الاقليات الأثنية بشكل عام تواجه سياسات مبنية على اساس الهوية، بمعنى ان تلك السياسات تبنى من قبل المجموعة السياسية المسيطرة على اساس هوية الأقلية وانتماءها القومي. هذا اساس عنصري بحت وعار عن العدل والمساواة ويمس كثيرا بحقوقها وبمكانتها. (جمال،2016).
الأقلية العربية في إسرائيل ليست استثناء وانما قد تكون الحالة التي تمثل هذه السياسة. الأقلية العربية في إسرائيل تواجه سياسة غير عادله متجذره في بناء الدولة وبمفاهيم المجموعة المسيطرة. في هذه الحالة المشاركة السياسية للأقلية تصبح امرا ضروريا للحفاظ على وجودها القومي والثقافي. تصبح المشاركة امرا مصيريا وليس فقط مجرد حق سياسي لتلك الأقلية، لأنها لن تحصل حقوقا بشكل تلقائي من الإطار السياسي الموجودة فيه وانما يصبح السائد هو انتهاك تلك الحقوق بشكل مِمنهج. دحر الأقلية عن اي إطار او وسيلة تستطيع من خلالها تعزيز حقوقها او لمنع ذلك الظلم عنها يكون النهج المتبع. في كثير من الحالات المشابهة تتراجع مشاركة الاقليات السياسية لأنها تدرك ان تلك المشاركة ما هي الا شكلية، صورية وغير فعالة في تغيير وضعها القائم. (Crowley,2001).
في المجتمعات المتنوعة قد تشترط المجموعة المسيطرة تمثيل الأقلية بقبولها القيم العليا لتلك المجموعة الامر الذي يخلق تمثيل وهمي. مثلا، تشترط إسرائيل تمثيل الأقلية العربية بقبول هويتها الصهيونية اليهودية، مجرد وجود هذه القيم في بناء هذه الدولة هو تشويه لمبدأ المساواة. فهذه القيم تعطي افضلية لليهود مقابل العرب. في هذه الحالة يكون اساس البناء غير سليم ولا يمكن خلق مساواه تامه مع تلك القيم وستبقى الأقلية العربية مضطهده وتعاني من التمثيل الوهمي الفارغ من قدرته على التأثير. بذلك تكون غير قادره على تحسين وضعها بشكل ذاتي، ستكون متعلقة وتابعة بشكل كبير للمجموعة المسيطرة التي بيدها كل مفاتيح التغيير والقوه المطلوبة لأجل تحسين اوضاع الأقلية. ( جمال،2006).
على غرار هذا الوضع العبثي للأقلية العربية في إسرائيل يصبح حتميا عليها خلق بديل يعزز قدرتها على الصمود والتقدم ومتابعة قضاياها المجتمعية اليومية. هذا البديل متشعب لعدة مجالات مختلفة: اجتماعيا يتمثل في مؤسسات اجتماعية قادرة على تسيير امور المجتمع او العمل على الفجوات التي فيه. سياسيا يتمثل في المشاركة الخارج مؤسساتية مع الاستمرار في المشاركة المؤسساتية، وتعزيز المشاركة النابعة من الانتماء وليس المشاركة الرد فعلية. (هرمن, 2017). المشاركة السياسية الخارج مؤسساتية هي تلك المشاركة التي يبادر لها المجتمع بشكل ذاتي لأجل تغيير الواقع بدون علاقة لمؤسسات الدولة، مثل حركات سياسية، احتجاجات وغيرها، هذا النوع من المشاركة هو الباب الاقوى المفتوح امام الأقلية العربية. حيث تستطيع تنظيم ذاتها بقواها الذاتية لأجل الضغط على مؤسسات الدولة لتغيير واقعها. المشاركة السياسية المؤسساتية التي تتمثل في التمثيل البرلماني، المشاركة في الانتخابات او الانتساب لحزب معين تعتبر محدودة الافق جدا امام الأقلية العربية نتيجة لتجذر مفاهيم غير عادله في مؤسسات الدولة التي تمنع من العرب تحقيق حقوقهم او حتى الاقتراب من ذلك لان المفهوم السائد هو اصلا يلغي هذه الحقوق او يحققها بشكل جزئي. غالبا ما تكون المشاركة الخارج مؤسساتية مبنيه عل الانتماء والالتزام بمصالح المجتمع الذي يتبع له الفرد، فهو يبادر بمحض ارادته لتغيير واقع مجتمعة بطرق تخدم المجتمع ككل.
ما رأيناه في المجتمع العربي في الفترة الأخيرة يدل بشكل واضع على تعزيز التوجه للمشاركة غير المؤسساتية وقد ظهر ذلك في التنظيم السياسي الداخلي ضد سياسات الدولة، الحركات الشبابية التي قامت في السنوات الأخيرة، التغيير الجذري في طريقة الاحتجاج والتظاهر، التعبير الواضح عن رغبة المجتمع في التحرر من الطرق التقليدية لتحصيل الحقوق واتباع طرق أكثر تعبيرية وحادة عن حاجات.
مشاركة الموحدة في الاتلاف الحكومي الاسرائيلي لأول مره منذ قيام الدولة هو خوض تجربه ليست بالسهلة بتاتا، فهذه المشاركة ستكون مشاركه غير مكتملة او وهميه لأنها ستصطدم بالقيم العليا التي وضعتها الدولة لنفسها واشترطت مشاركة الأقلية السياسة بقبول تلك القيم التي تشكل ارضيه صلبه متجذره من عدم المساواة والتهميش.
[email protected]
أضف تعليق