التحدي الأول لكل عضو كنسيت عربي يسعى للمشاركة في الحيّز العام الإسرائيلي هو تحدي نطق اسمه. عليه أن يأخذ في عين الاعتبار أن معظم الصحفيين والكتاب لن يكونوا دقيقين في نطق اسمه أو حتى في تهجئته وأحيانًا سيتم حذفه وسيظل ببساطة "عضو الكنيست العربي".
في الأشهر الأخيرة سمعت من الصحفيين صيغات لا حصر لها لإسمي؛ انه حقًا مدهش عدد الطرق المختلفة التي يمكن للمرء أن يلفظ بها مثل هذا الاسم القصير. يشهد هذا التحدي الصغير أكثر من أي شيء آخر على سطحية التعامل مع المواطنين العرب في إسرائيل. لا يهم حقًا التحقق من الاسم أو كيفية تهجئته. إنهم هنا، لكنهم ليسوا معنا حقًا، هم بجانبنا.
بعد أن ينجح عضو الكنيست العربي في التغلب على تحدي النطق، ينتقل إلى التحدي الثاني، تحدي السياق. تجري وسائل الإعلام مقابلات مع العرب، ولكن في أغلب الأحيان تدور هـذه المقابلات حول العرب فقط. بصفتك مسؤولاً منتخبًا، سوف يسعون إلى التحدث إليك عن العنف والجريمة والفقر في المجتمع العربي- ولكن إذا كنت شريكًا في نضال عام حول قضايا اقتصادية تهم الدولة، فيبدو أنك ستجد أن وسائل الإعلام مهتمة بشركائك في النضال أكثر من اهتمامهم بك لأن اليهود يمكنهم التحدث في أي شيء، بينما يُسمح للعرب التحدث عن أنفسهم وحسب.
يعكس موقف وسائل الإعلام في هذه الحالة حقيقة أوسع بكثير. يوجد اليوم قبول أكبر للعرب في الأماكن العامة، لكن هذا القبول لا يزال من مكان السيادة وليس من مكان الشراكة. "يساعدوننا" في مكافحة الجريمة، "يمنحوننا" الميزانيات، ولكن لم ينضجوا بعد للسماح لنا بالشراكة الكاملة في صنع القرار. يمكننا أن نكون شركاء في شؤوننا، لكننا بعيدون عما هو ليس "عربياً" في جوهره.
موارد الدولة تكاد تكون كلها حصرية في أيدي اليهود، ويتم منح معظم العرب في المناصب العليا مناصب "عربية" بالتعريف - "رئيس إدارة تحسين الخدمات الحكومية في البلدات العربية"، "رئيس هيئة التنمية الاقتصادية في المجتمع العربي". يكاد لا يوجد "رؤساء" عرب في نطاقات غير عربية ويكاد لا يكون وجود مواطنين العرب في المناصب العليا "الإسرائيلية العامة". يحدث هذا أساسًا بسبب نفس المفهوم السيادي الذي لا ينظر إلينا كشركاء حقيقيين في جميع موارد الدولة، بل في أفضل الأحوال كشركاء في تحديد موقف الدولة تجاهنا.
ستأتي المساواة الحقيقية نتيجة لواقع يكون فيه المجتمع العربي ومستقبله مفهوم ضمنا في اعتبارات جميع صناع القرار. وهذا لن يحدث بدون الشراكة محل السيادة والسماح بمشاركة صحيحة وحقيقية للمواطنين والمواطنات العرب في جميع مراكز صنع القرار في الدولة. لم يعد يصح للعرب أن يكونوا مسئولين عن العرب فحسب، بل حان الوقت للعرب أن يكونوا مسئولين عن كل المجالات- التعليم، الثقافة، النقل، الصحة، الإعلام. لا تخافوا، نحن أقلية، سنكون بحد أقصى 20٪ من صناع القرار.
حان الوقت لبناء الطابق الثاني من الهوية المدنية. لا أحد منا، يهودًا وعربًا، يريد التخلي عن هويتنا القومية أو الثقافية أو الدينية. ولكن إلى جانب كل هذه الهويات، هناك أيضًا هوية مدنية تربطنا - هوية العيش معًا. هوية اللغة (حتى لو كنا في هذا السياق، نحن العرب، أكثر تقدمًا من اليهود في فهم لغة الآخر)، هوية الثقافة المشتركة، وقبل كل شيء: الحياة اليومية والتعارف بين الأشخاص، أقوى من أي شيء آخر. يجب علينا تعزيز المشترك وبناء طابق ثاني مشترك فوق الطابق الأول المنفصل، في جميع مجالات الحياة.
هذا في رأيي هو التحدي الأهم لتعميق الشراكة بين مواطني الدولة يهودًا وعربًا. لا نحني رؤوسنا امتنانًا على الرغبة المهمة في معالجة مشاكلنا، بل نطالب بالانتقال إلى المرحلة التالية، وهي مرحلة الشراكة في صنع القرار. نقل الحيز العربي عن الهوامش المدنية نحو المراكز والمناصب القيادية في كافة أطياف الحيز العام.
[email protected]
أضف تعليق