التعافي من الإصابة، وقد تختلف من شخص إلى آخر، وتراوح بين الإرهاق وآلام الصدر والجسم وصعوبة في التركيز، إلى سعال وضيق في التنفس، لتصل إلى مضاعفات خطِرة، كأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقد كشفت دراسة علمية [1] نُشرت مؤخراً في مجلة Nature Medicine في الـ7 من شباط/ فبراير، وهي الأولى في نوعها من حيث عدد الأشخاص والتقييم لمضاعفات الأمراض القلبية ولمدة سنة ما بعد الإصابة بكوفيد-19، أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى، وإن كانت عوارضهم خفيفة ولم يتطلّبوا العلاج، معرّضون بشكلٍ ملحوظ لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية على أنواعها، حتى بعد الشفاء، مقارنة بالأشخاص غير المصابين.
وأثبتت الدراسة، بحسب د. غصن المجلية في مجال اللقاحات أنه بعد الـ 30 يوماً الأولى من عدوى كوفيد-19، وعلى الأقل سنة بعد التعافي، يصبح الأشخاص أكثر عُرضةً لارتفاع مخاطر الأمراض القلبية كالتجلطات، وضربات القلب غير المنتظمة، والتهاب في عضلة القلب، والنوبة القلبية، والجلطات الدماغية، وغيرها، والتي تزداد نسبة ارتفاعها كلما ازدادت حدّة المرض الأولي.
وتشير نتائج الدراسة هذه، والتي تضمنت معلومات صحية عمّا يقارب 154 ألف شخص أُصيبوا بكوفيد-19 مقارنة بغير المصابين، أن هناك دليلاً واضحاً وقاطعاً على ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب لدى المتعافين خلال مدة سنة، بغض النظر عن العمر، والجنس، والعرق، والأمراض المزمنة كالسكري، والضغط، والسمنة، وأمراض الكلى.
إضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن مخاطر التعرض للمضاعفات القلبية ترتفع كلما ازدادت حدة المرض، أي إن المرضى الذين يتطلبون العناية المركزة هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب الخطِرة من المرضى الذين يتطلبون العلاج ودخول المستشفى فقط، وهؤلاء بدورهم هم أكثر عرضة لهذه المضاعفات من الذين يصابون بالعدوى، ولكن لا يدخلون المستشفى.
وشدّدت د. غصن وفق ذلك، على الحاجة الملحّة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة، وخاصة في أخذ اللقاح، للحد من الإصابة بعدوى كوفيد-19 ومنع الوصول إلى مضاعفات كورونا طويل الأمد.
وأشارت الدراسة من خلال هذه النتائج إلى أنه يجب على الحكومات والمؤسسات الصحية حول العالم أن تكون جاهزة لتحمّل هذا العبء من تبعات وباء كورونا، بحيث إن الأمراض القلبية ستزداد بسبب العدد الكبير للمصابين بكوفيد-19 حول العالم، ولهذا يجب أن تكون هناك استراتيجية صحية عالمية لمعالجة هذا الأمر لكي لا ينهك القطاع الصحي ويسبّب تبعات اقتصادية وتغيراً في العمر المتوقع.
وبحسب الدراسة التي تتحدث عنها د. غصن فإنه "يجب على الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى وتماثلوا للشفاء أن يُعلموا طبيبهم بالإصابة، لكي يكون هناك اهتمام ومعالجة سريعة لأي عوارض وإجراء الفحوص اللازمة لها".
وبما أن هذه النتائج قد أظهرت أن خطر العدوى بالفيروس يتعدى مرض كوفيد-19، يتوقع الخبراء أن تصبح الإصابة بكوفيد-19 أحد أهم العوامل في ارتفاع نسبة أمراض القلب والشرايين، وقد تفوق عوامل أخرى كالتدخين والبدانة، وأن معرفة العلماء للأسباب البيولوجية لهذه المضاعفات ستسهم في الوقاية وتطوير العلاج، تضيف مسؤولة أبحاث الدواء واللقاح، قسم الصيدلة في جامعة "تكساس ليغ سيتي".
وتختم محذّرةً "قد لا تتوقف متلازمة ما بعد الإصابة بالفيروس أو "كورونا طويل الأمد" على مضاعفات القلب فحسب، بل قد تتعداها إلى آثار أخرى سوف تظهرها دراسات لاحقة في المدى القريب".
[email protected]
أضف تعليق