في الأسابيع الماضية سمعنا في وسائل التواصل الاجتماعي عن عملية زرع قلب خنزير في جسم انسان ونجاح هذه العملية حتى هذه اللحظه ولكن السؤال اللذي يطرح نفسهُ لماذا الخنزير؟
ديفيد بينيت هو مواطن أميركي عمره 57 عاما، يعاني منذ سنوات مع مرض قلبي خطير حاول الأطباء معالجته عن طريق الأدوية ولكن دون جدوى والحل الاخير لهذه المشكلة تطلَّب عملية استبدال لقلبه، لكنه خلال ثلاثة أشهر مضت كان بينيت طريح الفراش ينتظر الموت ، وفي الوقت نفسه لم يتأهَّل لعملية نقل قلب بشري، فقرَّر أن يخضع لاختبار تجريبي جديد من نوعه، وقد منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية تصريحا طارئا لإجراء هذه الجراحة الاستثنائية من خلال سياسة "الاستخدام الرحيم " للإجراءات الطبية التجريبية وقد كانت إحدى هذه التجارب أن يتلقى قلب خنزير بدلا من قلبه البشري.
من ناحية بيولوجية وفسيولوجية هناك تقارب كبير جدا بين الانسجة الحيوانية من أنسجة الإنسان وخاصة حيوان الشمبانزي وهو يعتبر الخيار الأمثل لزراعة الاعضاء وذلك لأنها مماثلة لحجم خلايا الإنسان وكذلك لتوافق فصيلة الدم ،إلا أن الشمبانزي مدرج في قائمة الحيواناتالمهددة بالانقراض
ولذلك لا يمكن استخدامها،لذلك تم البحث عن جهات مانحة أخرى كالقرد الرباح إلا أنها أيضا غير جيدة وتكمن المشكلة في صغر حجم الأعضاء.
يعتقد العلماء حاليا بأن الخنازير هي أفضل جهة للتبرع بالأعضاء، اولا لدرجة تشابه الأعضاء من ناحية الحجم ومبنى الأنسجة وسهولة القيام بالتعديل الوراثي على هذه الأنسجة بالإضافة إلى أن خطر انتقال الأمراض وخاصة الفيروسية منخفض جدا بالأعضاء المنقولة من أجساد الخنازير.
تجدر الإشارة الى أن حيوان الخنزير يُعد مصدرا مهما في علاج أمراض الصمامات القلبية فكل الصمامات البيولوجية يكون مصدرها الحيوانات وخاصة الخنازير والتي تخضع للعديد من العمليات الكيميائية لكي تكون مناسبة للزرع في قلب الانسان.
نعود لبينيت،
الخنزير الخاص بالسيد بينيت تلقَّى 10 تعديلات جينية حين كان لا يزال في الطور الجنيني، قبل أن ينمو ليصبح حيوانا يافعا. ثلاثة من هذه التعديلات كانت كافية لإيقاف الجينات المسؤولة عن الرفض السريع لأعضاء الخنازير بواسطة جسم الإنسان، ثم أُدخلت ستة جينات بشرية مسؤولة عن القبول المناعي لقلب الخنزير في الجينوم البشري. أخيرا، إزاحة جين إضافي واحد في الخنزير لمنع النمو المفرط لنسيج قلب الخنزير، وهو مشكلة كبيرة لوحظت في تجارب سابقة على الحيوانات.
بعيدا عن النظرة الأخلاقية والدينية للموضوع وخاصة اني لست بالمقام اللذي افتي به بهذه الأمور وليس اختصاصي ولكن من الناحية العلمية الطبية فإن هذا النوع من العمليات اذا نجح وأثبت نجاحه للمدى البعيد فإنه يعتبر نقلة نوعية وقفزة كبيرة جدا في عالم الطب وخاصة عالم نقل الأعضاء، هناك الملايين حول العالم ممن ينتظرون طويلا على قوائم التبرع بالأعضاء وهذا النوع من العمليات بإمكانه إنقاذ ملايين البشر من الموت او انقاذهم من المعاناة من الأمراض العديدة.
[email protected]
أضف تعليق